صحيفة الفيغارو 26 أيلول 201
بقلم مراسلها في بروكسل جان جاك ميفيل Jean-Jacques Mével
بدأت
أوروبا تدرك قوة عدوها الجديد على حدودها، وبدأت تدرك أيضاً أنها لا تملك الوسائل
اللازمة لمعرفة هويته وتحديد موقعه وملاحقته حتى داخل حدودها. لم يتهرب منسق
الاتحاد الأوروبي ضد الإرهاب جيل دوكيرشوف Gilles de
Kerchove من هذا التحدي الذي يواجهه، وذلك بغض النظر
عن نتيجة الهجوم الذي تشنه الدول الغربية في العراق وسورية، وقال: "إن
المشكلة ليست في التغلب على الانقسامات داخل الأجهزة الوطنية، بل في أننا
لا نعرف شيئاً كثيراً". إذا تم "تدمير" العدو في الشرق
الأوسط كما وعد باراك أوباما، فسوف يجب مواجهة عودة الناجين من بين ثلاثة ألاف
أوروبي ذهبوا للقتال تحت راية الجهاد.
لقد
عاد المئات من هؤلاء المقاتلين، وعاد الكثيرون منهم من حرب مُرهقة كما هو الحال
بالنسبة لثلاثة أشخاص مقربين من محمد المراح عادوا مؤخراً إلى فرنسا. وهناك آخرون
يعودون إلى بريطانيا وألمانيا وبلجيكا من أجل مواصلة الصراع في بلدانهم بوسائل
أخرى. أجرى الجيش النرويجي دراسة هامة شملت الأوساط الاستخباراتية، وأشار فيها إلى
أنه من بين كل تسعة جهاديين هناك جهادي واحد مستعد لحمل السلاح ضد البلد الذي يحمل
جواز سفره. لم ينس أحد أن نهاية الحرب السوفييتية في أفغانستان أدت إلى عشرة سنوات
من الحرب الأهلية في الجزائر، ثم تلاها عمليات التفجير التي ارتكبها تنظيم القاعدة
ضد الولايات المتحدة في 11 أيلول 2001.
قال
أحد كبار المسؤولين الأوروبيين دون أن يكشف عن اسمه: "في أفغانستان، كنا
نتحدث عن أقل من مئة مقاتل أوروبي وأمريكي ذهبوا للقتال مع المجموعات الإسلامية.
اليوم، تشير الأرقام إلى ثلاثة آلاف أو حتى أربعة ألاف مقاتل من الدول الغربية على
علاقة مباشرة بالجهاد، ولم ينته الأمر. يقول جميع رجال الشرطة في أوروبا:
سيتجاوزنا الوضع قريباً، وسيصبح الوضع خارج نطاق السيطرة. لا تُحملونا المسؤولية
إذا حصل شيء خطير".
هناك
سبب آخر يدعو أجهزة الاستخبارات الأوروبية للقلق: إنه ليس وجود الدولة الإسلامية
في سورية، بل وجود مجموعة خوراسان التي جاءت من أفغانستان. يبدو أن وجود هذه
المجموعة هو الذي يُفسر جزئياً سبب القصف الأمريكي في سورية. لم تُخف هذه المجموعة
أبداً نيتها في ضرب الغرب مباشرة.
تحاول أوروبا الإسراع في منع الرحيل إلى العراق
وسورية وكذلك العودة منهما. ولكن يبدو أن أوروبا غير مستعدة لمواجهة هذا التهديد
حتى عبر تشريعاتها القانونية التي تحرص على الحياة الخاصة لمواطنيه أكثر من حرصها
على أمنهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق