صحيفة اللوموند
21 ـ 22 أيلول 2014 بقلم هيلين سالون Hélène
Sallon
يتواجد مركز قيادة العمليات العسكرية للبرنامج
الأمريكي المتعلق بدعم المعارضة السورية المسماة بالمعتدلة في مكان سري على الجانب
التركي من الحدود السورية. من المفترض أن تشرف وزارة الدفاع الأمريكية انطلاقاً من
هذا المركز على برنامج سنوي لتدريب وتسليح القوة المتمردة المستقبلية التي ستقود
الصراع ضد الدولة الإسلامية على الأرض. ينص القانون الأمريكي الذي صادق عليه
البرلمان يوم الجمعة 19 أيلول ووقعه الرئيس باراك أوباما على تخصيص نصف مليار
دولار من أجل تدريب خمسة ألاف مقاتل، وتعهدت السعودية باستقبالهم على أرضها. ولكن
مستشارة الأمن القومي سوزان رايس أشارت إلى أن تدريبهم سيحتاج إلى "عدة
أشهر".
تعتبر المعارضة السورية أن الدعم الذي أعلن عنه
باراك أوباما رسمياً ضد نظام الرئيس بشار الأسد جاء متأخراً جداً. لم يعد الجيش
السوري الحر إلا خيالاً لنفسه، وذلك بعد أن تمكن عام 2012 من الاستيلاء على
المناطق الشمالية والشرقية في سورية بدعم من عشرات آلاف المقاتلين. أصبحت القوات
المتمردة المعتدلة مشتتة في العديد من المجموعات المحلية، ولم تنجح في التصدي
لبروز المجموعات الإسلامية، ولاسيما سيطرة الدولة الإسلامية على الجزء الأكبر من
المناطق المحررة. يبدو أن البرنامج الأمريكي غير كافي لمواجهة هذا التهديد الواسع،
قال الباحث زياد ماجد Ziad Majed: "إن الاستراتيجية الأمريكية غير واضحة. إنها تهدف إلى
مقاتلة الدولة الإسلامية وإضعاف النظام بدون القضاء عليه من أجل فرض حل سياسي لا
يكون الأسد جزءاً منه".
يتصدع الإجماع داخل المعارضة المحاصرة بين نظام
دمشق والمجموعة الجهادية. قال الباحث السياسي توما بييريه Thomas Pierret: "تخشى العديد من
المجموعات أن يستخدمهم الأمريكيون كميليشيات إضافية ضد الدولة الإسلامية وعدم
تقديم الدعم لهم ضد الأسد. إذا قامت الطائرات الأمريكية بقصف الدولة الإسلامية،
وفي الوقت نفسه، استمر النظام السوري بقصف حلب دون أن يمنعه الأمريكيون، سينجم عن
ذلك أصداء كارثية لدى المعارضة". تعرض العديد من قادة المعارضة إلى
محاولات اغتيال. نجا قائد جبهة الثوار السوريين جمال معروف من غارة جوية شنها
النظام يوم الثلاثاء 16 أيلول، وأدت إلى مقتل زوجته ومعاونه. كما تم القضاء على
قيادة مجموعة أنصار الشام بتاريخ 9 أيلول في هجوم ما زال مصدره مجهولاً حتى الآن.
تتصاعد بعض الانتقادات بسبب المنافسة بين
الفصائل المسلحة للاستفادة من الدعم الأمريكي. إن المساعدة المقدمة من أجل دفع
رواتب المقاتلين وتدريبهم وتسليحهم مخصصة لمجموعات منتقاة بعناية، وأن تتصف
عقيدتهم بأنها معتدلة. تقوم واشنطن منذ عدة أشهر بتقديم دعم مباشر إلى عدة آلاف من
المقاتلين المتجمعين داخل عشرات المجموعات. تقوم السعودية بدور محوري في عملية
الانتقاء، وتم استبعاد بعض المجموعات المعتبرة قريبة من الإخوان المسلمين
المدعومين من خصوم السعودية مثل قطر وتركيا.
خلقت معايير الانتقاء تباينات جغرافية في دعم
المجموعات المسلحة بسبب الصعوبة التي يواجهها الحلفاء في التفريق بين المجموعات في
بعض المناطق. قال زياد ماجد: "هناك نقص حاد في الدعم بحلب التي تقاتل فيها
المعارضة ضد الدولة الإسلامية والنظام في آن معاً. لا بد من صواريخ أرض ـ جو
لحماية السكان من غارات النظام الجوية". على الصعيد المحلي، قامت بعض
المجموعات بنسج تحالفات مع جهاديي جبهة النصرة ضد الدولة الإسلامية. إن مسألة تزويد
هذه المجموعات بأسلحة متطورة مثل صواريخ أرض ـ جو لمواجهة طائرات النظام السوري
تُثير الجدل من جديد بسبب الخشية من سقوط هذه الأسلحة بأيدي المجموعات الجهادية.
يتنقل المقاتلون السوريون من مجموعة لأخرى حسب عروض الرواتب والأسلحة والانضباط في
المعركة، قال الباحث في مركز كارنيجي أرون لاند Aron Lund: "سيكون الأمر فضيحة
سياسية إذا شن تنظيم القاعدة هجوماً بأسلحة أمريكية، وارتكبوا مجزرة".
يعتبر المحللون أنه من الممكن أن يتغير المشهد
العسكري مع المساعدة الأمريكية المحتملة. من الممكن أن تقوم بعض المجموعات بتغيير
خطابها وتكتيكها بعد أن تبنت "برنامجاً" إسلامياً لإغراء الجهات
المانحة الحكومية والخاصة. انفصلت العديد من كتائب الجبهة الإسلامية عن مجموعة
أحرار الشام السلفية في شهر آب. قامت الولايات المتحدة بتحذير قطر وتركيا اللتين
اتخذتا بعض الاجراءات من أجل تجفيف تدفق
الأموال إلى المجموعات الإسلامية المُعتبرة راديكالية مثل المجموعة الجهادية جبهة
النصرة التي تمثل الفرع السوري لتنظيم القاعدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق