الصفحات

الاثنين، ٤ آذار ٢٠١٣

(الملف النووي الإيراني: تفاؤل إيراني مُبالغ به)


صحيفة اللوموند 2 آذار 2013  بقلم كريستوف عياد Christophe Ayad

     إنه اجتماع "مفيد"، هذه هي الكلمة التي اتفق عليها ممثلو دول مجموعة الستة (الدول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وألمانيا) لوصف الاجتماعات التي جرت يومي 26 و27 شباط في كازاخستان مع إيران. أسرّ أحد الدبلوماسيين الغربيين قائلاً: "إنه اجتماع مفيد لأنه تم الاتفاق على موعد آخر في المكان نفسه يومي 5 و6 نيسان القادمين. ولكنه ليس ايجابياً ولا سلبياً".
     عادت مجموعة الستة إلى طاولة المفاوضات بعد ثمانية أشهر من الانقطاع، وقدمت عرضاً جديداً يتضمن بعض الليونة بالمقارنة مع المفاوضات السابقة غير المثمرة. اقترحت مجموعة الستة رفع بعض العقوبات، ولاسيما المتعلقة  بالصادرات على الذهب والمعادن الثمينة، مقابل وقف تخصيب اليورانيوم بدرجة 20 % وإطفاء الأجهزة في موقع فوردو لتخصيب اليورانيوم والتخلص من مخزون اليورانيوم المخصب بدرجة 20 %. اعتبر مصدر مُقرّب من المفاوضات أن هذا العرض هو "إجراء لبناء الثقة، ويمكن تجديده كل ستة أشهر. ويهدف إلى إقامة مناخ من الارتياح بشكل يسمح بمناقشة الملف بشكل جوهري وربما تحقيق خطوات أخرى إلى الأمام".
     للأسف، رد سعيد جليلي، المبعوث الخاص للمرشد الأعلى في إيران، على العرض المُقدّم من مجموعة الستة بتكرار الطلبات الإيرانية السابقة وهي: رفع جميع العقوبات الاقتصادية والمالية والاعتراف بحق إيران في تخصيب اليورانيوم إلى درجة 20 %، وحتى في موقع فوردو المبني داخل جبل بالقرب من مدينة قم، الأمر الذي يجعله موقعاً حصيناً. تؤكد إيران أنها تقوم بتخصيب اليورانيوم إلى درجة 20 % بهدف تغذية المفاعل النووي التجريبي المُخصص للأبحاث الطبية.
     إذاً، ليس هناك شيء جديد في هذا الاجتماع باستثناء تبادل الوثائق التي سيُناقشها الخبراء لدى الجانبين في استانبول بتاريخ 18 آذار. قال أحد الدبلوماسيين: "هناك إرادة إيرانية واضحة بترك الباب مفتوحاً، لأنه ما دامت العملية السياسية مفتوحة، فإن الخيار العسكري لن يكون مطروحاً". كما أن بنيامين نتنياهو لم ينجح حتى الآن بتشكيل حكومته، وخرج ضعيفاً من الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة.
     تعتبر إيران أن اقتراح مجموعة الستة هو بداية الاعتراف بضعفها، ووصفت الاجتماع في كازاخستان بأنه "منعطف هام في المفاوضات". لقد أعلنت طهران خلال الأسبوع الذي سبق المفاوضات عن تشغيل جيل جديد أكثر كفاءة من أجهزة الطرد المركزية، وأصبحت تملك الآن 167 كغ من اليورانيوم المخصب من أصل 250 كغ الضرورية لانتاج سلاح نووي.
     يمكن تفسير هذا التفاؤل الإيراني بالحملة الانتخابية الرئاسية المرتقبة في شهر حزيران، ولكن هذا التفاؤل سيتراجع بعد تبني عقوبات أمريكية وأوروبية جديدة. لقد تم طرح مشروع قانون في مجلس النواب الأمريكي يسمح بفرض عقوبات على الأشخاص الذين يزودون إيران بالمعدات الأساسية لعمل الاقتصاد الإيراني مثل: تجهيزات السكك الحديدية والمناجم والكهربائية.       
        

السبت، ٢ آذار ٢٠١٣

(القوات الخاصة الأمريكية تقوم بتدريب المتمردين السوريين في الأردن)


موقع الأنترنت لصحيفة الفيغارو 1 آذار 2013 بقلم جورج مالبرونو Georges Malbrunot

     أكد لنا مصدر عسكري فرنسي في الشرق الأوسط أن مُدربين عسكريين أمريكيين يقومون بتدريب المتمردين في الجيش السوري الحر في الأردن. وقال هذا المصدر: "إنهم يقومون بهيكلة المتمردين السوريين والإشراف عليهم وإعطائهم النصائح منذ نهاية العام الماضي". يتم تدريبهم في مركز الملك عبد الله للتدريب على العمليات الخاصة (King Abdallah special opeation training center   ـ Kasotec) في شمال العاصمة الأردنية عمّان.
     يُشارك بعض عناصر القوات الخاصة الأمريكية في هذا التدريب بهدف تعزيز قدرة معارضي بشار الأسد على العمل. يواجه هؤلاء المعارضين صعوبة في مواجهة التفوق الجوي للجيش السوري. كما تقوم القوات الخاصة البريطانية وحفنة من الفرنسيين أيضاً بمساعدة المتمردين السوريين في مركز الملك عبد الله للتدريب على العمليات الخاصة.
     تقوم القوات الخاصة الأمريكية الموجودة في الأردن أيضاً "بالتوغل في الأراضي السورية" لمراقبة الأسلحة الكيميائية للنظام. تشعر إسرائيل والولايات المتحدة بقلق كبير من وصول هذه الأسلحة إلى الجهاديين أو إلى حزب الله اللبناني المُقرّب من إيران، كما تشعر روسيا بالقلق نفسه أيضاً.
     أشرنا سابقاً إلى أن وحدات القوات الخاصة الأمريكية (ديلتا ـ Delta) انتشرت أيضاً في حريصا بشمال بيروت. من الناحية الرسمية، تقوم هذه الوحدات بتدريب الوحدات الخاصة اللبنانية. ولكن في الواقع، تقوم هذه الوحدات أيضاً بالتوغل في الأراضي السورية.
     أعلن وزير الخارجية الأمريكي الجديد جون كيري يوم الخميس 28 شباط عن تقديم مساعدات غير قاتلة إلى المتمردين السوريين (ستر واقية ضد الرصاص وعربات مدرعة وتدريب). ولكن كما هي العادة أثناء النزاعات، لم تنتظر القوات الخاصة صدور البيانات الرسمية لكي تنتقل إلى العمل. وبالتأكيد، يتم ذلك بسرّية كاملة.

الجمعة، ١ آذار ٢٠١٣

(معركة دمشق تمر عبر داريا)


صحيفة الفيغارو 1 آذار 2013  بقلم مراسلها الخاص في دمشق جورج مالبرونو Georges Malbrunot

     تلقى (أحمد) رسالة قصيرة على هاتفه الجوال تقول: "جيش بشار الأسد يقتل فتاتين صغيرتين في داريا". كان (أحمد) قد هرب مؤخراً من داريا التي تتعرض إلى قصف شبه يومي منذ ستة أشهر من قبل نظام دمشق. تُحاذي داريا مطار المزة العسكري الذي تُقلع منه الطائرات المروحية التي تقصف مواقع المتمردين حول العاصمة. كما يقوم قادة النظام وعائلة الأسد، مثل بشرى شقيقة الرئيس التي تقيم في دبي مع أطفالها منذ الصيف الماضي، باستخدام هذا المطار لمغادرة سورية.
     المزة ليست فقط نقطة إستراتيجية بالنسبة للنظام، بل هي أيضاً مفترق طرق هام جداً. قال (أحمد) الذي زاد انتباهه من الحواجز العديدة التي أقامتها الأجهزة الأمنية المختلفة في دمشق: "إذا أخذنا المطار، سينفتح أمامنا الطريق إلى القصر الرئاسي، وسنُسيطر على الطريق المؤدي إلى لبنان والطريق المؤدي إلى القنيطرة باتجاه الجولان المحتل والطريق المؤدي إلى درعا". يجب أن يتجنب حواجز المخابرات الجوية التي تبحث عنه بعد أن دخل السجن ثلاث مرات منذ بداية التمرد قبل سنتين.
     يتعرض سكان داريا للملاحقة حتى بعد خروجهم من السجن لأن داريا أظهرت مقاومة بطولية تجاه الجيش. لم يبق في هذه المدينة إلا ألف مقاتل من أصل عدد سكان المدينة البالغ 250.000 نسمة، واضطر الباقون إلى الهرب تحت القنابل باتجاه الأحياء المجاورة مثل المعضمية وكفرسوسة. لقد اضطر (بسام ـ 48 عاماً) مثلاً إلى اللجوء مع زوجته وأطفاله الخمسة داخل كوخ صغير: كان (بسام) سائقاً وهو عاطل عن العمل حالياً، ويجهل فيما إذا كان منزله أمام مخفر الشرطة ما زال قائماً، ولكن أطفاله يتوسلونه للعودة إليه، فيرد عليهم قائلاً: "العودة خطيرة جداً لأن قناصي النظام يطلقون النار على الذين يحاولون دخول داريا من جديد".
     يُكرّس (أحمد) وقته للاهتمام بالمساعدة الإنسانية، وما زال يُخاطر بالدخول إلى داريا. لقد أكد في أحد مقاهي دمشق قائلاً: "إن الأمر الأكثر صعوبة ليس عبور الحاجزين للدخول، بل في اختيار اللحظة المناسبة للخروج". يقتل الجيش حوالي ستة أشخاص من سكان داريا يومياً، كما قامت وحدات النخبة التابعة للنظام بقتل 700 متمرداً في شهر آب الماضي خلال 48 ساعة. وفي الأسابيع اللاحقة، دخل ثمانية آلاف متمرد آخر إلى داريا على أمل المشاركة في معركة دمشق التي كان التمرد يفكر بشنّها مع المقاتلين في جوبر ودوما والقابون. ولكن الحرس الجمهوري اكتشفهم، ووقع المعارضون في الفخ على الرغم من رفضهم الاعتراف بالهزيمة.
     إذا كانت المزة التي يستهدفها المتمردون مُحصنة بشكل كبير، فإن داريا تضم بعض الأنفاق الهامة التي تصل إلى محطة للتصفية ويستخدمها المتمردون للتنقل ذهاباً وإياباً. ومن الممكن أن يكون الجنود بانتظارهم في الجانب الآخر من النفق. يمتلك الضباط السوريون العديد من صور المتمردين الذين تم القبض عليهم، ومن بينهم بعض الجهاديين الأجانب مثل الطيارين الليبيين السابقين الذين قامت دمشق بتدريبهم في السابق، وكان من المفترض أن يُسيطروا على طائرات النظام لكي يستخدموها لقصف القصر الرئاسي التي يُطل على مطار المزة.
     أكد الناشطون أنهم تعلموا الدروس من فشلهم بالصيف الماضي. قال (أحمد): "قبل المجزرة، كانت هناك مجموعتان مسلحتان تُقاتلان بشكل منفصل، الأولى إسلامية والثانية وطنية. ومنذ ذلك الوقت، أصبحنا مجموعة واحدة، ويقوم المدنيون في داريا بمراقبة نشاط العسكريين". يتألف المجلس الثوري الجديد من مُمثل عن كل مكتب من المكاتب العشرة التي أنشأها المتمردون (الإعلام والشؤون الإنسانية والعسكرية والاجتماعية...). يتم انتخاب ثلاثة منهم كل ثلاثة أشهر من أجل تشكيل اللجنة التنفيذية التي تتمثل إحدى مهامها الرئيسية بمناقشة الأعمال العسكرية التي يجب أن يقوم بها "شهداء داريا" لمواجهة جنود الأسد.
     قال (أحمد): "أرسلت لنا جبهة النصرة حوالي عشرين مقاتلاً من عناصرها، ولكن وجودهم لم يتم تقبّله بشكل جيد". يشتكي المتمردون هنا، كما في بقية الأماكن، من نقص السلاح الذي يُرسله المجتمع الدولي، قال (أحمد): "نحن بحاجة إلى قذائف مضادة للدبابات وكمامات للوقاية من الغازات. لقد حاولنا الحصول عليها، ولكن المهربين الذين اتصلنا بهم أجابوا بأنهم لا يستطيعوا تأمينها". كما لو أن الغرب والدول العربية التي تدعمهم، كانوا يتحكمون بحنفية الأسلحة التي لا يرسلونها إلا بالقطّارة.
     استأنف النظام خلال فترات الهدوء النادرة الاتصال مع وجهاء داريا لكي يقوموا بإقناع المتمردين بوقف المعارك. قال ناشط آخر استطاع الخروج من داريا اسمه (أمجد): "نحن مستعدون لذلك، ولكننا نريد ضمانات بأن النظام لن يُلقي القبض علينا على الحاجز عند عودتنا. ولكن لا أحد يستطيع إعطاء مثل هذه الضمانات".
     سيأتي خلاصهم على الأغلب من المعركة القادمة للسيطرة على دمشق. قال (أحمد): "هناك عشرات الآلاف من الرجال الذين يتجمعون حالياً حول المدينة. أتوقع أن يبدأ الهجوم بعد شهرين كحد أقصى". حاول بعض المتمردين في الأسبوع الماضي القيام باختراق انطلاقاً من القابون. لقد أكد (أحمد) وأصدقائه أن التمرد يملك خلايا نائمة في العاصمة، وأنها تنتظر الضوء الأخضر للتحرك. قال (أحمد) مُحذراً: "ولكن هذه المرة سنؤمن التموين اللوجستي للوحدات المقاتلة، ولن نرتكب الخطأ نفسه الذي ارتكبناه في العام الماضي".
    قلّل أحد الدبلوماسيين النادرين الذين ما زالوا يعملون في دمشق من أهمية هذا التهديد قائلاً: "قال لنا العديد من قادة المتمردين في السابق أنهم سيأتون لتناول فنجان من الشاي معنا في فندق الشيراتون بتاريخ 28 تشرين الثاني. ولكن لم يحصل شيء في هذا اليوم. وغادر الدبلوماسيون الأوروبيون سورية لوحدهم، مُعتبرين أن هذا التهديد كان جدّياً".

(سورية: كيري يريد حلاً سياسياً)


صحيفة الفيغارو 1 آذار 2013  بقلم جورج مالبرونو Georges Malbrunot

     قدمت الأطراف الدولية الداعمة للمتمردين خلال اجتماعهم في روما الخميس 28 شباط المزيد من المساعدة المالية والمادية، ودعتهم في الوقت نفسه إلى الانخراط بـ "حوار سياسي" من أجل تجنب غرق سورية بالفوضى. لقد أعلن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في مؤتمره الصحفي بنهاية مؤتمر أصدقاء سورية أن الولايات المتحدة ستقوم بإرسال "مساعدة مباشرة" إلى المتمردين في الجيش السوري الحر على شكل "مساعدة طبية وأغذية". ستقوم واشنطن أيضاً بتزويدهم بمساعدة "غير قاتلة" بقيمة ستين مليون دولار خلال الأشهر القادمة، وتتضمن هذه المساعدة بشكل أساسي الستر الواقية ضد الرصاص والعربات المدرعة وحتى التأهيل العسكري. ولكن هذا التأهيل العسكري موجود حالياً ولكنه في بداياته، لأن المعلومات التي بحوزتنا تُشير إلى أن بعض عناصر القوات الخاصة الأمريكية تقوم بتدريب قادة الجيش السوري الحر في مخيم Yajouz الأردني منذ فصل الخريف الماضي.
     كما أكد جون كيري أيضاً إلى أصدقائه في المعارضة أن أولويته هي التوصل إلى "حل سياسي" للأزمة. ومن  أجل ذلك، تراهن الولايات المتحدة على حوارها مع موسكو لإطلاق "عملية انتقالية سياسية" مدعومة بـ "حكومة انتقالية" ستضم شخصيات من المعسكرين. ولكن هذا الاحتمال يصطدم بمعارضة كل من النظام السوري الذي يرفض التخلي عن السلطة ومعارضة بعض خصومه الأكثر راديكالية ولاسيما الإسلاميين.
     قاطع الإخوان المسلمون اجتماع روما لكي يُظهروا رفضهم لأي تفاوض مع بشار الأسد، ولم يُشارك في هذا الاجتماع من جانب المعارضة إلا رئيس الإئتلاف الوطني السوري معاذ الخطيب وحفنة من المعارضين مثل رياض سيف. إن الانشقاقات الداخلية في الإئتلاف يمكن أن تُفسّر تأجيل اجتماع المعارضة الذي كان مرتقباً في استانبول يوم السبت 2 آذار. كان من المفترض أن يتم خلال هذا الاجتماع تعيين "رئيس حكومة" و"حكومة تكنوقراطية" لإدارة "المناطق المحررة" في سورية. لم تؤيد الولايات المتحدة مثل هذا الخيار الذي اعتبرته مُنافساً لمشروعها بإقامة "حكومة انتقالية" بالاتفاق مع موسكو. لقد أكد عضو الإئتلاف الوطني سامي نشار إلى وكالة الصحافة الفرنسية AFP أن سبب تأجيل اجتماع يوم السبت هو "المحاولة الأمريكية ـ الروسية للبدء بحوار بين النظام والإئتلاف".
     أعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين أثناء زيارته إلى موسكو يوم الخميس 28 شباط عن تأييده لـ "حوار سياسي بصيغة جديدة لكي تُشارك فيه جميع الأطراف"، وتابع قائلاً: "يجب علينا تصور حوار سياسي يسمح للمعارضة بالتناقش مع جزء يمكن أن يكون مقبولاً". يبدو أن فرنسا لا تريد إضاعة فرصة إطلاق عملية سياسية للخروج من الأزمة في سورية.

(دعم أمريكي مالي حول الملف السوري)


صحيفة الليبراسيون 1 آذار 2013  بقلم جان بيير بيران Jean-Pierre Perrin

     أشارت الواشنطن بوست إلى أن الولايات المتحدة تُفكر فعلاً بالقيام بتغيير هام في إستراتيجيتها حول سورية. في هذا الإطار، من المفترض أن تقوم واشنطن بتزويد المتمردين بستر واقية ضد الرصاص وبعربات مدرعة وحتى بتدريبهم عسكرياً. من الناحية الرسمية، لن تقوم الولايات المتحدة بتزويدهم بالسلاح. يُمثل ذلك تناقضاً، لأن واشنطن أشارت عدة مرات إلى أن النظام السوري لا يمكن أن يبقى في السلطة، ولكنها ترفض تزويد المعارضة بالوسائل اللازمة لإسقاطه.
     تتميز المواقف البريطانية غالباً بأنها قريبة من المواقف الأمريكية، ويمكن استخدامها كبالونات اختبار وإعطاء بعض المؤشرات حول التطورات الجارية. لقد ألمح وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ بشكل واضح إلى أن دول الاتحاد الأوروبي يجب أن تقوم بتسليح المتمردين. قال الباحث السياسي زياد ماجد، الأستاذ في الجامعة الأمريكية في باريس: "هناك بالتأكيد بداية تغيير في الموقف الأمريكي حول الملف السوري". يعود السبب في ذلك إلى جمود الوضع الداخلي منذ فترة طويلة، وعدم قدرة المتمردين ولا القوات النظامية على تحقيق الانتصار. وهذا هو السبب في ضرورة التوصل إلى حل سياسي. وأضاف زياد ماجد قائلاً: "ولكن الوصول إلى مثل هذا الحل لن يكون ممكناً إلا في حالة الخروج من المأزق على الأرض. ومن أجل ذلك، يجب تغيير موازين القوى لصالح المعارضة". بالمقابل، تسعى الولايات المتحدة إلى ممارسة الضغط على النظام لكي يقبل بالمفاوضات، والضغط على روسيا أيضاً لكي تدفع دمشق إلى تليين مواقفها. ويقوم الاتحاد الأوروبي بالشيء نفسه مع المعارضة.
     أشارت النيويورك تايمز يوم الاثنين 25 شباط إلى أن السعودية قامت بتمويل صفقة كبيرة من أسلحة المشاة مع كرواتيا، وقامت بإيصالها  منذ شهر كانون الأول إلى المتمردين عبر تركيا والأردن. ربما تُفسر هذه الصفقة بعض النجاحات التكتيكية التي حققها المتمردون. أشارت بعض مواقع الأنترنت المتخصصة إلى أن هناك أربعة أنواع من الأسلحة الجديدة ولاسيما البنادق الرشاشة من طراز M60 وراجمات القذائف RBG-22 أو M79. تتميز هذه الأسلحة من أنها تأتي من ترسانات الأسلحة القديمة في أوروبا الشرقية وأنها تتلاءم مع أسلحة المتمردين. لقد نفت كرواتيا حصول هذه الصفقة، ولكن تهريب مثل هذه الأسلحة ممكن من الناحية التقنية: إن كرواتيا ليست عضواً في الاتحاد الأوروبي، وبالتالي غير خاضعة للحظر الأوروبي. إذاً، لقد عادت مسألة تسليح المعارضة إلى واجهة الأحداث في الوقت، وهذا ليس صدفة، الذي تنخرط فيه إيران وحزب الله أكثر فأكثر في هذا النزاع.

(أخيراً، حوار في سورية)


افتتاحية صحيفة لاكروا La Croix 1 آذار 2013 بقلم جان كريستوف بلوكان Jean-Christophe Ploquin

     تكثفت المفاوضات الدبلوماسية حول سورية هذا الأسبوع، ولكنها لن تحمل معها حلاً قريباً للمأساة الإنسانية للاجئين السوريين. ولكن هناك الآن إرادة بالحوار بين الولايات المتحدة وروسيا اللتان أكدتا بأنهما تريدان "حلاً سياسياً"، وقد عبّر فرانسوا هولاند عن دعمه لهذا الحل يوم الخميس 28 شباط. ما زال دور الرئيس السوري بشار الأسد في عملية انتقالية موضع خلاف بين فرنسا والولايات المتحدة من جهة وروسيا من جهة أخرى. لا تريد واشنطن وباريس أي دور للرئيس السوري وترغبان بأن تتم محاكمته، وتعتبر موسكو أن السوريين وحدهم هم الذين يقررون ذلك.
     بالمقابل، هناك ضغوط كبيرة على المعارضة لكي تقبل بالتناقش مع بعض المسؤولين في نظام دمشق. إن مثل هذا التطور غير مؤكد، وذلك في الوقت الذي تستمر فيه المعارك على الأرض، كما تواجه المعارضة الخارجية صعوبة في فرض سيطرتها على المقاتلين.
     بدأت ترتسم ملامح هذا المنعطف بقيادة الولايات المتحدة التي يبدو أنها حددت أولوياتها في الشرق الأوسط. الهدف الأمريكي الأول في الأسابيع القادمة يمكن أن يكون دفع إيران إلى حوار يسمح بتجنب التصعيد بسبب برنامجها النووي. من بين الإشارات التي تم إرسالها إلى طهران: من الممكن أن تتساهل واشنطن مع وجود نظام مؤيد نسبياً لإيران في دمشق. إنها صفقة غير كافية، ورهان خطر. ولكن هكذا تنتهي الحرب في بعض الأحيان.

(بوتين وهولاند يتظاهران بالمصالحة)


صحيفة الفيغارو 1 آذار 2013 بقلم مراسلها الخاص في موسكو آلان بارليويه Alain Barluet ومراسلها في موسكو بيير أفريل Pierre Avril

     جاء فرانسوا هولاند إلى موسكو باحثاً عن شريك لتقديم حلول للأزمات ولخلق فرص العمل في فرنسا. حاول الرئيسان الفرنسي والروسي التقليل من أهمية خلافاتهما، ووجه فرانسوا هولاند "شكره الشخصي" إلى نظيره الروسي للمساعدة التي قدمتها روسيا في تسهيل الانسحاب الفرنسي من أفغانستان ولمساعدتها في التدخل في مالي. وتتمنى فرنسا أن يتحول التدخل في مالي "خلال الأسابيع القادمة" إلى عملية تابعة للأمم المتحدة من أجل حفظ السلام.
     كان النزاع السوري محور التطلعات الفرنسية يوم الخميس 28 شباط. تصادفت زيارة فرانسوا هولاند إلى موسكو مع انعقاد اجتماع روما لأصدقاء سورية الذي شارك فيه وزير الخارجية الأمريكي الجديد جون كيري. تعتبر باريس أن موسكو تملك حلاً سياسياً، وقد قامت روسيا مؤخراً بإرسال بعض الإشارات دون جدوى حتى الآن من خلال دعوة رئيس الإئتلاف الوطني السوري معاذ الخطيب لزيارة موسكو. إن فرنسا تتعلق بهذا الأمل.
     قلل فرانسوا هولاند من أهمية الخلافات مع موسكو حول النزاع السوري، وقال أن هناك "فوارق بسيطة" بين الموقفين الفرنسي والروسي. وعبّر الرئيسان عن رفضهما لتفكك سورية.