صحيفة الليبراسيون 16 أيلول 2014
بقلم جان بيير بيران Jean-Pierre
Perrin
حتى
لو أعلن المنظمون عن سرورهم، وحتى لو حصلت واشنطن على دعم ديبلوماسي واسع من أجل
حملتها عل العراق، لن ينجم عن مؤتمر باريس البارحة 15 أيلول أي تعهد كافي من الدول
الإسلامية داخل تحالف الدول التي قررت القضاء على الدولة الإسلامية. يكمن هنا
الخطر بأن تنظر الشعوب السنية في المنطقة إلى هذا التحالف العسكري الجديد كشكل
جديد من الحملات الصليبية أو الاستعمارية، ولاسيما أن السنة ما زالوا يعانون من
نتائج الغزو الأمريكي للعراق. لاشك أن الدول العربية، نقلاً عن وزارة الخارجية
الأمريكية، أعلنت عن مشاركتها في الضربات الجوية إلى جانب الولايات المتحدة ـ وهذا
ما يفعلونه في الواقع منذ 8 آب ـ ، ولكن الدبلوماسيين الأمريكيين رفضوا إعطاء
تفاصيل أكثر دقة، الأمر الذي أثار حيرة المراقبين.
إن
فرنسا هي الوحيدة حتى الآن التي بدأت مهمات الاستطلاع فوق العراق يوم
الاثنين 15 أيلول (مع طائرتي جاغوار وطائرة للتزويد بالوقود)، ومن المفترض أن تنضم
إلى العمليات القتالية للقوات الأمريكية. قال أحد الدبلوماسيين يوم الاثنين 15
أيلول: "نحن ننتظر طلباً رسمياً مكتوباً من الحكومة العراقية قبل المضي
إلى ما هو أبعد من ذلك". لم تؤكد بريطانيا مشاركتها في الضربات الجوية
على الرغم من ذبح أحد المواطنين الاسكتلنديين العاملين في المجال الإنساني يوم
السبت 13 أيلول.
إن
موقف الدول العربية تجاه هذا التحالف يبقى لغزاً. إن هذه الدول مهددة مباشرة من
قبل الدول الإسلامية التي تلوح حالياً بشعار "قادمون" باتجاه
قادة المملكة، وستكتفي السعودية بتدريب المقاتلين السوريين في المجموعات المسماة
بـ "المعتدلة"، هذه المجموعات التي مُنيت بفشل ذريع. يتصف الموقف
القطري بموقف أكثر غموضاً أيضاً. قطر هي إحدى الحلفاء الرئيسيين لواشنطن في
المنطقة، وأعلنت على لسان وزير خارجيتها خالد العطية أنه "من السابق
لأوانه" أن تقرر الإمارة فيما إذا كانت ستسمح للطائرات الأمريكية
بالإقلاع من قاعدة "العُديد" (مركز القيادة العامة للقوات
الأمريكية في جنوب آسيا) من أجل قصف العراق وسورية. فيما يتعلق بالإمارات العربية
المتحدة التي ذهبت طائراتها قبل عدة أسابيع لقصف ليبيا، تحفظت عن الإعلان فيما إذا
كانت ستشارك في العمليات العسكرية. وكذلك الأمر بالنسبة للكويت الخائفة جداً. فيما
يتعلق بمصر، إنها تقف بعيداً عن التحالف على الرغم من أنها تواجه مجموعات مقربة من
الدولة الإسلامية في سيناء.
إن
الأمر الذي يثير الاستغراب أيضاً هو غياب دول المغرب العربي على الرغم من أنها
معنية بالمجموعة الجهادية، تشير الإحصاءات إلى وجود ما لا يقل عن ثلاثة آلاف تونسي
وحوالي ألف مغربي في صفوف هذه المنظمة. صحيح أن الوضع الكارثي في ليبيا وأخطار
اتساعه إلى دول المغرب العربي هي التي تُثير اهتمامهم بالدرجة الأولى.
إن
هذا الحد الأدنى من تعهد الدول العربية يُظهرهم كدول تابعة للولايات المتحدة،
والأمر الأكثر غرابة هو أن الدول العربية التي شاركت في مؤتمر باريس البارحة 15
أيلول شاهدت مطالبها تتحقق. لقد حصلت هذه الدول على عدم توجيه الدعوة إلى طهران
على الرغم من أن الدولتين المنظمتين فرنسا والعراق كانتا ترغبان بحضور وفد إيراني،
وأن الولايات المتحدة أعلنت أنها ما زالت مُنفتحة تجاه مواصلة "الحوار
الدبلوماسي" مع النظام الإيراني حول موضوع الدولة الإسلامية. أشار المرشد
الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي يوم الاثنين 15 أيلول إلى أنه مارس حقه في
منع الاتصالات التي أرادها الأمريكيون عبر سفارتهم في بغداد لمناقشة العمليات
المشتركة ضد الدولة الإسلامية. كما حصلت هذه الدول نفسها أيضاً على عدم الإشارة
إلى سورية خلال المؤتمر.
في
الحقيقة، يظهر أن ممالك الخليج السنية غير راغبة في المشاركة بالضربات التي يشنها
بلد أظهر قبل عدة أشهر بعض المؤشرات على انسحابه من المنطقة. يُضاف إلى ذلك أن بعض
هذه الدول لديها بعض العلاقات المشبوهة مع المنظمات المتطرفة مثل جبهة النصرة في
سورية أو حتى مع الدولة الإسلامية. إن هذه العلاقات ليست مع الدول نفسها، بل مع
بعض العائلات الكبيرة التي استطاعت المشاركة في تمويل المنظمات المتطرفة، أو مع أجهزة
الاستخبارات التي ساعدت بعض أجهزة الاستخبارات الغربية لاستعادة رهائنها. لقد
شاركت جميع هذه الدول عام 1990 في التحالف الواسع الذي شكلته الولايات المتحدة
لإلحاق الهزيمة بالعراق وتحرير الكويت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق