الصفحات

الخميس، ٤ أيلول ٢٠١٤

(قصف الأراضي السورية ضروري ومُعقد)

صحيفة الفيغارو 4 أيلول 2014 بقلم إيزابيل لاسير Isabelle Lasserre

     إن قطع رأس الصحفي الأمريكي ستيفن سوتلوف بشكل وحشي يطرح السؤال نفسه بعد قطع رأس زميله جيمس فولي قبل خمسة عشر يوماً: ما هي الفائدة من قصف مواقع الدولة الإسلامية في العراق بدون مهاجمة قواعدها السورية؟ لا يوجد أدنى شك بأن ضغوط مؤيدي العمل العسكري ستصبح أكثر قوة على باراك أوباما الذي استبعد احتمال قرب توجيه الضربات بعد أن أرسل طائرات التجسس للتحليق فوق سورية لتحديد بعض الأهداف المحتملة، ثم اعترف أخيراً أنه ليست لديه استراتيجية ضد الدولة الإسلامية.
     بالإضافة إلى القيود التقليدية لأي تدخل عسكري يقتصر على الجانب الجوي، يعتبر الخبراء والمسؤولون في البنتاغون أن الرغبة بقصف المتطرفين السنة في سورية تصطدم بالعديد من العقبات. العقبة الأولى هي وسائط الدفاع الجوي الروسية التي تحمي سورية. هدد بشار الأسد بالانتقام من كل عمل عسكري في سورية في حال عدم التنسيق معه. ولكن أجهزة الاستخبارات الغربية تخشى بشكل خاص من راجمات الصواريخ المحمولة التي استولى عليها المتطرفون السنة من ترسانات الجيش أو التي اشتروها من دول أخرى.
     العقبة الثانية هي المعلومات الاستخباراتية. إن فشل عملية الإفراج عن الرهائن في سورية خلال شهر تموز أظهرت أن البنتاغون تنقصه المعلومات حول تحركات ونوايا مقاتلي الدولة الإسلامية. تستطيع القاذفات الأمريكية في العراق الاعتماد على معلومات المقاتلين الأكراد والجيش الوطني، أما المعارضة المعتدلة السورية فهي ضعيفة جداً لدرجة لا تسمح لها بتوجيه الضربات بفعالية. إن ضعف المعلومات الاستخباراتية يُلقي بعبئه على خطر الأضرار الجانبية في حال القيام بضربات جوية، وقد تعززت هذه الخشية بسبب سرعة تحرك المقاتلين واختلاطهم بالسكان المدنيين في المدن.
     يترافق التردد العسكري مع التردد النفسي. تم انتخاب باراك أوباما لكي لا يشن الحرب من جديد، ويحمل بداخله صدمات بلد تأثر بفشل الحرب في العراق وأفغانستان. إنه ليس فقط الخوف من التصعيد العسكري والرفض القاطع لإرسال الجنود إلى الأرض مرة أخرى، بل أيضاً القناعة بأنه لا يمكن حل قضايا المنطقة بالقوة. لماذا ما فشل في مناطق أخرى سينجح في سورية؟
     يعتمد نجاح أو فشل الضربات الجوية المحتملة على الأهداف التي سيتم تحديدها مسبقاً. هل الهدف هو إضعاف الدولة الإسلامية أو "تدميرها" كما قال باراك أوباما؟ إذا كانت الضربات الجوية قادرة بسهولة على إضعاف قدرة تدريب المقاتلين، وحرمان الدولة الإسلامية من جزء من تجهيزاتها العسكرية، وإجبارها على تبني موقف دفاعي، فإن هذه الضربات لن تؤدي إلا إلى تأجيل المشكلة في الزمان والمكان. يعتبر أغلب المحللين الاستراتيجيين أن استخدام القوة ضروري لعرقلة تقدم الدولة الإسلامية في المنطقة في المرحلة الأولى على الأقل.

     وماذا إذا كان تردد البيت الأبيض يُخفي وراءه اعتبارات سياسية أكثر منها عملياتية؟ إن الضربات الجوية ضد جهاديي الدولة الإسلامية سيعزز موقف بشار الأسد، الأمر الذي سيجعل من باراك أوباما حليفه الفعلي ضمن هذه الظروف. تخشى واشنطن أيضاً من ردة فعل فلاديمير بوتين الذي يُقدم نفسه كحليف مخلص للرئيس السوري ومعارض لدود للتدخلات العسكرية الغربية. إنه خيار شبه مستحيل بين أمرين ضروريين: لا شك أن الولايات المتحدة بحاجة إلى روسيا لتشجيع عودة الاستقرار إلى العالم، وفي الوقت نفسه، إن أي عمل عسكري ضد الجهاديين لا يشمل العراق وسورية معاً ربما يكون بدون جدوى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق