صحيفة الليبراسيون 6 كانون الثاني 2014 بقلم
جان بيير بيران Jean-Pierre
Perrin
اقترح (أبو جمال)، أحد قادة التمرد السوري أثناء
زيارته لطرابلس في شمال لبنان، على بعض الصحفيين مرافقتهم إلى سورية في شهر تشرين
الأول الماضي. إنه شقيق رئيس كتيبة "عباد الرحمن" (الإسلامية
والمقربة من جبهة النصرة الراديكالية التابعة لتنظيم القاعدة) التي تعمل في منطقة
حمص. لقد تعهد (أبو جمال) بحمايتهم من الخطف، والتزم بتعهده: عاد المصور الفرنسي ـ
اللبناني (بول) سليماً ومعافى، ولكنه لن يقوم بهذه الرحلة مرة أخرى في المستقبل
القريب. قال (بول): "بمجرد وصولنا إلى الجانب الآخر من الحدود، أرسلت
الكتائب المتمردة الأخرى في المنطقة بعض المقاتلين لمعرفة من نكون، وتقويم إمكانية
خطفنا"، وأضاف أنهم كانوا سينجحون بخطفه لولا وجود (أبو جمال) ورجاله،
وأشار إلى أنه عاد إلى لبنان في اليوم التالي.
في
البداية، كانت الخطورة تتركز في شمال سورية بالنسبة للصحفيين الغربيين والعاملين
في المجال الإنساني بسبب تكاثر المجموعات الإسلامية الراديكالية فيها. في الوقت
الحالي، أصبحت جميع المناطق خطيرة عليهم. إن المجموعات التي تقوم بعمليات الخطف
ليست إسلامية فقط. بهذا الخصوص، هناك شهادة ثمينة جداً للصحفي الإيطالي دومينيكو
كويريكو Domenico Quirico الذي تعرض
للخطف لمدة خمسة أشهر، وتم الإفراج عنه في شهر أيلول الماضي، عندما أشار إلى أن
زعيم الخاطفين "الذي يدعي أنه أمير" كان اسمه (أبو عمر)، وأنه "قام
بتشكيل كتيبته عبر تجنيد الناس في الأحياء المجاورة، وأنهم كانوا لصوصاً أكثر منهم
إسلاميين أو ثواراً". وأضاف أن (أبو عمر) كان يتعاون بشكل وثيق مع كتيبة
الفاروق الأكثر شهرة داخل التمرد والمنضمة إلى المجلس الوطني السوري الذي اعترفت
به الحكومات الأوروبية، وقال: "لقد وثق الغربيون بهم، ولكنني تعلمت من
خبرتي أنها كتيبة ترمز إلى ظاهرة جديدة ومقلقة بالنسبة للثورة: أي بروز عصابات
شريرة كما هو الحال في الصومال، واستفادتها من الغطاء الإسلامي والسياق الثوري من
أجل الاستيلاء على مساحات واسعة من الأراض وابتزاز السكان وخطف الناس وملء جيوبهم
بالأموال". تدل هذه الشهادة وشهادة صحفيين آخرين على أن الرهينة أصبحت
سلعة تُباع بين الكتائب.
هناك
سيناريو آخر، تعرض عدة صحفيين وعاملين في المجال الإنساني للخطف في شمال سورية من
قبل بعض المجموعات الشبيهة بالمافيا، ثم وقع الرهائن بأيدي الدولة الإسلامية في
العراق وبلاد الشام التابعة لتنظيم القاعدة التي أبعدت هذه المجموعات وسيطرت على
المنطقة. إن الدافع الأساسي في هذه المرة ليس مالياً أو سياسياً، باعتبار أن مثل
هذه المجموعات لا ينقصها المال أو السلاح. قرر فرانسوا هولاند في شهر كانون الثاني
2013 تغيير سياسته لمواجهة تزايد عمليات الخطف، ولم يعد هناك مجال لتفضيل المصلحة
الخاصة على مصلحة الدولة، ومنع دفع أية فدية بشكل يتعارض مع السياسة المتبعة. لقد
تبنت واشنطن ولندن هذا الموقف منذ وقت طويل، لاقتناعهما بأن دفع الفدية سيشجع
القيام بعمليات خطف أخرى، وبذلتا جهدهما لإقناع باريس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق