صحيفة اللوموند 12 حزيران 2014 بقلم
مراسلها في استانبول غيوم بيرييه Guillaume Perrier
بدأ
اللاجئون العرب والأكراد والمسيحيون بالتدفق باتجاه المناطق الشمالية العراقية
التي تقع تحت السيطرة الكردية منذ بداية حصار الموصل بتاريخ 7 حزيران. أشارت
الحكومة الذاتية الكردية في العراق إلى أن مئة وخمسين ألف شخص على الأقل عبروا
حدود المنطقة الكردية. كما اضطر محافظ منطقة نيفين إلى نقل مكاتبه إلى داهوك في
كردستان. أكدت السلطات الكردية أن وضعت تحت حمايتها أكثر من عشرة ألاف جندي من
الجيش العراقي المهزوم، وأشار الناطق الرسمي باسم "الجيش الوطني الكردي ـ
البشمركة" إلى أنه تمت استعادة كميات كبيرة من الأسلحة والعربات المدرعة،
ولكن "الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام تمكنت من الاستيلاء عليها
لاحقاً".
من
الممكن أن تكون الحكومة الكردية المنتصر الوحيد في الفوضى الحالية على الرغم من
الوجود المُقلق للدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام على أبوابها، نظراً لأن
أربيل تقع على بعد مئة كيلومتر تقريباً من الموصل. تمثل أربيل المحافظة المستقرة
الوحيدة في هذه المنطقة، وهي القوة الوحيدة القادرة على ايقاف التقدم الجهادي
عسكرياً. أصبحت الحكومة الذاتية الكردية في وضع قوي للتفاوض مع بغداد في نزاعهما
المفتوح حول تقاسم السلطة.
سيطر
متمردو الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام أيضاً على ست مدن تقع غرب و وجنوب
مدينة كركوك، وأصبحوا يهددون أيضاً هذه المدينة المختلطة بين العرب والأكراد
والتركمان بالقرب من الحقول النفطية. تؤكد أربيل "أن ما حصل في الموصل لن
يتكرر في كركوك". يعتبر أكراد العراق أن مدينة كركوك هي مهدهم التاريخي،
وانتشرت بعض القوات لكي تحل مكان الجيش العراقي.
يبلغ
عدد عناصر البشمركة حوالي 250.000 جندي، وحصلوا على التدريب والسلاح الأمريكي منذ
وقت طويل، وهم مستعدون للتدخل "من أجل حماية المناطق الكردية الواقعة خارج
الإدارة الكردية" كما قال رئيس الحكومة الذاتية الكردية نيشرفان بارزاني
يوم الثلاثاء 10 حزيران. طلب نوري المالكي دعم المنطقة الكردية الذاتية، ولكنه حذر
من أي تدخل دون تشاور. تشكل الموصل وكركوك جزءاً من الأراضي التي يطالب بها
الأكراد، ولكنهما تحت إشراف السلطة المركزية من الناحية الرسمية.
قال
الباحث فلاديمير فان فيلجينبيرغ Wladimir Van Wilgenburg
في مؤسسة جيمستاون Jamestown: "سيغتنم
الأكراد هذه الفرصة من أجل تعزيز مواقعهم وتوسيع أراضيهم. أصبحوا يسيطرون على مركز
الرابية الحدودي مع سورية. تعرض الأكراد اليزيديون إلى المجازر في هذه المنطقة دون
أن يفعل المالكي أي شيء لحمايتهم". إن ضعف نوري المالكي ربما سيحث أكراد
العراق على تسريع انفصالهم.
هناك
نزاع خفي يؤثر على العلاقات مع الحكومة في بغداد. يتمتع الأكراد بحكم ذاتي واسع،
ووقعوا مع تركيا على اتفاق لتصدر النفط مباشرة باتجاه الشمال بدعم من كبرى الشركات
النفطية العالمية. تعتبر بغداد هذه التجارة "غير قانونية"، وردت
بتجميد رواتب الموظفين الحكوميين في كردستان. ربما يسمح هذا الوضع للأكراد بأن
يصبحوا "صانعي الملوك" في العراق، أو حتى أن يفرضوا أنفسهم
كوسطاء بين بغداد والقبائل العربية المؤيدة للمتمردين السنة، وربما حاولوا سابقاً
القيام بهذا الدور في الفلوجة.
يتردد
القادة الأكراد حيال اعطاء نوري المالكي سلطات موسعة أثناء التصويت على حالة
الطوارىء. من جهة أخرى، تعرض الأكراد أيضاً لضربات الجهاديين خلال الأشهر الأخيرة.
لقد انفجرت سيارة مفخخة أمام مبنى الأجهزة الأمنية في أربيل في شهر أيلول 2013،
وأدت إلى مقتل ستة أشخاص. كما تبنت الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام عملية
التفجير المزدوجة ضد مباني الاتحاد الوطني الكردستاني، أحد أكبر حزبين كرديين
ولكنه ليس الحزب الحاكم، يومي الأحد والاثنين 8 و9 حزيران، وأدى الانفجار إلى مقتل
38 شخصاً. لم تشهد العاصمة الكردية أي انفجار منذ عام 2007.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق