صحيفة الليبراسيون 6 حزيران 2014
بقلم الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية IFRI
مارك هيكر Marc
Hecker
ما
زال الجهاد في سورية يجذب متطوعين جدد، ويترافق ذلك مع تسارع عدد العائدين منهم
إلى دولهم الأصلية. يعود سبب هذه الظاهرة إلى تزايد المواجهات الدامية بين
الجهاديين. جرت الحلقة الأخيرة من هذه المواجهات في شهر أيار عندما طلب الناطق
الرسمي باسم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام من أيمن الظواهري الإعلان عن
حل جبهة النصرة وأمر عناصرها بإعلان ولائهم إلى أبو بكر البغدادي.
تثير
هذه المواجهات بين الجهاديين ثلاثة أنواع من ردود الفعل لدى المتطوعين الأجانب:
يطيع بعضهم الأوامر ويشارك بالمعارك الدامية، وينسحب البعض الآخر مؤقتاً إلى بعض
الدول المجاورة بانتظار وضع أفضل، ويختار البعض الآخر العودة إلى بلدانهم الأصلية.
تمثل عودة هؤلاء الجهاديين المتمرسين خطراً لدرجة أن رفاقهم القدماء في السلاح
يعتبرونهم جبناء أو حتى خونة، ولهذا السبب يمكن أن ينتقلوا إلى الفعل من أجل تحسين
صورتهم.
على
أي حال، إن عودتهم المتسرعة وغير المنظمة لا تمثل كارثة كبيرة بالضرورة: من
المحتمل أنه لم يتسن لهم الوقت لإعداد عمليات تفجير معقدة، ومن الممكن أن تقتصر
عملياتهم على بعض محاولات الهجوم البدائية. بمعنى آخر، لن يكون هناك تفجيرات شبيهة
بما حصل في 11 أيلول قريباً. كانت تفجيرات 11 أيلول مفاجأة استراتيجية للولايات
المتحدة وحلفائها الذين بدأوا بتركيز انتباههم على الحركة الجهادية منذ ذلك الوقت.
لا شك أن الأجهزة المختصة ستنتبه إلى الآثار التي يُخلفها الإعداد لعمليات تفجير
ضخمة، كما أن أنظمة الرقابة تطورت كثيراً منذ عام 2001. إن العمليات الأكثر
احتمالاً على المدى القصير والأكثر صعوبة في منعها هي الهجمات البسيطة، على نمط
محمد المراح، التي ترتكبها خلايا إرهابية صغيرة جداً أو حتى أفراد معزولون.
على
المدى الطويل، يمكن أن تتخذ التهديدات القادمة من سورية أو من مناطق جهادية أخرى
أشكالاً أكثر تنظيماً. يمثل الصبر إحدى الصفات الأساسية للحركة الجهادية، والدليل
على ذلك أن تفجيرات 11 أيلول وقعت بعد أكثر من عشر سنوات على الانسحاب السوفييتي من
أفغانستان. تتمنى الدول الغربية نسيان
المأساة السورية، ولكن نتائجها السلبية ستستمر خلال عدة سنوات: ربما تكون مجزرة
بروكسل مجرد بداية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق