الصفحات

الاثنين، ٦ كانون الثاني ٢٠١٤

(عمليات انتقامية داخل التمرد الإسلامي السوري)

صحيفة الفيغارو 6 كانون الثاني 2014 بقلم مراسلها الخاص في بيروت جورج مالبرونو Georges Malbrunot

     بدأت ملاحقة الجهاديين في شمال وشرق سورية، وقرر المتمردون القيام بأنفسهم بملاحقة الجهاديين بعد فترة طويلة من التردد. بدأت المواجهات منذ يوم الجمعة 3 كانون الثاني في عدة أماكن داخل المناطق القريبة من الحدود التركية والعراقية، ويتواجه فيها تحالف يضم ثلاث مجموعات متمردة ضد حليفهم السابق الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام. قررت بعض مكونات التمرد الانتقال إلى الهجوم لمواجهة تزايد أعمال الخطف والاغتيالات المرتكبة من قبل الجهاديين الأجانب الذين يفرضون على السكان نموذجاً راديكالياً متطرفاً من القانون الإسلامي. يضم هذا التحالف جيش المجاهدين والجبهة الإسلامية (الأكثر قوة بين الكتائب المتمردة) وجبهة الثوار. فيما يتعلق بالكتيبتين الأولى والثانية، إنهما ذو توجه سلفي، وانتصرتا على الجيش السوري الحر الذي يمثل المعتدلين الذين رفض العرابون الغربيون تزويدهم بالسلاح. أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى مقتل حوالي 36 مقاتلاً على الأقل من الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام أو من المقربين منها، بالإضافة إلى حوالي مئة أسير منهم لدى هؤلاء المتمردين منذ يوم الجمعة 3 كانون الثاني.
     أقسم هذا التحالف الجديد على "تحرير" المدن الواقعة تحت سيطرة تنظيم القاعدة في شمال وشرق سورية. ربما أصبح معبر باب الهوى تحت سيطرة المقاتلين الأكثر اعتدالاً الذين استعادوا أيضاً السيطرة على بعض القرى ولاسيما في شمال حلب وبالقرب من إدلب، أي في المنطقتين اللتين ستكون المهمة فيهما أكثر سهولة بالنسبة لمعارضي تنظيم القاعدة بالمقارنة مع منطقة شرق سورية بالقرب من العراق. تستفيد الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام في هذه المنطقة الأخيرة من الدعم اللوجستي الذي يقدمه جناحها العراقي. قال أحد المحللين: "الطريق بين العراق وسورية مفتوحة، ويستطيع الرجال المرور مع الأسلحة. ولكن الجهاديين سيجدون صعوبة في مقاومة خصومهم في شمال حلب وبالقرب من إدلب بعد التشدد التركي الأخير". من جهة أخرى، ستسعى الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام إلى الحفاظ على مواقعها حول الرقة ودير الزور، أي في المناطق التي تتواجد فيها الآبار النفطية الغنية.

     لم يكن أمام المكونات الأخرى للتمرد أي خيار آخر بعد فشل الجيش السوري الحر باستثناء الانتظار والمخاطرة بامتصاصها من قبل تنظيم القاعدة الذي لم يتوقف عن تحقيق التقدم خلال عام 2013. ألح الأمريكيون والأوروبيون على الحركة السلفية لكي تواجه الجهاديين، وذلك قبل ثلاثة أسابيع من مؤتمر جنيف الذي قد يُطلق عملية انتقالية للسلطة. إن المقصود هو إظهار أن المناطق المتمردة المحررة ليست ضحية للفوضى أو للتوجهات الظلامية، وأن هذه القوى الجديدة المعارضة لتنظيم القاعدة قادرة على فرض احترام اتفاق لوقف إطلاق النار في جنيف. ولكن بانتظار ذلك، ما زالت هناك العديد من الأسئلة بدون إجابة. يتعلق أهم هذه الأسئلة بموقف الحركة الجهادية الأخرى جبهة النصرة التي تتألف أغلبيتها من السوريين. ما زالت جبهة النصرة خارج المعارك بين المتمردين حتى الآن. هناك أمر مؤكد: إن العديد من السوريين المعادين لتنظيم القاعدة، أشادوا بهذه "الثورة الثانية" ضد تنظيم القاعدة بعد الثورة ضد النظام.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق