صحيفة اللوموند 3 حزيران 2014 بقلم
بنجامان بارت Benjamin
Barthe
من
يُصدّق ان بشار الأسد يستعد للبقاء ولاية ثالثة على رأس الدولة السورية بعد ثلاث
سنوات من بداية الثورة السورية؟ إن جلاد ملايين العائلات الحزينة المهاجرة أو
النازحة يُفترض أن يرث لقب الرئيس مرة أخرى بفضل انتخابات حسب الطلب يوم الثلاثاء
3 حزيران في المناطق الواقعة تحت سيطرة جيشه. إن تنصيب رئيس الدولة عبر الانتخابات
وليس عبر ممارسة أسلوب الاستفتاء الذي وضع أسسه والده حافظ الأسد خلال السبعينيات،
لن يُغير من الأمر شيئاً. لقد تم القيام بكل شيء من أجل السيطرة على نتيجة التصويت
مسبقاً.
إن
سمعة المرشحين الآخرين معدومة: الأول، ماهر الحجار هو نائب عن مدينة حلب، والثاني،
حسان النوري وهو رجل أعمال يقوم بصناعة دهان الأحذية، الأمر الذي يجعل دورهما
يقتصر على إضفاء الأهمية لانتخاب الرئيس الحالي. تأتي الوفود المكلفة بالإشراف على
الانتخابات من الدول الحليفة لدمشق التي تتصف بتقاليدها الديموقراطية الغامضة مثل
إيران وروسيا وأوغندا وفنزويلا وطاجيكستان...، الأمر الذي يضمن طاعتهم. أخيراً، من
المفترض أن يكفي الخوف من الانتقام في حال الامتناع عن التصويت لكي تمتلىء مراكز
الانتخابات، وهذا ما أظهره التدافع أمام السفارة السورية في لبنان في يوم التصويت.
إذاً،
لا تتوجه هذا الانتخابات الخادعة إلى الشعب السوري، ولا حتى إلى أولئك الذين يضعون
النظام والتمرد على قدم المساواة، بل تتوجه إلى الرأي العام الغربي والمسؤولين
الغربيين باعتبارهم عنصراً من إستراتيجية إعلامية تهدف إلى تثبيط أية مبادرة ضد
بشار الأسد. قال أحد رموز المعارضة الليبرالية ميشيل كيلو: "تمثل هذه
الانتخابات رسالة من النظام إلى المجتمع الدولي لكي تقول له: يجب عليكم نسيان أي
أمل بالعملية الانتقالية السياسية، وأن الحل الوحيد للنزاع هو حلنا".
وأكد أحد الدبلوماسيين الفرنسيين قائلاً: "تمثل هذه الانتخابات امتداداً
سياسياً للهجوم العسكري الحالي، إنها شكل لإغلاق الباب أمام أي خطة للسلام وهروب
النظام إلى الأمام وتحصين سورية المفيدة".
من
المحتمل أن تكون نتائج إظهار هذه القوة محدودة. لا شك أن السلطة السورية أحرزت
نقطة مع استقالة وسيط الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي الذي قام برعاية جولتي
المفاوضات في جنيف، ووضع النظام في موقف غير مريح. يستطيع النظام التباهي بأنه وضع
المسمار الأخير في نعش خطة السلام التي كان يحملها هذا الدبلوماسي الجزائري، وذلك
بعد الإعلان عن ترشيح بشار الأسد للانتخابات الرئاسية. لقد دعا بيان جنيف عام 2012
إلى حكومة وحدة وطنية تتمتع بكامل الصلاحيات التنفيذية، الأمر الذي يعني إبعاد
الرئيس. ولكن حرمان الدبلوماسيين الغربيين من هذه الوسيلة لم يجعلهم أكثر اقتناعاً
بحجج دمشق. لقد التقى الرئيس الأمريكي ونظيره الفرنسي كل على حدة مع رئيس الائتلاف
الوطني السوري أحمد الجربا مؤخراً، ورافق هذان اللقاءان تغطية إعلامية كبيرة بهدف
إزالة أي غموض.
لم
تتردد مجموعة "أصدقاء سورية" في وصف الانتخابات بأنها "محاكاة
ساخرة للديموقراطية" أثناء اجتماعها في لندن بتاريخ 15 أيار. وحتى أولئك
الذين يُطلق عليهم معارضة الداخل في دمشق ويدافعون عن مواقف أقل حسماً من الائتلاف
الوطني السوري، لم يتنازلوا أمام إنذارات النظام. هذا هو الحال بالنسبة لأحد
المنشقين اليساريين لؤي حسين الذي انتقد عسكرة التمرد، ودعا الجميع إلى مقاطعة
الانتخابات.
لم
يحقق النظام بعض النجاحات إلا على الصعيد العسكري. تقدمت قواته خلال الأشهر
الأخيرة بمساعدة حزب الله، ولاسيما في شمال دمشق على أمل إعادة تشكيل الغلاف
الأمني حول العاصمة. ولكن الكتائب المتمردة تقدمت أيضاً في منطقتي إدلب ودرعا خلال
الأسابيع الماضية على الرغم من القصف المستمر. نشهد اليوم تعزيزاً لمواقع جميع
الأطراف ومن بينهم الجهاديين المتمركزين في شمال شرق سورية، بالتالي نحن أمام حملة
دعائية للنظام أكثر منها تقدماً أكيداً للقوات النظامية. سيطوي النسيان سريعاً انتخابات
يوم الثلاثاء 3 حزيران مع استمرار حرب الاستنزاف الجارية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق