الصفحات

الأربعاء، ١٥ كانون الثاني ٢٠١٤

(حرب بالوكالة بين إيران والسعودية)

صحيفة الفيغارو 14 كانون الثاني 2014 بقلم مراسلها الخاص في دمشق جورج مالبرونو Georges Malbruont

     هناك إيران وحزب الله اللذان يدعمان النظام، وهناك السعودية التي تمول الجبهة الإسلامية ضد الأسد. لم تتوقف الحرب السورية بالوكالة عن الاتساع. بدأ النزاع في ربيع عام 2011 بمظاهرات سلمية قمعها الجيش بعنف، ثم أصبحت مظاهرات مسلحة وتحولت إلى مواجهة إقليمية بين إيران والسعودية. النتيجة، أصبح هامش المناورة على الأرض بالنسبة للمتمردين مرتبطاً بالجهات التي تصدر الأوامر إليهم، لأنهم يملكون وسائل الضغط المالية والعسكرية لإجبار المتمردين على تطبيق إستراتيجيتهم.
     تغيرت طبيعة الهجمات بشكل كبير في الأشهر الأخيرة. تحولت المناوشات المتكررة بين المتمردين والجيش إلى معارك أكبر بكثير، ولاسيما في منطقة الغوطة الزراعية حول دمشق. إن النظام السوري مقتنع بأن هذه المواجهات الواسعة النطاق هي من تخطيط أجهزة الاستخبارات الأجنبية بقيادة الأجهزة السعودية ورئيسها الأمير بندر بن سلطان الذي جعل من سقوط بشار الأسد مسألة شخصية. أكد المعارض لؤي حسين الذي يتسامح معه النظام قائلاً: "صحيح أن السعوديين استلموا الراية منذ التراجع النسبي لقطر". كانت الرياض وراء ظهور الجبهة الإسلامية التي تضم جيش الإسلام، أحد أهم الكتائب فيها، الذي يقوده أحد حلفائها زهران علوش، وهو الرجل القوي في دوما بالقرب من دمشق، واستلم مؤخراً صواريخ مداها ستين كيلومتراً من عرابيه السعوديين.
     قام المتمردون بهجومين يدلان على هذه الحرب بالوكالة. بدأ الأول في منتصف شهر تشرين الثاني في الغوطة الشرقية بفضل وصول عدة آلاف من المتمردين الذين تدربوا في الأردن، أدى هذه الهجوم إلى زعزعة الجيش. اعترف أحد كبار الضباط السوريين قائلاً: "اخترق الإرهابيون خطوطنا الدفاعية الأربعة الأولى". احتاجت القوات النظامية إلى عدة أيام لاستعادة الأراضي التي خسرتها بفضل دعم حزب الله. يؤكد البعض أن هذا الهجوم الواسع كان من المفترض أن يواكب الضربات الأمريكية والفرنسية المؤجلة في نهاية شهر آب بعد تسوية الأزمة حول الأسلحة الكيميائية التي استخدمها النظام ضد خصومه.
     الهجوم الثاني الذي لم يكن وليد الصدفة هو الذي يتواجه فيه حالياً المتمردون السلفيون مع الجهاديين في المناطق الشمالية المحاذية لتركيا. قال مصدر دبلوماسي أممي في لبنان إلى صحيفة الفيغارو: "تم اتخاذ قرار الهجوم بنهاية شهر تشرين الثاني أثناء اجتماع لأجهزة الاستخبارات السعودية والتركية". بعد عدة أيام من هذا الاجتماع، تم الاستيلاء على مركز قيادة الجيش السوري الحر من أجل تهميش شريك مزعج. ثم بدأت حملة إعلامية لنزع شرعية الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام، وتم اتهامها بأنه "دمية" بيد الأسد. تزامن هذا الهجوم أيضاً مع هجوم تنظيم القاعدة في مدينتي الفلوجة والرمدي العراقيتين ضد القوات النظامية لرئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي على أمل ألا يتمكن الجهاديون من السيطرة على جبهتين في آن معاً. أكد دبلوماسي عربي في لبنان قائلاً: "يريد الأمير السعودي بندر أن يُظهر للدول الغربية أنه قادر على إلحاق الهزيمة بتنظيم القاعدة الذي يخيف الغرب وبنظام الأسد".

     إن هذه الحرب القذرة بأطراف متعددة تزيد من تعقيد التسوية. يجب على الرياض أن تأخذ بعين الاعتبار جارها القطري المشاغب الذي لم يتخل عن القيام بدوره الخاص. أكد لنا أحد المعارضين من استانبول قائلاً: "عندما لا تنجح قطر بانتخاب رجالها في مؤسسات المعارضة، يحاول المبعوثون القطريون الانتقام عبر إرسال الأسلحة إلى المجموعات المعادية لنا. نحن نحاول تهدئتهم حالياً، ووعدنا وزير الخارجية القطري خالد العطية ببعض الأشياء".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق