الصفحات

الاثنين، ٦ كانون الثاني ٢٠١٤

(تنظيم القاعدة يهاجم في لبنان والعراق)

صحيفة الفيغارو 6 كانون الثاني 2014 بقلم مراسلها الخاص في بيروت جورج مالبرونو Georges Malbrunot

     أدانت الولايات المتحدة وحشية مقاتلي الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام بعد عامين من انسحابها من العراق. تشعر وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA بالقلق منذ عدة أشهر بسبب بروز "المحور الجهادي" الذي يصل بين المناطق السنية في العراق بطرابلس في شمال لبنان مروراً بشمال سورية الذي حققت فيه الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام بعض التقدم خلال العام الماضي. لقد تم أخذ هذا التهديد بجدية عالية لدرجة دفعت بأجهزة الاستخبارات الأمريكية إلى إعطاء بعض المعلومات إلى السلطات اللبنانية بشكل سمح باعتقال ماجد الماجد يوم الخميس 2 كانون الثاني، إنه مواطن سعودي كان يقود كتائب الجهادي عبد الله عزام انطلاقاً من مخيم اللاجئين في عين الحلوة بجنوب بيروت. لقد تبنت هذه المجموعة عملية التفجير ضد السفارة الإيرانية في لبنان قبل شهر، وإطلاق القذائف الصاروخية ضد شمال إسرائيل. 
     تشير المعلومات التي حصلنا عليها إلى أن ماجد الماجد مات بعد اعتقاله بفترة قصيرة، عندما كان عائداً من سورية بهوية مزورة عبر الأردن ومطار بيروت. لقد تعرض للإصابة بجروح أثناء المعارك في سورية إلى جانب الجهاديين، وكان من المفترض معالجته في أحد المستشفيات اللبنانية. ربما قام ماجد الماجد بإعطاء بعض المعلومات الثمينة قبل موته حول شركائه الذين يمولونه في الخارج والشبكات المالية التي كانت تسمح لمجموعته بتمويل عمليات التفجير. أصبحت هذه المعلومات بأيدي الأجهزة الأمريكية التي ما زالت أولويتها مكافحة تنظيم القاعدة في الشرق الأوسط.


(الرهائن: كنوز حرب في سورية)

صحيفة الليبراسيون 6 كانون الثاني 2014 بقلم جان بيير بيران Jean-Pierre Perrin

     اقترح (أبو جمال)، أحد قادة التمرد السوري أثناء زيارته لطرابلس في شمال لبنان، على بعض الصحفيين مرافقتهم إلى سورية في شهر تشرين الأول الماضي. إنه شقيق رئيس كتيبة "عباد الرحمن" (الإسلامية والمقربة من جبهة النصرة الراديكالية التابعة لتنظيم القاعدة) التي تعمل في منطقة حمص. لقد تعهد (أبو جمال) بحمايتهم من الخطف، والتزم بتعهده: عاد المصور الفرنسي ـ اللبناني (بول) سليماً ومعافى، ولكنه لن يقوم بهذه الرحلة مرة أخرى في المستقبل القريب. قال (بول): "بمجرد وصولنا إلى الجانب الآخر من الحدود، أرسلت الكتائب المتمردة الأخرى في المنطقة بعض المقاتلين لمعرفة من نكون، وتقويم إمكانية خطفنا"، وأضاف أنهم كانوا سينجحون بخطفه لولا وجود (أبو جمال) ورجاله، وأشار إلى أنه عاد إلى لبنان في اليوم التالي.
     في البداية، كانت الخطورة تتركز في شمال سورية بالنسبة للصحفيين الغربيين والعاملين في المجال الإنساني بسبب تكاثر المجموعات الإسلامية الراديكالية فيها. في الوقت الحالي، أصبحت جميع المناطق خطيرة عليهم. إن المجموعات التي تقوم بعمليات الخطف ليست إسلامية فقط. بهذا الخصوص، هناك شهادة ثمينة جداً للصحفي الإيطالي دومينيكو كويريكو Domenico Quirico الذي تعرض للخطف لمدة خمسة أشهر، وتم الإفراج عنه في شهر أيلول الماضي، عندما أشار إلى أن زعيم الخاطفين "الذي يدعي أنه أمير" كان اسمه (أبو عمر)، وأنه "قام بتشكيل كتيبته عبر تجنيد الناس في الأحياء المجاورة، وأنهم كانوا لصوصاً أكثر منهم إسلاميين أو ثواراً". وأضاف أن (أبو عمر) كان يتعاون بشكل وثيق مع كتيبة الفاروق الأكثر شهرة داخل التمرد والمنضمة إلى المجلس الوطني السوري الذي اعترفت به الحكومات الأوروبية، وقال: "لقد وثق الغربيون بهم، ولكنني تعلمت من خبرتي أنها كتيبة ترمز إلى ظاهرة جديدة ومقلقة بالنسبة للثورة: أي بروز عصابات شريرة كما هو الحال في الصومال، واستفادتها من الغطاء الإسلامي والسياق الثوري من أجل الاستيلاء على مساحات واسعة من الأراض وابتزاز السكان وخطف الناس وملء جيوبهم بالأموال". تدل هذه الشهادة وشهادة صحفيين آخرين على أن الرهينة أصبحت سلعة تُباع بين الكتائب.

     هناك سيناريو آخر، تعرض عدة صحفيين وعاملين في المجال الإنساني للخطف في شمال سورية من قبل بعض المجموعات الشبيهة بالمافيا، ثم وقع الرهائن بأيدي الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام التابعة لتنظيم القاعدة التي أبعدت هذه المجموعات وسيطرت على المنطقة. إن الدافع الأساسي في هذه المرة ليس مالياً أو سياسياً، باعتبار أن مثل هذه المجموعات لا ينقصها المال أو السلاح. قرر فرانسوا هولاند في شهر كانون الثاني 2013 تغيير سياسته لمواجهة تزايد عمليات الخطف، ولم يعد هناك مجال لتفضيل المصلحة الخاصة على مصلحة الدولة، ومنع دفع أية فدية بشكل يتعارض مع السياسة المتبعة. لقد تبنت واشنطن ولندن هذا الموقف منذ وقت طويل، لاقتناعهما بأن دفع الفدية سيشجع القيام بعمليات خطف أخرى، وبذلتا جهدهما لإقناع باريس.

السبت، ٤ كانون الثاني ٢٠١٤

(اختطاف خمسة أعضاء من منظمة أطباء بلا حدود في المستنقع المتفجر بشمال سورية)

صحيفة الليبراسيون 4 كانون الثاني 2014  بقلم لوك ماتيو Luc Mathieu وجان بيير بيران Jean-Pierre Perrin

     أصبح المتمردون الإسلاميون يهاجمون المنظمات الإنسانية علناً بعد الصحفيين الغربيين الذين تعرض حوالي خمسة عشر صحفياً منهم للاعتقال في سورية. تعرض خمسة عاملين في منظمة أطباء بلا حدود للاختطاف مساء يوم الخميس 2 كانون الثاني "في أحد منازل منظمة أطباء بلا حدود في شمال سورية من قبل إحدى المجموعات لاستجوابهم على ما يبدو". من غير المعروف فيما إذا كان هناك مواطنون أجانب بينهم، وترفض المنظمة إعطاء المعلومات حرصاً على أمن أعضائها". إنها ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها العاملون في المنظمات الإنسانية للاختطاف، وقام التمرد السوري باعتقال العديد منهم في المناطق المتمردة. من المعروف أنه هناك رهينتان أوروبيتان على الأقل من إحدى المنظمات الفرنسية غير الحكومية في شمال سورية، ومن المحتمل أنه تم اختطافهما من قبل الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام، وهي منظمة متطرفة جداً وتظهر اليوم باعتبارها المجموعة الأكثر أهمية في المنطقة. تستقبل هذه المجموعة أغلب الأجانب الذين جاؤوا للقتال في صفوف التمرد، وقتلت في شهر أيلول الماضي طبيباً جراحاً سورياً كان يعمل مع منظمة أطباء بلا حدود في شمال سورية، كما اختطفت في شهر تشرين الأول سبعة موظفين في اللجنة الدولية للصليب الأحمر في منطقة إدلب دون الحصول على أية معلومات عنهم حتى اليوم.
     بدأ التوتر في شهر أيلول الماضي بين منظمة أطباء بلا حدود والدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام في إعزاز على مسافة عدة كيلومترات من الحدود التركية. اتهم الجهاديون حينها طبيباً ألمانياً بالتجسس أثناء زيارته لأحد مستشفيات المدينة. أدى هذا الحادث إلى نشوب سلسلة من المعارك بين الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام وكتيبة "عاصفة الشمال" التابعة للجيش السوري الحر. تم التوقيع في النهاية على هدنة سمحت بسيطرة الجهاديين على المدينة. منذ ذلك الوقت، تزايدت سيطرة الجهاديين على الجزء الأكبر من المناطق الشمالية، وأصبحوا يسيطرون اليوم على العديد من المدن الحدودية مثل أطمة وباب الهوى، ويستخدمون هاتين المدينتين كمعبر أساسي لدخول سورية. كما استولوا على الرقة ودير الزور والعديد من الحقول النفطية بالمنطقة. كما استطاعوا إقامة الاتصال مع العراق ومنطقة الأنبار السنية التي أسسوا فيها الجناح العراقي لتنظيم القاعدة بعد الغزو الأمريكي للعراق.
     يتهم الجيش السوري الحر وبعض سكان المنطقة هؤلاء الجهاديين بأنهم لا يقاتلون فعلاً ضد قوات نظام بشار الأسد، بل يفضلون السيطرة على شمال سورية. بالمقابل، تقاتل الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام بشكل واضح كل من يعارض نفوذها. يستهدف عناصرها منذ عدة أشهر الناشطين القدماء للثورة، وتنتقدهم بأنهم لا يريدون إقامة الخلافة في المنطقة، ويكتفون بالتركيز على رحيل بشار الأسد. اقتحم الجهاديون بتاريخ 30 كانون الأول مباني الناشطين في كفرنبل بمنطقة إدلب، واتهمونهم بمقارنتهم بشبيحة النظام. ينشط الثوار في كفرنبل بشكل كبير على الأنترنت، ويسألون الدول الغربية دوماً عن سبب رفضهم الانخراط في النزاع. كما لم تتردد الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام باغتيال بعض قادة المجموعات المتمردة الأخرى، وحتى الإسلامية منها. تم اعتقال وقتل أحد قادة المجموعة السلفية أحرار الشام (أبو ريان) قبل عدة أيام بالقرب من حلب، كان أبو ريان مكلفاً بالإشراف على المركز الحدودي في تل أبيض الذي لا يخضع لسيطرة الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام حتى الآن.
     إن إرادة الجهاديين بالهيمنة تنقلب عليهم في بعض الأحيان. أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام خسرت 16 مقاتلاً في أتارب وحلب البارحة 3 كانون الأول أثناء المواجهات مع عناصر إحدى المجموعات الجديدة باسم "جيش المجاهدين". اندلعت المعارك بعد عدة أيام من قيام الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام باعتقال وتعذيب وقتل طبيب سوري يعمل مع التمرد. تُظهر أفلام الفيديو المنشورة على الأنترنت بعض التجمعات التي تهتف في حلب قائلة: "لنسحق الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام والأسد!"، ويظهر في فيلم فيديو آخر المتظاهرون وهم يركضون عند إطلاق العيارات النارية، كما هو الحال عندما كانت قوات بشار الأسد تطلق النار على الثوار عامي 2011 و2012.


(الأسلحة المرسلة إلى سورية تُغذي الحرب بين أجهزة الاستخبارات التركية)

صحيفة الفيغارو 4 كانون الثاني 2014 بقلم مراسلتها في تركيا لور مارشاند Laure Marchand

     إن الشاحنة الغامضة في محور الحرب الدائرة بين مختلف أجهزة الاستخبارات التركية. تم إيقاف هذه الشاحنة بتاريخ 1 كانون الثاني عندما كانت في طريقها باتجاه سورية وبداخلها بعض الأسلحة والذخيرة مع المساعدة الإنسانية. لم يستطع رجال الجيش تفتيش حمولة الشاحنة على الرغم من طلب أحد القضاة بتفتيشها. لقد صدر أمر مكتوب من حاكم محافظة هاتاي التي تم فيها إيقاف الشاحنة، بمنع تنفيذ أوامر القاضي. كانت هذه الشاحنة تحت حماية أجهزة الاستخبارات التركية MIT، وأشارت صحيفة Radikal إلى وجود وثيقة موقعة باسم رئيس الحكومة تحصر صلاحية تفتيشها بمكتب رئيس الحكومة. تمكنت الشاحنة من متابعة طريقها، وهي تابعة لجمعية IHH التي استأجرت أسطول مافي مرمرة للذهاب إلى غزة. نفت هذه الجمعية الإسلامية المقربة من رئيس الحكومة علاقتها بالشاحنة، واتهمت إسرائيل وجمعية فتح الله غولن بتدبير هذه العملية سراً. صرح وزير الداخلية التركي Efkan Ala أن الحمولة كانت متهجة إلى التركمان السوريين وأنه "يجب على كل طرف الاهتمام بقضاياه". كان وزير الدفاع التركي قد أكد في شهر كانون الأول أن الأسلحة المرسلة إلى سورية تقتصر على "بنادق الصيد"، وذلك بعد إيقاف شاحنة محملة بـ 935 قذيفة صاروخية.


(اللاجئون السوريون يتدفقون على طرابلس الغرب)

صحيفة الفيغارو 4 كانون الثاني 2014 بقلم مراسلها في طرابلس الغرب تييري أوبرليه Thierry Oberlé

     هرب حوالي عشرين ألف لاجىء سوري من الثورة الليبية عام 2011 على متن الطائرات والسفن التي استأجرها نظام دمشق. بعد مرور عامين على ذلك، هرب عشرات الآلاف بالاتجاه المعاكس. تم إحصاء حوالي خمسة عشر ألف لاجىء سوري لدى المنظمات الدولية في طرابلس الغرب، ولكن ربما وصل إلى ليبيا عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين. تزايد تدفق اللاجئين السوريين منذ إبعاد الرئيس المصري محمد مرسي، وتشدد السلطات المصرية تجاه اللاجئين السوريين.
      قال رئيس جمعية اللاجئين السوريين في ليبيا قيس العربي Khais al-Araby: "يتدفق مواطنونا لأنهم يشعرون بحرية أكبر هنا: العمل متوفر، واللغة نفسها، والمدرسة والخدمة الصحية مجانية، كما يدعم الثوار الليبيون المتمردين، هناك حوالي 200.000 سوري في ليبيا".
     يريد هؤلاء المهاجرين الذهاب إلى أوروبا. غرقت سفينة تنقل عدة مئات من السوريين على مسافة مئة متر من الشواطىء المالطية بتاريخ 11 تشرين الأول (مات حوالي 34 شخصاً على الأقل). قالت الشقيقتان رحاب وسمية اللتان جاءتا إلى ليبيا من دوما في شهر تموز الماضي عن طريق مصر: "كانت ابنة عمنا أديلا، 27 عاماً، على متن هذه السفينة. لقد اختفت، بعد أن وصلت إلى طرابلس الغرب قبل عشرة أشهر. بالنسبة لنا، لا نريد عبور البحر والمخاطرة بإضافة البؤس إلى البؤس".

الجمعة، ٣ كانون الثاني ٢٠١٤

(دعوة الشباب الأوروبيين إلى سورية)

صحيفة الليبراسيون 3 كانون الثاني 2014 بقلم جان بيير بيران Jean-Pierre Perrin

     كم يبلغ عدد الشباب المسلمين الفرنسيين أو الحاملين للجنسيتين الذين يقاتلون في سورية، أو الذين ذهبوا للانضمام إلى المجموعات المقربة من تنظيم القاعدة؟ قام وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس بتقدير عددهم بأربعمائة شاب في بداية شهر كانون الأول أثناء تواجده في بروكسل. ثم أضاف بتاريخ 17 كانون الأول أمام لجنة الشؤون الأوروبية في البرلمان الفرنسي بعض المعلومات التفصيلية: هناك أكثر من 200 "في البلد"، أكثر من 70 أو 80 "في الترانزيت"، ومات 15 منهم، "ومئة يريدون الذهاب إلى سورية"، "و20 % منهم اعتنقوا الإسلام". كما أكد قائلاً: "يريد جميعم القتال في سورية داخل صفوف الجهاديين... تزايد عددهم بشكل كبير جداً". كما تحدث عن "الخشية من عودتهم" واعترف أنه "التحدي الأكبر لفرنسا وأوروبا من حيث معايير الخطر خلال السنوات القادمة".
     صدرت أرقام أخرى أكثر مدعاة للقلق عن أجهزة الاستخبارات. ربما انضم حوالي ألف فرنسي إلى التمرد السوري بشكل متتالي بين عامي 2011 و2013، أو بشكل أدق إلى المجموعات الجهادية. أشار مصدر سياسي فرنسي إلى أن باريس استأنفت مؤخراً الاتصالات مع إحدى الشخصيات الأكثر تشدداً في النظام السوري اللواء علي مملوك الذي يسيطر على الأجهزة السرية، وأشرف على بعض عمليات التفجير المرتكبة في لبنان خلال الأشهر الأخير (من جهة أخرى، وقع انفجار البارحة 2 كانون الثاني في الضاحية الشيعية ببيروت، وأدى إلى مقتل أربعة أشخاص). إن أحد أسباب هذا التقارب الغريب، باعتبار أن باريس ما زالت تدعم المعارضة حتى الآن، هو الحصول على بعض المعلومات عن الجهاديين الفرنسيين.
     إن الأمر الذي يبعث على الصدمة هو أن الشباب المتطوعين الفرنسيين والأوروبيين يختارون المجموعات الأكثر تطرفاً والمعروفة بارتكاب الأعمال الوحشية مثل جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام. اعترف أحد الوزراء الفرنسيين قائلاً: "أعرب أغلب الأفراد عن إرادتهم بالقتال مع المنظمات المقربة من تنظيم القاعدة". يمكن تفسير ذلك بأن هذه المجموعات هي الأكثر شهرة بارتكاب أعمال الترهيب على الأقل. إنهم ينشطون جداً على الشبكات الاجتماعية، ويُعرف عنهم حسن استقبالهم للمتطوعين الأجانب ـ شوهد مسبح على أحد مواقع الأنترنت ـ  وحسن تدريبهم على القتال واستخدام الأسلحة. قال خبير غربي لم يكشف عن اسمه: "يعمل الشباب الأوروبيون بشكل خاص في المجال اللوجستي، ونادراً ما يقاتلون في الصفوف الأمامية". هذا هو الأمر الذي يفسر قلة عدد الضحايا بالمقارنة من الجهاديين السعوديين والليبيين.
     هناك عدة تفسيرات للعدد المرتفع للمتطوعين الأوروبيين مثل سهولة الوصول إلى سورية بخلاف مناطق القبائل الباكستانية أو العراق، وتُغمض السلطات التركية عيونها عن أولئك الذين يمرون عبر أراضيها، وتشجعهم أحياناً أخرى. بالإضافة إلى ذلك، إن الجهاد في سورية ليس دامياً جداً بالمقارنة مع أفغانستان والعراق، حيث يواجه الجهاديون في هاتين الدولتين قوة نيران الجيش الأمريكي. من الآن فصاعداً، يقع على عاتق باريس وبروكسل تنسيق عمل الدول الأوروبية المعنية بهذه الظاهرة غير المسبوقة.
     يسعى الاتحاد الأوروبي أيضاً إلى مكافحة التجنيد ولاسيما عبر الأنترنت. اعترف مانويل فالس في بروكسل قائلاً: "يجب علينا القضاء على التجنيد عبر الأنترنت، ولكن الأمريكيين يطرحون مشكلة على هذا الصعيد بسبب المادة الأولى في الدستور التي تدافع عن حرية التعبير". يجب على الأوروبيين أيضاً التحرك ضد الشبكات التي تقوم بإيصال المجندين من أوروبا عبر دول البلقان وتركيا والمغرب. تفكر الدول الأوروبية دوماً بالهاجس الذي عبّر عنه الخبير بروس هوفمان Bruce Hoffman في جامعة جوجتاون أثناء مؤتمر حول الإرهاب بقوله: "مع التدريب الذي يحصلون عليه في سورية، هناك احتمال كبير بأن يكونوا قادرين خلال السنتين القادمتين على تحقيق الأمنية الأخيرة لأسامة بن لادن، أي القيام بهجوم شبيه بهجوم بومباي في أوروبا".


(المملكة الضائعة للجهاديين البريطانيين)

صحيفة الليبراسيون 3 كانون الثاني 2014 بقلم مراسلتها في لندن ستيفاني دوسيلغي Stéphanie de Silguy

     أصبح السر الأكثر شيوعاً. بدأ سحب الجنسيات من الشباب المسلمين البريطانيين الذين يزداد عددهم في صفوف الجهاديين السوريين. أشار أحد الأعضاء السابقين في وزارة الداخلية البريطانية إلى أنه "يوجد حالياً ما بين 40 و240 بريطاني منخرطين في النزاع. المشكلة هي أننا لا نتحرك بالسرعة الكافية لحرمانهم من جنسياتهم". إن السلطة الوحيدة المخولة باتخاذ مثل هذا القرار هي وزيرة الداخلية البريطانية تيزيزا ماي Theresa May. إن المعايير صارمة: يجب أن يكون تواجد الفرد على الأرض يهدد المصلحة العامة أو أن الجنسية تم الحصول عليها عن طريق الاحتيال. تُشير الأرقام التي جمعها مكتب  التحقيق الصحفي Bureau Investigative Journalism إلى أنه تم سحب الجنسية البريطانية من 37 شخصاً يحملون جنسيتين منذ استلام تيريزا ماي لمنصبها في شهر أيار 2010، ومنهم عشرين حالة في عام 2013.
     ما زالت الحكومة البريطانية ترفض الإعلان رسمياً عن هذه الأرقام. تكتفي وزارة الداخلية بالتأكيد أن "المواطنة هي امتياز يجب سحبه إذا كان ذلك مبرراً، وهي ليست حقاً". أشار مكتب التحقيق الصحفي إلى أنه هناك تفسير واحد قدمه موظف كبير سابق في وزارة الخارجية البريطانية، قال هذا الموظف: "إن الدافع وراء هذا الارتفاع هو الحرب في سورية". تراهن تيريزا ماي على الشفافية، أشارت الوزيرة أمام النواب في نهاية شهر كانون الأول إلى أن سحب الجنسية هو إحدى الخيارات من أجل معاقبة  "الذين يخرجون من المملكة المتحدة للقتال في سورية". كما ستفكر الوزيرة بتوسيع إمكانية سحب الجنسية من غير البريطانيين، وهذا أمر غير ممكن حالياً، لأنهم سيصبحون عديمي الجنسية في هذه الحالة. تشير بعض النصوص الدولية إلى أن هذا الوضع مستحيل. تنص المادة الثامنة من اتفاقية تخفيض انعدام الجنسية في عام 1961 على أن: "الدول الموقعة لن تحرم أي فرد من جنسياتها إذا كان هذا الحرمان سيجعلهم عديمي الجنسية". لقد وقعت بريطانيا على هذه الاتفاقية عام 1966.
     لكن مكتب التحقيق الصحفي يدين الطريقة التي يتم فيها تطبيق القواعد في هذا المجال. إن قرار سحب الجنسية يدخل حيز التطبيق فوراً، وهو يدخل في صلاحيات أحد القضاة الذين تستشيرهم الحكومة. النتيجة، يجب على الأفراد المستهدفين بهذا القرار رفع دعاوى الاستئناف من الخارج، أن من البلد العالقين فيه. قال بنجامان ورد Benjamon Ward، أحد كبار المسؤولين في منظمة هيومان رايتس ووتش: "إن هذه الممارسة تُعرّض هؤلاء الأشخاص إلى خطر التعذيب والمعاملة السيئة في دولهم الأصلية والدول التي استقبلتهم، باعتبار أن بعضهم وُلد في المملكة المتحدة".
     هناك نتيجة أخرى، يفقد الأشخاص المعنيون حماية السلطات الدبلوماسية للمملكة. أشارت الأندبندنت على سبيل المثال إلى حالة مهدي حاشي المولود في الصومال، والذي فقد الجنسية البريطانية في العام الماضي. إنه ملاحق بسبب قيامه بأعمال إرهابية، ويتواجد حالياً في أحد سجون نيويورك. من أجل الخروج من هذا الوضع، طلب والداه مساعدة حكومة دافيد كاميرون، ولكنهما واجها رفضاً حازماً: إن ابنهما "لم يعد مواطناً بريطانياً، ولم يعد يستفيد من حماية البلد، وبالتالي، لم يعد له الحق بالحصول على المساعدة من القنصلية". ما هو السبب الكامن فعلاً وراء هذا الحذر من الأفراد الذين ذهبوا إلى الجبهة لمساعدة المتمردين السوريين في إسقاط نظام بشار الأسد الذي تكرهه السلطات البريطانية رسمياً؟ بثت محطة التلفزيون البريطانية سكاي نيوز قبل عدة أسابيع صوراً لبعض المقاتلين الجهاديين البريطانيين في سورية، لقد قالوا بدون الكشف عن هوياتهم أن: "عدة مئات من الشباب مثلهم انضموا إلى صفوفهم"، ويؤكدون: "أنهم لا ينتمون إلى تنظيم القاعدة، وليست لديهم أية نية باستهداف المواقع على الأراضي البريطانية بعد عودتهم".
     هذه هي الخشية الأساسية للسلطات البريطانية، اعتبر رئيس الاستخبارات البريطانية M15 أندرو باركر Andrew Parker أن: "ارتفاع عدد البريطانيين المقاتلين في سورية يتسبب بتزايد النشاطات الإرهابية في المملكة المتحدة. ولكننا نلاحظ وجود محاولة أو محاولتي تفجير كبيرتين سنوياً منذ عام 2000، ويبدو لي أن هذا الوضع لن يتغير في السنوات القادمة. إن عدداً متزايداً من القضايا التي نتابعها مرتبط بسورية بشكل أو بأخر. من الممكن أن يعود بعض البريطانيين المنخرطين في المعارك في سورية أكثر راديكالية مما كانوا من قبل". إن الأجهزة الأمنية قلقة جداً، لأن قرب سورية من أوروبا يُسهل انتقال المتطرفين البريطانيين والأوروبيين.