صحيفة اللوموند 10 أيلول 2014 بقلم
مراسلها في أربيل علان كافال Allan
Kaval
برز
حزب العمال الكردستاني فجأة على الساحة العراقية بعد الأحداث التي جرت في شهر آب
الماضي. تأسست هذه الحركة الماركسية ـ اللينينية في نهاية السبعينيات على نموذج
المجموعات المسلحة لليسار المتطرف المعادي للإمبريالية، وتدربت في المدرسة
الفلسطينية في المخيمات اللبنانية في البقاع برعاية نظام حافظ الأسد. تحول حزب
العمال الكردستاني في منتصف الثمانينيات إلى حركة مسلحة شعبية وقادرة على تأطير
شريحة واسعة من المجتمع الكردي في تركيا وسورية، ووصل نفوذه مؤخراً إلى إقليم
كردستان الإيراني والعراقي.
لم
تقتصر الحملة العسكرية لحزب العمال الكردستاني داخل العراق على جبل سنجار خلال شهر
آب، فقد ساهم مقاتلوه بشكل كبير في استعادة قرية مخمور الكردية بفضل قواته التي
وصلت من تركيا، تقع هذه القرية على مسافة ثلاثين كيلومتراً من أربيل. كما توجد
وحدة عسكرية تابعة لحزب العمال الكردستاني في مواجهة الجهاديين على خط جبهة كركوك إلى جانب القوات
الكردية العراقية (البشمركة).
إن
انتشار مقاتلي حزب العمال الكردستاني في شمال العراق يمثل أمراً غير مسبوق. إنه
نتيجة شبه طبيعية لترسيخ وجود هذه المنظمة في سورية منذ عامين عبر حزب الاتحاد
الديموقراطي الذي سيطر على المناطق الكردية في سورية بالاتفاق مع نظام دمشق. تمثل
هذه المنطقة نواة دولة تمتد على أراضي غير متصلة، وتعتمد على جهاز قمعي، وتريد أن
تحمل مشروعاً لمجتمع يرتكز على المساواة بين المرأة والرجل واندماج الأقليات
الدينية ونوع من الإدارة الذاتية المحلية.
إذا
توصل حزب العمال الكردستاني إلى سلام دائم مع تركيا، فإنه سيكون مضطراً إلى حل
نفسه ونزع سلاحه. يعتبر حزب العمال الكردستاني أن مغامرة إقليم كردستان سورية
المستقل ذاتياً هو وسيلة لابتكار دور له كقوة إقليمية، وأن توغلاته الأخيرة في
العراق تعزز مثل هذا الدور. أصبح حزب العمال الكردستاني وحلفاؤه يشكلون إحدى القوى
الأكثر جدية في مواجهة الخلافة الإسلامية، ويُركّز قادة الحزب على دوره كحصن في
مواجهتها.
لكن
الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يعتبران حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية.
إذا، لا يمكنه أن يأمل بأية مساعدة مباشرة من قبل القوى الغربية، بعكس الوضع مع
حكومة إقليم كردستان، وهناك خصومة تاريخية بين حزب العمال الكردستاني وحكومة إقليم
كردستان العراق. لقد جرت بعض الاتصالات المنتظمة بين الحزب والمندوبين الأمريكيين
في جبل سنجار خلال شهر آب. إذا كانت النظرة إلى حزب العمال الكردستاني يمكن أن
تتغير، فإن هذه الحركة الكردية لا يمكنها أن تأمل شيئاً بدون أن تصل مفاوضات
السلام مع تركيا إلى نتيجة نهائية. اعتقلت ألمانيا أحد قادة حزب العمال الكردستاني
في أوروبا بتاريخ 3 تشرين الأول.
على
الرغم من ذلك، يمكن أن تأتي خيبة الأمر الكبيرة لحزب العمال الكردستاني من أكراد
العراق. في الحقيقة، إن فكرة الوحدة المقدسة بين مختلف القوى الكردية في مواجهة
الدولة الإسلامية أصبحت قديمة. يشن الجناح المتشدد داخل حزب العمال الكردستاني
حملة عنيفة ضد الحزب الديموقراطي الكردستاني لمسعود البارزاني الذي يقلق من إرادة
حزب العمال الكردستاني بالبقاء في معاقله العراقية الجديدة. إذا كانت الدولة
الإسلامية لم تنهزم حتى الآن، فإن الأكراد بدأوا يتمزقون بين بعضهم البعض من أجل
ما بعد الدولة الإسلامية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق