صحيفة اللوموند 2 أيار 2014 بقلم
مراسلتها الخاصة في طرابلس لور ستيفان Laure Stephan
استعاد
الجيش اللبناني السيطرة على الأحياء المتقاتلة في طرابلس منذ شهر نيسان. أعرب
محمود كوجا (49 عاماً) الذي تعرض لرصاص أحد القناصة وفقد إحدى عينيه في نهاية عام
2013، وكان سجيناً سابقاً في سجن تدمر في نهاية الثمانينيات، عن رضاه قائلاً: "توقفت
المواجهات في لحظة واحدة، إنه أمر يشبه السحر". ولكن محمد كوجا والكثيرين
يتساءلون: لماذا لم يتم التوصل إلى هذه الهدنة مبكراً؟ لقد أدت المواجهات إلى مقتل
160 شخصاً وجرح المئات خلال السنوات الثلاثة السابقة.
حصل
الجيش اللبناني هذه المرة على الضوء الأخضر من القادة السياسيين لإنهاء العنف في
طرابلس، ثم تتالت الاعتقالات أو استسلام المقاتلين. لقد هرب القادة المحليون وبعض رؤساء
الميليشيات النافذين بعد تحذير عرابيهم لهم. وهكذا تراجعت الخطابات الطائفية
الحاقدة بعد انتشارها كالسم، وتمت مصادرة الأسلحة الثقيلة في حي باب التبانة السني
وحي جبل محسن العلوي. قال أحد سكان جبل محسن إبراهيم أحمد محمد الذي أصبح مشلولاً
اليوم: "إننا لعبة بأيدي القادة السياسيين في لبنان الذين قرروا إظهار
قوتهم عبر المعارك في طرابلس واستغلال النزاع السوري". تعرض إبراهيم أحمد
محمد إلى رصاصة في نخاعه الشوكي عندما كان يقوم بتركيب لوحات معدنية بدلاً من
النوافذ الزجاجية في منزله.
تم
التوصل إلى هذه الهدنة الهشة بعد تشكيل الحكومة اللبنانية في شهر شباط الماضي،
وتبدو هذه الهدنة ثمرة للتسوية بين الأطراف السياسية المتنازعة. قال أحد المحللين:
"أحس الجميع بأن الحريق في طرابلس يمكن يجتاح البلد بأسره. هناك عدد كبير
من الرجال السياسيين المهووسين بإشعال الحرائق، وهم من جميع الأطراف. من السهل
إطفاء الحريق عندما يُعرف مصدره".
وعدت
الحكومة اللبنانية بتعويض المتضررين لكي تلتئم الجروح، وأعدت لائحة بالأضرار
والدمار. يؤكد الجميع في كل حي أن التعايش ممكن، دون أن يتجرؤوا على الاعتقاد
بإمكانية التوصل إلى سلام حقيقي. أعرب إبراهيم أحمد محمد عن قلقه قائلاً: "يمكن
أن تتحول طرابلس بسرعة إلى صدى للتوترات اللبنانية أو السورية".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق