الصفحات

الأربعاء، ٨ كانون الثاني ٢٠١٤

(المتمردون يتخلون عن الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام)

صحيفة الليبراسيون 8 كانون الثاني 2014 بقلم لوك ماتيو Luc Mathieu

     إنها جبهة جديدة وغير منتظرة في النزاع السوري، وكان الثوار يأملونها. تقوم المجموعات المتمردة المعتدلة والإسلامية منذ يوم الجمعة 3 كانون الثاني بمواجهة الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام التابعة لتنظيم القاعدة في العراق. أصبح الجهاديون مستهدفين مثل الجنود السوريين، وذلك بعد اتهامهم بمصادرة الكفاح ضد نظام بشار الأسد من أجل إقامة خلافة إسلامية تشمل العراق وسورية. إن الدليل على الرفض التي تواجهه الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام داخل التمرد هو أن جبهة النصرة على الرغم من ارتباطها بتنظيم القاعدة شاركت في المعارك إلى جانب المقاتلين المعتدلين في الجيش السوري الحر.
     كانت المواجهات عنيفة جداً، أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى مقتل 274 شخصاً على الأقل يوم الجمعة 3 كانون الثاني ، ومن ضمنهم عشرات المعتقلين الذين أعدمتهم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام. من جهتها، خسرت المجموعة الجهادية حوالي مئة رجل. دعا رئيس جبهة النصرة أبو محمد الجولاني مساء البارحة 7 كانون الثاني إلى وقف إطلاق النار وتبادل السجناء من أجل "إعطاء الأولوية للقتال ضد النظام". ولكن لا شيء يدل على أن هذه الدعوة ستلقى الاستجابة، وذلك بعد نجحت الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام ببث الكراهية ضدها في معاقلها بشمال سورية. أكد نعيم قصير، مسؤول في الائتلاف الوطني السوري في باريس، قائلاً: "إن هذه الحرب ليست إلا تراكماً لأعمال الترهيب التي ارتكبتها الدولة الإسلامية خلال الأشهر الأخيرة. لقد استخدموا الوسائل نفسها التي كان النظام يستخدمها قبلهم".
     رفضت المجموعات المتمردة لوقت طويل مقاتلة الجهاديين بشكل مباشر، متذرعين بأن أنصار الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام كانوا الوحيدين الذين ساعدوهم في صراعهم ضد الجيش السوري، وقامت هذه المجموعات بالعديد من المحاولات للتفاوض معهم. قام العديد من قادة الكتائب مثل كتيبة أحرار الشام السلفية وكتيبة الفاروق بعقد  اجتماع عبر سكايب في شهر آب الماضي من أجل اتخاذ قرار مشترك. قال أحد المعارضين الذين استمعوا إلى هذه النقاشات: "أعلنت أقلية منهم فقط عن تأييد شن حرب مفتوحة. إن أغلبيتهم لم تكن تريد فتح جبهة جديدة والمخاطرة بتنفيذ رهان النظام". ولكن هذا الموقف أصبح صعباً ولا يمكن الاستمرار به.
     لم تكتف الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام بمواقعها في شمال سورية، بل سيطرت مع مرور الأشهر على أغلبية نقاط العبور بين تركيا وسورية بالإضافة إلى السيطرة على الطرق المؤدية إلى حلب. قال أحد الدبلوماسيين: "أدى ذلك إلى تعقيد وصول الأسلحة والمعدات الإنسانية بشكل كبير إلى المجموعات الأخرى التي وجدت نفسها محاصرة بين النظام والدولة الإسلامية". تفاقم الشعور بالسخط بعد اغتيال أحد قادة أحرار الشام، ولاسيما بعد اغتيال الطبيب حسين السليمان المعروف بانخراطه مع الثورة في الأسبوع الماضي. لقد تم اختطافه في إحدى القرى القريبة من حلب، وتعرض للتعذيب حتى الموت. غضب قادة الجبهة الإسلامية كثيراً عندما شاهدوا صورة جثته، واندلعت المظاهرات في منطقة إدلب التي كانت من أوائل المناطق التي تمردت ضد النظام، ثم تحالفت العديد من المجموعات لمهاجمة مواقع الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام في إدلب وحلب والرقة. أشار أحد الناشطين السوريين الذين اتصلت بهم صحيفة الليبراسيون إلى أن الجهاديين قد تم طردهم مساء البارحة 7 كانون الثاني من مركز قيادتهم في حلب ومن العديد من القرى المحيطة بالمدينة. بالمقابل، ما زالوا متحصنين في مركز قيادتهم بالرقة.

     ربما يتعلق سبب ضعف مقاومة مقاتلي الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام بالهجوم الذي قامت به هذه المجموعة في الجانب الآخر من الحدود على مدينتي الفلوجة والرمدي. أشارت المواقع الجهادية على الأنترنت خلال الأسابيع الماضية إلى وجود حركة للمقاتلين من سورية إلى العراق. إن الذين ذهبوا إلى الفلوجة كانوا البارحة 7 كانون الثاني تحت تهديد هجوم من الجيش العراقي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق