الصفحات

الخميس، ٢٨ أيار ٢٠١٥

(هل يمكن أن تحصل الدولة الإسلامية على قنبلة نووية؟)

الموقع الإلكتروني لصحيفة الفيغارو 26 أيار 2015 ـ مقابلة مع الباحث المتخصص بالإرهاب والجريمة المنظمة آلان رودييه Alain Rodier الذي كان ضابطاً سابقاً في أجهزة الاستخبارات الفرنسية ويعمل حالياً في المركز الفرنسي للأبحاث حول الاستخبارات ـ أجرى المقابلة ألكسندر دوفيكيو Alexandre Devicchio

 أعلنت الدولة الإسلامية في العدد الأخير لمجلة (دابق) أنها قادرة على الحصول على أسلحة نووية بحلول عام واحد.
سؤال: تدعي الدولة الإسلامية أنها قادرة على الحصول على سلاح نووي بسرعة كبيرة. هل يجب أخذ هذا التهديد على محمل الجد؟
آلان رودييه: لا. أعلن داعش أنه سيشتريها من الباكستان التي تملك السلاح النووي. هناك خشية دائمة من أن يقوم هذا البلد التي يتصف سلوكه أحياناً بأنه غير متوقع بتزويد بلد آخر بالسلاح النووي. لكن الأمر كان يتعلق بتزويد السلاح النووي إلى دولة أخرى، وكان التفكير يتجه دوماً نحو السعودية (هذه الفرضية غير مستبعدة إذا حصلت إيران على قوة نووية عملياتية). فيما يتعلق بإعطاء السلاح النووي إلى مجموعة إرهابية، ما زال ذلك مستبعداً لأن الضحية الأولى يمكن أن تكون السلطات الباكستانية نفسها. يبقى احتمال سرقة هذا السلاح من قبل حركة معادية للسلطة الحاكمة. يجب معرفة أن المنشآت النووية الباكستانية تحظى بحماية فائقة، ولاسيما أن الأسلحة الأسلحة المخزنة لم يتم تركيبها باستثناء بعض وحدات الإنذار التي لا يمكن اختراقها. ولكن هنا أيضاً، لا يمكن تفعيل هذه الأسلحة إلا بناء على أمر سياسي و(شيفرة) تأتي من أعلى المستويات.
سؤال: كيف يندرج هذا التصريح ضمن الاستراتيجية الإعلامية للدولة الإسلامية؟
آلان رودييه: ترتكز الدعاية المضللة للدولة الإسلامية على إثارة الحديث حولها بشكل دائم، وخلق مناخ القلق حتى لا نقول الرعب. إن "الغزو" المحتمل ضد أوروبا عبر المهاجرين غير الشرعيين انطلاقاً من الشواطئ الليبية يدخل أيضاً في إطار هذه الاستراتيجية. ولكن في هذه الحالة، من الأفضل بالنسبة لداعش أن ترسل الإرهابيين عبر وسائل النقل العادية وحتى في الدرجة الأولى نظراً لأن الأموال متوفرة. لا يعني ذلك أن المهاجرين لن يتم تجنيدهم لاحقاً في خلايا داعش السرية، ولكن عندما يصلون إلى الجهة المقصودة. إن التأكيد على أن الحركة ستحصل على سلاح نووي يُضفي عليها قيمة أكبر بالنسبة للمتعاطفين مع "القضية"، ويعتبرونها دليلاً على القوة وضربة ضد المجتمعات الغربية المكروهة.
سؤال: إذا كانت هناك منظمة إرهابية قادرة حقاً على الاستيلاء على سلاح نووي، فما هي النتائج المتوقعة؟ هل بإمكان هذه المنظمة استخدام السلاح النووي؟
آلان رودييه: إن استخدام السلاح النووي ليس أمراً سهلاً. أولاً، يجب امتلاك القدرة على تفجير القنبلة، وهو أمر يحتاج إلى الحصول على الشيفرات والقيام بعمليات تقنية معقدة. حتى لو افترضنا أن جميع هذه الأمور متوفرة، وهو برأيي أمر مستحيل بنسبة 99.99 % لأنه بحاجة إلى تواطؤ أكثر من جهة، فإنه يجب اطلاقها على الهدف المقصود. على الصعيد البالستيكي، عرض داعش صاروخ سكود في الرقة خلال شهر حزيران 2014. ربما استولى الجيش السوري الحر على هذا الصاروخ من إحدى القواعد العسكرية السورية التي استولى عليها في منطقة دير الزور خلال شهر أيلول 2013، ثم باعه إلى الدولة الإسلامية. لكن المراقبين يعتبرون أن هذا الصاروخ غير صالح للاستخدام. ربما تم الاستيلاء على صواريخ أخرى من النوع نفسه في العراق، ولكن تبقى حقيقة أن استخدام هذه الصواريخ أمر معقد بالنسبة لغير المختصين (يبدو أنه هناك بعض الضباط العسكريين السابقين الذين انضموا إلى داعش، ولديهم الخبرات التقنية. ولكن هذه الخبرة تضيع بسرعة في حال عدم التدريب المنتظم)، كما يجب أن "تتلاءم" الرؤوس النووية مع الصواريخ الحاملة لها. إذا كان الرأس النووي لا يتطابق مع هذا النوع من الصواريخ، فإن الأمر مستحيل. تبقى إمكانية نقل الرأس النووي سراً إلى الهدف المقصود (تحدثت العديد من الروايات الأدبية عن هذه الإمكانية) وتفجيره فيه. يجب معرفة أن الرقابة على هذا النوع من عمليات التهريب تضاعفت منذ انهيار الاتحاد السوفييتي. ينبعث من السلاح النووي إشعاعات من السهل كشفها نسبياً، الأمر الذي يُسهّل مراقبة الحدود. إن الحل الأكثر احتمالاً هو تحول السلاح النووي إلى "قنبلة قذرة"، أي أنه ليس هناك انفجار نووي، ولكن يمكن أن تنتشر مواد مشعة في محيط محدود نسبياً بسبب انفجار تقليدي. يمكن القيام بذلك أيضاً عبر المواد المشعة المدنية التي يمكن العثور عليها في المخابر والمستشفيات. تتألف العبوة المتفجرة من متفجرات تقليدية. تأخذ السلطات هذه الفرضية بعين الاعتبار، ولكنها لا تعتبرها تهديداً من الدرجة الأولى. أظهرت الوثائق التي تم العثور عليها في مخبأ بن لادن في أبوت أباد أن بن لادن لم يفكر إطلاقاً بمثل هذا النوع من العمليات بسبب عدم توفر الإمكانيات التقنية. لا يجب أن نعزو إلى الحركات الإرهابية قوة أكبر مما تملكه فعلاً، دون أن يعني ذلك التقليل منها.
سؤال: هل هذا السيناريو سيكون رديفاً لاضطرابات جيوسياسية هامة؟
آلان رودييه: إن انتشار أسلحة الدمار الشامل (النووية والبكتريولوجية والكيميائية والشعاعية) هو تهديد تأخذه السلطات بعين الاعتبار منذ سنوات. تبذل السلطات كل جهدها لتجنبه ولإدارة الوضع الناجم عن احتمال استخدام هذه الأسلحة من قبل الإرهابيين. إذا، لن يغير ذلك شيئاً مما هو موجود حالياً.                                                                                                                                                                                                     


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق