الصفحات

الأربعاء، ٨ كانون الثاني ٢٠١٤

(المتمردون يتخلون عن الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام)

صحيفة الليبراسيون 8 كانون الثاني 2014 بقلم لوك ماتيو Luc Mathieu

     إنها جبهة جديدة وغير منتظرة في النزاع السوري، وكان الثوار يأملونها. تقوم المجموعات المتمردة المعتدلة والإسلامية منذ يوم الجمعة 3 كانون الثاني بمواجهة الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام التابعة لتنظيم القاعدة في العراق. أصبح الجهاديون مستهدفين مثل الجنود السوريين، وذلك بعد اتهامهم بمصادرة الكفاح ضد نظام بشار الأسد من أجل إقامة خلافة إسلامية تشمل العراق وسورية. إن الدليل على الرفض التي تواجهه الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام داخل التمرد هو أن جبهة النصرة على الرغم من ارتباطها بتنظيم القاعدة شاركت في المعارك إلى جانب المقاتلين المعتدلين في الجيش السوري الحر.
     كانت المواجهات عنيفة جداً، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى مقتل 274 شخصاً على الأقل يوم الجمعة 3 كانون الثاني ، ومن ضمنهم عشرات المعتقلين الذين أعدمتهم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام. من جهتها، خسرت المجموعة الجهادية حوالي مئة رجل. دعا رئيس جبهة النصرة أبو محمد الجولاني مساء البارحة 7 كانون الثاني إلى وقف إطلاق النار وتبادل السجناء من أجل "إعطاء الأولوية للقتال ضد النظام". ولكن لا شيء يدل على أن هذه الدعوة ستلقى الاستجابة، وذلك بعد نجحت الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام ببث الكراهية ضدها في معاقلها بشمال سورية. أكد نعيم قصير، مسؤول في الائتلاف الوطني السوري في باريس، قائلاً: "إن هذه الحرب ليست إلا تراكماً لأعمال الترهيب التي ارتكبتها الدولة الإسلامية خلال الأشهر الأخيرة. لقد استخدموا الوسائل نفسها التي كان النظام يستخدمها قبلهم".
     رفضت المجموعات المتمردة لوقت طويل مقاتلة الجهاديين بشكل مباشر، متذرعين بأن أنصار الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام كانوا الوحيدين الذين ساعدوهم في صراعهم ضد الجيش السوري، وقامت هذه المجموعات بالعديد من المحاولات للتفاوض معهم. قام العديد من قادة الكتائب مثل كتيبة أحرار الشام السلفية وكتيبة الفاروق بعقد  اجتماع عبر سكايب في شهر آب الماضي من أجل اتخاذ قرار مشترك. قال أحد المعارضين الذين استمعوا إلى هذه النقاشات: "أعلنت أقلية منهم فقط عن تأييد شن حرب مفتوحة. إن أغلبيتهم لم تكن تريد فتح جبهة جديدة والمخاطرة بتنفيذ رهان النظام". ولكن هذا الموقف أصبح صعباً ولا يمكن الاستمرار به.
     لم تكتف الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام بمواقعها في شمال سورية، بل سيطرت مع مرور الأشهر على أغلبية نقاط العبور بين تركيا وسورية بالإضافة إلى السيطرة على الطرق المؤدية إلى حلب. قال أحد الدبلوماسيين: "أدى ذلك إلى تعقيد وصول الأسلحة والمعدات الإنسانية بشكل كبير إلى المجموعات الأخرى التي وجدت نفسها محاصرة بين النظام والدولة الإسلامية". تفاقم الشعور بالسخط بعد اغتيال أحد قادة أحرار الشام، ولاسيما بعد اغتيال الطبيب حسين السليمان المعروف بانخراطه مع الثورة في الأسبوع الماضي. لقد تم اختطافه في إحدى القرى القريبة من حلب، وتعرض للتعذيب حتى الموت. غضب قادة الجبهة الإسلامية كثيراً عندما شاهدوا صورة جثته، واندلعت المظاهرات في منطقة إدلب التي كانت من أوائل المناطق التي تمردت ضد النظام، ثم تحالفت العديد من المجموعات لمهاجمة مواقع الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام في إدلب وحلب والرقة. أشار أحد الناشطين السوريين الذين اتصلت بهم صحيفة الليبراسيون إلى أن الجهاديين قد تم طردهم مساء البارحة 7 كانون الثاني من مركز قيادتهم في حلب ومن العديد من القرى المحيطة بالمدينة. بالمقابل، ما زالوا متحصنين في مركز قيادتهم بالرقة.

     ربما يتعلق سبب ضعف مقاومة مقاتلي الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام بالهجوم الذي قامت به هذه المجموعة في الجانب الآخر من الحدود على مدينتي الفلوجة والرمدي. أشارت المواقع الجهادية على الأنترنت خلال الأسابيع الماضية إلى وجود حركة للمقاتلين من سورية إلى العراق. إن الذين ذهبوا إلى الفلوجة كانوا البارحة 7 كانون الثاني تحت تهديد هجوم من الجيش العراقي.

(الأمل بالتخلص من الجهاديين في الرقة)

صحيفة الليبراسيون 8 كانون الثاني 2014 بقلم هالة قضماني

     انتشرت الأخبار القادمة من حلب حول قيام المجموعة المتطرفة الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام بإعدام عشرات المعتقلين بالرصاص، ولاسيما من الناشطين والشباب الصحفيين، وذلك بعد انتشار خبر الإفراج عن خمسين معتقلاً لدى داعش في الرقة. تم العثور على جثثهم داخل فيما كان يسمى بمستشفى الأطفال الذي استعاد المتمردون السيطرة عليه بعد هجومهم على الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام.

     اعترف (عزوز)، أحد الناشطين اللاجئين في تركيا منذ عدة أسابيع هرباً من المتطرفين، قائلاً: "زالت نشوة اليومين الأوليين من المعركة. كان أمراً رائعاً رؤية خوف الرجال الذين أرعبوا المنطقة بأسرها منذ عدة أشهر. لقد تخلوا عن مواقعهم ومخازن أسلحتهم، كانوا يهربون مثل الأرانب أو يستسلمون أو ينضمون إلى الكتائب الأخرى. تم تحرير القرى التي كانوا يسيطرون عليها في حلب وإدلب بسرعة كبيرة وبدون قتال تقريباً. ولكنهم عادوا إلى وحشيتهم في اليومين الماضيين عبر استخدام سلاحهم الأقوى. لقد انفجرت بعض السيارات المفخخة في أحياء حلب والمدن القريبة من إدلب، وقتلوا الكثير من المدنيين في كل مرة. إنهم يسلمون بعض مواقعهم إلى قوات النظام. ثم ينتقمون من المعتقلين".

(سورية: الرهائن الفرنسيون الأربعة معتقلون لدى جهاديي الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام)

صحيفة اللوموند 8 كانون الثاني 2014  بقلم كريستوف عياد Christophe Ayad

     يتوضح مصير الرهائن الفرنسيين الأربعة في سورية. قال مدير الطوارىء في منظمة هيومان رايتس ووتش غير الحكومية بيتر بوكايرت Peter Bouckaert رداً على سؤال أثناء أمسية التضامن مع الصحفيين الرهائن في سورية يوم الاثنين 6 كانون الثاني في مبنى راديو فرنسا في باريس: "الصحفيون الأربع موجودون بأيدي الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام". إن الصحفيان ديدييه فرانسوا وإدوارد إلياس معتقلان في سورية منذ 213 يوماً، والصحفيان نيكولا هينان وبيير توريز معتقلان منذ 197 يوماً.

     يشن الجيش السوري الحر وبعض المجموعات  الإسلامية الأكثر اعتدالاً هجوماً كبيراً في الوقت الحالي منذ يوم الجمعة 3 كانون الثاني ضد المجموعة الجهادية الأولى الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام التي تكبدت هزائم خطيرة في الأيام الثلاث الماضية. تم الإفراج عن حوالي خمسين سجين جميعهم سوريين من سجون الدولة الإسلامية يوم الاثنين 6 كانون الثاني، ولكن لم يتم العثور على أي سجين أجنبي. ترافق سقوط المدن والقرى الواقعة تحت سيطرة الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام بوقوع مجازر بحق السجناء، دون التمكن من التأكد من صحة هذه المعلومات المنقولة عن أحد الناشطين السوريين.

الثلاثاء، ٧ كانون الثاني ٢٠١٤

(بعض الميلشيات الشيعية العراقية تقاتل إلى جانب جيش بشار)

صحيفة اللوموند 7 كانون الأول 2014 بقلم بنجامان بارت Benjamin Barthe

     إن حزب الله وحرس الثورة الإيراني ليسوا القوات الأجنبية الوحيدة التي تقاتل إلى جانب نظام بشار الأسد.  هناك أيضاً حوالي خمس عشرة ميليشيا شيعية عراقية منخرطة في المعارك بشكل يساهم بتسريع الصبغة الطائفية للنزاع السوري. تتزايد أهمية هؤلاء المتطوعين بعد أن كان انخراطهم يقتصر في البداية على الدفاع عن ضريح السيدة زينب الشيعي، وشاركوا بأهم معركتين في الأشهر الأخيرة: أي السيطرة على القصير في شهر حزيران والهجوم على جبال القلمون  في بداية شهر كانون الأول 2013. يعتبر أهم المتابعين لهذه الظاهرة التي تنمو كثيراً أن عدد المقاتلين في هذه المجموعات المسلحة يتراوح بين خمسة وعشرة آلاف رجل. قال الباحث في مجموعة الأزمات الدولية بيتر هارلنغ Peter Harling: "انفتحت الأبواب على مصراعيها. لم يعد الأمر يقتصر على الدفاع عن أماكن تجمع السكان الشيعة. تعمل هذه الميليشيات الطائفية ضمن منطق التوسع والهروب إلى الأمام، الأمر الذي يحفز بالتأكيد على التطرف السني بالمقابل".
     بدأ ظهور الميليشيات الشيعية العراقية في سورية خلال عام 2012، ولكنه لم يظهر إلى العلن حتى عام 2013 عبر أفلام الفيديو المنشورة على اليوتوب بهدف تجنيد بعض المتطوعين. إن أهم هذه الكتائب، أو على الأقل التي أثارت الحديث حولها بشكل أكبر، هي كتيبة أبو الفضل العباس التي يُقدّر عدد عناصرها بحوالي ألفي رجل. هناك ثلاث كتائب أخرى هامة نسبياً هي: كتيبة ذو الفقار التي شاركت في شهر كانون الأول بمجزرة ضد ثلاثين شخصاً من سكان النبك في القلمون، وكتيبة بدر التي تقول أنها تضم 1500 مقاتلاً وترتبط بشكل وثيق مع جهاز الدولة الإيرانية، وكتائب حزب الله التي يشبه شعارها إلى حد كبير شعار حزب الله اللبناني. لا تتوفر إلا معلومات قليلة جداً حول بقية الميليشيات الشيعية العراقية التي تنتمي في أغلب الأحيان إلى مكاتب حرس الثورة السرية. إن عناصر هذه الميليشيات هم من المتطوعين الذين أصبحوا متطرفين بسبب خطابات رجال السلطة الشيعة الذين يصفون متمردي الجيش السوري الحر بأنهم "يهود" و"كفار" أو "وهابيين" أو مرتزقة يحصلون على عدة مئات من الدولارات شهرياً.
     تشكل جميع هذه المجموعات قوة مساعدة هامة بالنسبة لنظام الأسد. إنها تساعده في مواجهة إحدى التحديات العملياتية الأساسية: أي المحافظة على المكاسب الميدانية. يستطيع الجيش السوري الهيمنة بسهولة في معارك المواجهة بسبب قوة نيرانه الأعلى بكثير من قوة نيران المتمردين، ويتعرض لعمليات توغل واستنزاف حالما يكون في موقف دفاعي. قال الباحث المتخصص بالشأن السوري في جامعة إديمبورغ (Edimbourg) توما بييريه Thomas Pierret: "استعان النظام لفترة طويلة بحزب الله لكي يغطي ما ينقصه. ولكن قدرة هذا الحزب محدودة، كما لا أنه لا يمكن أن يسمح لنفسه بالتهور أمام الرأي العام اللبناني. استقر عدد عناصره في سورية بحدود عشرة ألاف رجل. عندما تحتاج السلطة السورية إلى تعزيزات، يجب عليها البحث عنها في العراق".

     إن إحدى أهم الأماكن الرئيسية لتعبئة المتطوعين هو جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر. إنه أحد خطباء بغداد وزعيم المحرومين الشيعة، وقد أشار في بداية النزاع السوري إلى أنه سيلتزم الحياد. ولكن هناك العديد من المؤشرات منذ عدة أسابيع مثل صور المقاتلين الذي يحملون شعار "جيش المهدي"، الأمر الذي يدفع للاعتقاد بوصول مئات من رجاله إلى سورية.

(انتقال عدوى الحرب في سورية إلى العراق ولبنان)

صحيفة اللوموند 7 كانون الثاني 2014 بقلم بنجامان بارت Benjamin Barthe

     سيكون هناك حرب داخل الحرب في سورية من الآن فصاعداً. أصبح النزاع مكشوفاً بين المتمردين ضد الأسد وميلشيات تنظيم القاعدة بعد عدة أشهر من المواجهات الخفية. بدأت أهم المجموعات المسلحة السورية يوم الجمعة 3 كانون الثاني سلسلة من الهجمات على مواقع الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام (داعش) التي تمثل تنظيم القاعدة في الشرق الأوسط، وذلك بعد إحساس هذه المجموعات بالصدمة من أعمال الترهيب التي يرتكبها هؤلاء المتطرفون في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، وخوفاً من سيطرتهم المتزايدة على التمرد. ولكن ربما تكون ردة فعل المجموعات المتمردة متأخرة جداً للقضاء على تصاعد قوة الجهاد الدولي في المنطقة. في اليوم نفسه، استولى بعض مقاتلي داعش الذين يقاتلون ضد تسلط وطائفية رئيس الحكومة العراقي نوري المالكي، على مدينة الفلوجة العراقية وبعض أحياء مدينة الرمدي في منطقة الأنبار السنية. عادت الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام إلى الواجهة بقوة في العراق، مستفيدة من مناخ الحقد الذي أطلقته الحرب الأهلية السورية بين الجناحين الأساسيين في الإسلام.
     من المحتمل أيضاً أن الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام في طريقها نحو التوطن في لبنان، باعتبار أنها تبنت عملية تفجير السيارة المفخخة التي أدت إلى مقتل خمسة أشخاص يوم الأربعاء 1 كانون الثاني في الضاحية الجنوبية لبيروت، وهي عملية التفجير الرابعة ضد المناطق الشيعية في العاصمة اللبنانية منذ بداية الصيف. قال الباحث في مجموعة الأزمات الدولية بيتر هارلنغ: "يبرز حالياً قوس أزمات يمتد من العراق إلى  لبنان بشكل يؤكد على انتقال عدوى المأساة السورية إلى المنطقة. يتكون هذا القوس من عدة نزاعات متداخلة مع بعضها البعض مع صبغة طائفية قوية جداً، حتى ولو أنه لا يمكن اختزال الاضطراب الحالي بمواجهة شيعية ـ سنية. تستفيد جميع هذه الأزمات من ضعف هياكل الدول وتآكل الحدود وتداخل المجتمعات والانسحاب الأمريكي من الشرق الأوسط".
     أدت  الحرب في سورية ضد الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام إلى مقتل عشرات الأشخاص. اندلعت هذه الحرب بعد قيام بعض سكان المناطق المحيطة بحلب باتهام بعض أعضاء الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام بقتل طبيب. تتألف هذه المجموعة المتركزة في الشمال بشكل خاص من العديد من المقاتلين الأجانب، وجذبت لنفسها بسرعة عداء السكان المحليين بسبب ممارساتها العنيفة جداً مثل قطع رؤوس جنود النظام من الطائفة العلوية. إذا كان قيام هذه المجموعة بتوزيع المساعدة الغذائية جعلها تتمتع بالشعبية مؤقتاً في بعض المناطق، فإن سمعتها تعاني غالباً من عدم تسامح أعضائها الذين يقومون بتخريب الكنائس وفرض الحجاب واعتقال الصحفيين... الخ.
     رفض رؤساء داعش تسليم قاتلي الطبيب، الأمر الذي أدى إلى قيام الجبهة الإسلامية التي تمثل تحالفاً من المتمردين السلفيين بإطلاق الأعمال العدائية ضد داعش. ثم انضمت مجموعات مسلحة أخرى إلى هذا الهجوم ومنها جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة، ولكنها تتألف بشكل أساسي من المقاتلين السوريين الأفضل اندماجاً في التمرد. بدأت المواجهات في منطقة حلب، ثم انتشرت إلى إدلب والرقة وحماة. أدت هذه الضغوط إلى تخلي الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام عن معاقلها القوية مثل أطمة التي تمر منها قوافل التهريب، وحلت مكانها كتيبة إسلامية أخرى هي أحرار الشام. أدت العمليات الانتقامية إلى مقتل حوالي خمسين متمرداً يوم الأحد 5 كانون الثاني بواسطة القتل بدون محاكمات وعمليات التفجير بالسيارات المفخخة، وهو أسلوب كانت الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام تستخدمه فقط في المناطق الواقعة تحت سيطرة القوات النظامية.  دعم الائتلاف الوطني السوري هذا الهجوم، ويصفه الناشطون بأنه "ثورة ثانية"، وهم مقتنعون بأن هؤلاء الجهاديين ينفذون رهان النظام. يعتبر هذا الائتلاف الذي يمثل التجمع الأساسي للمعارضين أن هذا الهجوم فرصة لتحسين صورته لدى الغرب قبل عدة أسابيع من مؤتمر السلام المحتمل في مدينة مونترو السويسرية بتاريخ 22 كانون الثاني.

     بدأ الجيش العراقي بمحاصرة مدينة الفلوجة التي تتحصن فيها الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام، ودعا سكانها إلى إخلائها قبل الهجوم النهائي المحتمل. تزايدت الضربات الجوية على مدينة الرمدي يوم الأحد 5 كانون الثاني، وأدت إلى مقتل 25 إسلامياً. كشف وزير الدفاع العراقي عن بعض صور الأقمار الصناعية التي تدفع للاعتقاد بوصول أسلحة ومعدات متطورة من سورية إلى منطقتي الأنبار ونينيف في العراق. قال الباحث دانييل بيمان Daniel Byman من مركز بروكنغز: "نجحت الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام بالاستفادة من شبكاتها وإمكانياتها في العراق لفرض وجودها بقوة في سورية، كما استخدمت وجودها في سورية لتعزيز مواقعها في العراق". قال بيتر هارلنغ: "إن شعور الاضطهاد الذي عاشه العالم الشيعي فترة طويلة، بدأ بتغيير معسكره. يسود الاعتقاد لدى السنة الأكثر تطرفاً بأن إيران سيطرت على بغداد وبيروت، وأنها تستعد لأن تأخذ دمشق منهم. إنهم يخشون من تأثير الدومينو. وبما أنهم يشعرون بتخلي حليفهم التقليدي الولايات المتحدة عنهم، فإنهم مستعدون للقيام بكل شيء لمواجهة إيران".

(تجميع بعض البراهين من أجل محاكمة مستقبلية لجرائم الحرب في سورية)

صحيفة اللوموند 7 كانون الثاني 2014 بقلم مراسلتها في لاهاي ستيفاني موباس Stéphanie Maupas

     صدر الأمر من أجهزة استخبارات القائد العام للقوات المسلحة السورية بتاريخ 11 نيسان 2013، إنه لا يتجاوز صفحة واحدة، وموجه إلى "جميع  الوحدات والقطعات". إنه يأمر بـ "تشكيل لجان شعبية في كل منطقة لحماية المدن والدفاع عن الخدمات العامة ومواجهة العناصر المعادية للحكومة والعصابات المجرمة". تمت أرشفة هذا الأمر بعناية في الصندوق رقم 10 داخل أحد المستودعات الأوروبية الخاضعة لرقابة شديدة، وتحمل هذه الوثيقة الرقم: SYR.D0043.005. تمت أيضاً أرشفة أكثر من 300.000 صفحة أخرى من الوثائق السورية التي تم جمعها ميدانياً من قبل شبكة من المحققين السريين، ثم تم نقلها بواسطة عشرات "المهربين" عبر الحدود السورية، ثم وصلت في النهاية إلى العواصم الأوروبية. حظيت هذه العملية الضخمة لإخراج الوثائق بأكبر قدر من السرية، وتهدف إلى الاستعداد لإقامة عدالة انتقالية بانتظار تسوية الأزمة السورية التي ما زالت بعيدة المنال.
     قام بعض المحققين في المحاكم السابقة من أجل رواندا ويوغسلافيا السابقة بتأهيل أوائل المحققين في اللجنة السورية من أجل العدالة والمسؤولية (Commission syrienne pour la justice et la resposabilité) في تركيا والأردن قبل ثمانية عشر شهراً. قال رئيس اللجنة السورية من أجل العدالة والمسؤولية، وهو قاضي كندي متقاعد لم يكشف عن اسمه ويسافر بانتظام إلى سورية: "إن السوريين مستعدين للمخاطرة من أجل الحصول على بعض الوثائق وتسجيل أقوال الشهود. من جهتنا، لدينا جميع الخبرات الضرورية السياسية والعسكرية والقضائية من أجل إدارة التحقيق وتحويله تدريجياً بحسب تحليل الوثائق".
     في الطابق الثالث تحت الأرض لأحد المستودعات التي لم يتم تحديد مكانها لأسباب أمنية، يقوم المؤرشف بيتر (Peter) بالتفتيش داخل العلب التي تصل بشكل متفرق عبر الطرود البريدية، وقال: "سيعود كل ما يتعلق بجريمة الحرب الفريدة من نوعها إلى سورية المستقبلية". يقع على عاتق السلطة الجديدة اتخاذ القرار بإرسال هذه الوثائق إلى محكمة خاصة أو إلى المحكمة الجنائية الدولية.
     بدأ الجدل حول العدالة ما بعد الحرب حتى لو كان ذلك سابقاً لأوانه. يريد السفير الأمريكي من أجل جرائم الحرب ستيفن راب Steven Rapp تشكيل "محكمة مختلطة" مبنية على اتفاق بين النظام المستقبلي لدمشق والمجتمع الدولي. تقوم مجموعة من الخبراء الأمريكيين بدراسة هذا الموضوع حالياً. قال أحد الدبلوماسيين الأوروبيين ساخراً: "هل سيقوم السعوديون بتمويل هذه المجموعة؟". أثارت هذه المبادرة الانتقادات. كانت 57 دولة قد أطلقت نداء في شهر كانون الثاني 2013، دون جدوى، لكي يقوم مجلس الأمن بإحالة الجرائم المرتكبة في سورية إلى المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها أكثر استقلالية. قال دبلوماسي أوروبي: "هناك إمكانية بالتوجه نحو حل سلمي في جنيف 2. يجب أن تكون مسألة الإفلات من العقاب جزءاً من التسوية النهاية للنزاع".
     بالنسبة للجنة السورية من أجل العدالة والمسؤولية المسجلة في لاهاي، إن الجواب يقع على عاتق السوريين. ترفض هذه المنظمة أي مبادرة أمريكية أو غيرها للسيطرة على هذا الموضوع مهما كان الهدف منها. قال رئيس المحققين، وهو سوري، في اتصال هاتفي من الشرق الأوسط: "إن الجريمة تبقى جريمة سواء ارتكبها النظام أو المعارضة. في البداية، كان المتمردون يحرقون كل شيء عندما يستولون على أحد الأبنية الرسمية. ولكن البعض ما زال يحرق الوثائق بسبب عدم توفر المازوت، ويحاول البعض الآخر بيعها".
     يأسف فريق العمل لموت أحد العاملين في مجموعاته، وجرح ثلاثة آخرين، وتعرض أربعة محققين للاعتقال من قبل الإسلاميين قبل الإفراج عنهم، واعتقال النظام لإمرأتين قبل مبادلتهما في النهاية. تطرق المحقق السوري أيضاً إلى التهديدات الأخيرة من قبل جبهة النصرة، وقال: "لنقل أنهم يوجهون رسائل تعبر عن معارضتهم. إننا متهمون أحياناً بكوننا عملاء للدول الأوروبية".
     يقوم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبريطانيا بتمويل اللجنة السورية من أجل العدالة والمسؤولية، الأمر الذي يسمح لها بجمع الوثائق وتحليل عمل المجموعات المستهدفة. قال القاضي الكندي: "نقوم بالتركيز على C3. وهو مصطلح عسكري يعني: الطلب، الرقابة، الاتصال. وهكذا ترتسم ملامح الأمور بوضوح: من يتعاون مع من، من ينقل إلى من، والجهة التي تصل إليها التعليمات. لدينا ملفات عالية النوعية حول 25 إلى 30 متهم محتمل بعد عام على بدء العملية". تم تخصيص برنامج لجرائم التمرد: إن معالجتها أكثر تعقيداً بسبب عدم وجود هياكل واضحة وعدم وجود وثائق، باستثناء أفلام الفيديو على الأنترنت.

     يُعتبر مؤسسو اللجنة السورية من أجل العدالة والمسؤولية من بين رواد العدالة الدولية، ويشعرون بالتعب من بيروقراطية السلطات القضائية الكبيرة. قال أحدهم: "من الممكن التحقيق خلال النزاع". وقال القاضي الكندي: "إن ملفاتنا مبنية من أجل تحطيم الروايات التي برزت في ضباب الحرب. تؤكد المعارضة أن النظام هو هيكلية طائفية علوية تقوم باضطهاد الأغلبية السنية، هذا غير صحيح. يتضمن النظام العديد من العائلات العلوية، ولكنه يتضمن أيضاً تمثيلاً هاماً للمسيحيين والأكراد والسنة المتجمعين حول المصالح الاقتصادية. يقوم النظام بإسكات جميع أولئك الذين يعارضون ذلك!". إن المجرمين والضحايا هم جميع الأطراف، كما هو الحال في أية حرب أهلية. أضاف القاضي الكندي قائلاً: "نريد أن نكون مستعدين لليوم الذي يتوقف فيه العنف. سيعود الناس بسرعة إلى حياتهم السابقة، ولكن بدون العدالة ما بعد الحرب، فإنكم تخلقون أوضاعاً معقدة يتعذر حلها كما هو الحال في إيرلندة أو رواندا".  

الاثنين، ٦ كانون الثاني ٢٠١٤

(عمليات انتقامية داخل التمرد الإسلامي السوري)

صحيفة الفيغارو 6 كانون الثاني 2014 بقلم مراسلها الخاص في بيروت جورج مالبرونو Georges Malbrunot

     بدأت ملاحقة الجهاديين في شمال وشرق سورية، وقرر المتمردون القيام بأنفسهم بملاحقة الجهاديين بعد فترة طويلة من التردد. بدأت المواجهات منذ يوم الجمعة 3 كانون الثاني في عدة أماكن داخل المناطق القريبة من الحدود التركية والعراقية، ويتواجه فيها تحالف يضم ثلاث مجموعات متمردة ضد حليفهم السابق الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام. قررت بعض مكونات التمرد الانتقال إلى الهجوم لمواجهة تزايد أعمال الخطف والاغتيالات المرتكبة من قبل الجهاديين الأجانب الذين يفرضون على السكان نموذجاً راديكالياً متطرفاً من القانون الإسلامي. يضم هذا التحالف جيش المجاهدين والجبهة الإسلامية (الأكثر قوة بين الكتائب المتمردة) وجبهة الثوار. فيما يتعلق بالكتيبتين الأولى والثانية، إنهما ذو توجه سلفي، وانتصرتا على الجيش السوري الحر الذي يمثل المعتدلين الذين رفض العرابون الغربيون تزويدهم بالسلاح. أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى مقتل حوالي 36 مقاتلاً على الأقل من الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام أو من المقربين منها، بالإضافة إلى حوالي مئة أسير منهم لدى هؤلاء المتمردين منذ يوم الجمعة 3 كانون الثاني.
     أقسم هذا التحالف الجديد على "تحرير" المدن الواقعة تحت سيطرة تنظيم القاعدة في شمال وشرق سورية. ربما أصبح معبر باب الهوى تحت سيطرة المقاتلين الأكثر اعتدالاً الذين استعادوا أيضاً السيطرة على بعض القرى ولاسيما في شمال حلب وبالقرب من إدلب، أي في المنطقتين اللتين ستكون المهمة فيهما أكثر سهولة بالنسبة لمعارضي تنظيم القاعدة بالمقارنة مع منطقة شرق سورية بالقرب من العراق. تستفيد الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام في هذه المنطقة الأخيرة من الدعم اللوجستي الذي يقدمه جناحها العراقي. قال أحد المحللين: "الطريق بين العراق وسورية مفتوحة، ويستطيع الرجال المرور مع الأسلحة. ولكن الجهاديين سيجدون صعوبة في مقاومة خصومهم في شمال حلب وبالقرب من إدلب بعد التشدد التركي الأخير". من جهة أخرى، ستسعى الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام إلى الحفاظ على مواقعها حول الرقة ودير الزور، أي في المناطق التي تتواجد فيها الآبار النفطية الغنية.

     لم يكن أمام المكونات الأخرى للتمرد أي خيار آخر بعد فشل الجيش السوري الحر باستثناء الانتظار والمخاطرة بامتصاصها من قبل تنظيم القاعدة الذي لم يتوقف عن تحقيق التقدم خلال عام 2013. ألح الأمريكيون والأوروبيون على الحركة السلفية لكي تواجه الجهاديين، وذلك قبل ثلاثة أسابيع من مؤتمر جنيف الذي قد يُطلق عملية انتقالية للسلطة. إن المقصود هو إظهار أن المناطق المتمردة المحررة ليست ضحية للفوضى أو للتوجهات الظلامية، وأن هذه القوى الجديدة المعارضة لتنظيم القاعدة قادرة على فرض احترام اتفاق لوقف إطلاق النار في جنيف. ولكن بانتظار ذلك، ما زالت هناك العديد من الأسئلة بدون إجابة. يتعلق أهم هذه الأسئلة بموقف الحركة الجهادية الأخرى جبهة النصرة التي تتألف أغلبيتها من السوريين. ما زالت جبهة النصرة خارج المعارك بين المتمردين حتى الآن. هناك أمر مؤكد: إن العديد من السوريين المعادين لتنظيم القاعدة، أشادوا بهذه "الثورة الثانية" ضد تنظيم القاعدة بعد الثورة ضد النظام.