مجلة اللوبوان الأسبوعية 26
حزيران 2014 ـ مقابلة مع وزير الدفاع الفرنسي السابق جان بيير شوفنمان Jean-Pierre Chevènement ـ أجرى المقابلة إيف كورنو Yves Cornu
سؤال: غادرت
الولايات المتحدة من العراق، وسوف تنسحب من أفغانستان، ويتدخلون بشكل أقل في الشرق
الأوسط. هل هذا التراجع مرتبط برئاسة أوباما أم أنها نزعة أكثر قوة؟
جان
بيير شوفنمان: يبدو لي أن باراك أوباما يتمتع بقدرة جيدة على
النظر للأمور من بعيد. لو لم يرتكب جورج بوش حماقة التدخل في العراق، لما كان على
باراك أوباما الانسحاب. إن هذه المغامرة لوثت تدخلاً آخر، مشروعاً هذه المرة، ضد
نظام الطالبان في أفغانستان. في القضية السورية، أعتقد أنه تحلى بالكثير من
الشجاعة لكي يقاوم وسائل الإعلام والمؤسسة العسكرية التي كانت تضغط عليه من أجل التدخل
فيما يظهر أكثر فأكثر أنها حرب دينية. لا يمكن إصلاح الخطأ المرتكب في العراق.
يمكن توجيه الكثير من الانتقادات إلى الدكتاتورية العلمانية لصدام حسين، ولكن كان
لدينا نفوذاً كبيراً عليه. إن ممارسة ضغط قوي سيكون أقل كلفة من حل الجيش العراقي
ونشر الفوضى في البلد على حساب مئات آلاف القتلى، بشكل أدى في النهاية إلى نظام يدور
في الفلك الإيراني بشكل واضح.
سؤال:
كيف يمكن الخروج من هذا المنطق؟
جان
بيير شوفنمان: هناك أغلبية شيعية صريحة في العراق، ولكن كان
بإمكان الأمريكيين أن يحاولوا بناء نظام أكثر توازناً بشكل يسمح للسنة بإسماع
صوتهم والحصول على إدارة ذاتية حقيقية مثل الأكراد دون أن يؤدي ذلك إلى تدمير
الدولة العراقية. خلقت اتفاقيات سايكس ـ بيكو دولاً حول العواصم العربية القديمة
في دمشق وبغداد مع الأخذ بعين الاعتبار بعض التنوع العرقي والديني. ولكن في بعض
الأحيان هناك عجز غربي في التعامل مع بعض المفاهيم على الرغم من أن الغرب هو الذي
اختلقها بنفسه، ويراهن الأمريكيون بشكل أكبر على الطائفية.
سؤال:
يعطي الأمريكيون الانطباع بأنهم أصبحوا يعطون الأولوية إلى الشرق الأقصى.
جان
بيير شوفنمان: أصبحت السياسة الخارجية الأمريكية تتمحور حول
الصين. إن الانحطاط الأمريكي حتمي، ولكنه محدود، وسيكون بطيئاً جداً. بما أن
الولايات المتحدة لا تستطيع القيام بدور الشرطي في العالم بأسره، فإنها تقوم
بسياسة هيمنة ذكية جداً ومبنية على التحالفات والتوغل الاقتصادي وجاذبيتها
الثقافية بدلاً من غزو الأراضي. كما أنها ما زالت تتمتع بقوة عسكرية هائلة لا
تقارن مع مثيلتها الصينية، إن الموازنة العسكرية الصينية أقل بسبعة مرات من
مثيلتها الأمريكية على الرغم تعزيز الوسائل العسكرية الصينية. ستبقى الولايات
المتحدة القوة العسكرية الأولى خلال عدة عقود.
سؤال: هل
تستطيع أوروبا أن تأخذ مكانها في عالم تقولون أنه ثنائي القطب؟
جان
بيير شوفنمان: إن الجواب سيكون بالنفي إذا نظرنا إلى أوروبا عبر
الاتحاد الأوروبي. لأنه ليس هناك شعور كافي بالانتماء لكي توافق الدول التي يحظى
موقفها بالأقلية على الانضمام إلى الأغلبية، ولأن السياسة العسكرية والخارجية ما
زالت تابعة للدول. تمثل أوروبا مزيجاً معقداً من القوى العاجزة. ولكن إذا كانت
هناك سياسات مشتركة بين فرنسا وألمانيا وبريطانيا حول بعض المسائل الكبرى مثل
العلاقات مع روسيا وكيفية فهم الصعود الصيني والأمن والتنمية في أفريقيا، فإن
أوروبا في هذه الحالة بإمكانها الاستمرار في القيام بدور في عالم الغد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق