صحيفة اللوموند 21 حزيران 2014 بقلم إيف
ميشيل ريولز Yves-Michel
Riols
في الوقت الذي أعلن فيها باراك أوباما عن
إرسال مستشارين عسكريين إلى بغداد، أظهرت فرنسا حذراً كبيراً تجاه تدهور الوضع في
العراق. اجتمع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يوم الخميس 9 حزيران بالمجلس العسكري
المصغر بحضور وزيري الدفاع والخارجية وقائد الأركان الجنرال بيير دوفيلييه Pierre
De Villiers. أشار مصدر
حكومي إلى أنه "لم يتم تفعيل عمل وزارة الدفاع" في هذه المرحلة،
بمعنى آخر، لا تفكر فرنسا في الوقت الحالي بالمشاركة في الإجراءات المحتملة "للرد"
في العراق، وأكد هذا المصدر قائلا: "كما أنه لم يطلب أحد منا ذلك".
أصدر قصر الإليزيه بياناً عقب هذا الاجتماع
مشيراً إلى أن فرنسا "قلقة جداً" من تقدم المقاتلين الجهاديين في
الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام. ولكن هذا الاجتماع يهدف فقط إلى توجيه
رسالة سياسية إلى السلطات العراقية، ودعت باريس إلى تقديم "رد حاسم
وعاجل" على تهديد الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام، مؤكدة على أن
الحل العسكري "لا يشكل إلا جزءاً من الحل" الذي يجب أن يتضمن
أيضاً تشكيل حكومة وحدة وطنية. تشير باريس بوضوح إلى أنها في الخط الثاني للنزاع،
قال دبلوماسي فرنسي رفيع المستوى: "ليس لدينا حاملة طائرات وباسادران في
المنطقة" في إشارة إلى انتشار
عدة سفن حربية أمريكية في الخليج وتعبئة قوات النخبة في الجيش الإيراني.
تُعبّر التصريحات الفرنسية عن شعور بالعجز تجاه
أزمة لا تتحكم بها فرنسا، وعن الغضب الواضح تجاه الولايات المتحدة. تعتبر باريس أن
الفوضى العراقية ليست إلا "امتداداً للأزمة السورية"، وهذا يعني
انتقاداً غير مباشر لرفض الرئيس أوباما القيام بقصف نظام بشار الأسد في نهاية شهر
آب 2013 على الرغم من أن فرنسا كانت تؤيد الضربات الجوية. أعرب مصدر فرنسي عن أسفه
قائلاً: "قلنا في ذلك الوقت أنه إذا لم يتم تحمل مسؤولية هذا النزاع،
فإننا سنواجه بعض التعقيدات. تُظهر الأزمة الحالية خطر السماح بذلك".
يؤكد مستشارو الرئيس هولاند على أنه في الوقت
الحالي "يجب على كل طرف أن يقوم بدوره"، وذلك للتأكيد على أن
باريس ليست في الخطوط الأولى للنزاع. تقول باريس أنه يجب على الأطراف الرئيسية
والعراقيين أنفسهم والولايات المتحدة أن يكونوا الأطراف المُحرّكة لتقديم رد
دبلوماسي ـ عسكري. قال أحد الدبلوماسيين: "لسنا نحن الذين ننظم الرد
الأمني. في الوقت الحالي، لم يُطلب منا المساعدة، وسنرى عندما يحين الوقت".
أشار خبير عسكري إلى أن قدرة فرنسا على تقديم المساعدة "محدودة"،
وحتى في مجال الاستخبارات، لأن الولايات المتحدة والدول المجاورة "تملك
وسائل أفضل" في هذا المجال.
تقول
باريس أنه ليس لديها أية نية بالانجرار في معركة متسرعة، وتشترط أية مشاركة محتملة
في العراق بشرطين: الأول هو التشاور الوثيق مع الدول المجاورة من أجل الحصول على
دعم دبلوماسي واسع، وهذا هو السبب في اللقاءات المتعددة التي أجراها الرئيس هولاند
مع قادة المنطقة. قام هولاند باستقبال الابن الأكبر للملك السعودي الأمير متعب بن
عبد الله في باريس يوم الأربعاء 18 حزيران، كما استقبل الرئيس اللبناني الحالي
ميشيل سليمان يوم الخميس 19 حزيران، ومن المفترض أن يتحادث مع رئيس الوزراء التركي
رجب طيب أردوغان يوم الجمعة 20 حزيران، كما سيلتقي مع أمير قطر تميم بن حمد آل
ثاني يوم الاثنين 23 حزيران في باريس.
الشرط الثاني هو عدم قيامها بدور القيادة، وأن
أي تحرك سيكون استجابة لطلب رسمي. في الوقت الحالي، أكد الناطق الرسمي باسم وزارة
الخارجية الفرنسية رومان نادال Romain Nadal يوم الثلاثاء 17 حزيران أن "السلطات العراقية وجهت طلباً
إلى المجتمع الدولي، وليس إلى فرنسا بشكل خاص". أكد أحد الدبلوماسيين
قائلاً: "لن يكفي القصف عبر الطائرات بدون طيار. لا يمكن دعم الرد إلا في
إطار جهد سياسي يمر عبر توحيد الطوائف العراقية". بعبارة أخرى، لا مجال
لتوقيع شيك على بياض لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي أدت سياسته الطائفية
إلى تأجيج التوترات في بلده.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق