الصفحات

الجمعة، ١٠ كانون الثاني ٢٠١٤

(الولايات المتحدة والفوضى الشرق أوسطية)

صحيفة اللوموند 10 كانون الثاني 2014 بقلم آلان فراشون Alain Frachon

     تقوم الدول العربية وإسرائيل باتهام الولايات المتحدة بجريمة مزدوجة: الانسحاب والخيانة. ولكن هذا غير صحيح، ومن المفترض أن يؤكد عام 2014 على المعطيات شبه الدائمة في الشرق الأوسط عام 2014، أي أن الولايات المتحدة هي القوة العظمى الوحيدة في المنطقة وستبقى كذلك. في الحقيقة، تود الولايات المتحدة الانسحاب من هذه السفينة المترنحة، والاهتمام بآسيا التي تنتج نصف انتاج العالم، وبالرهان الاستراتيجي الهام بين الصين من جهة وحلفاء الولايات المتحدة في آسيا وفي مقدمتهم اليابان من جهة أخرى.
     يعاني الشرق الأوسط من انهيار الدول القوية فيه مثل مصر والعراق وسورية. الأمر الذي خلق فراغاً مناسباً للحركات الإسلامية الراديكالية مثل تنظيم القاعدة وشركاءه، ولعودة المرض القديم المتمثل بالمعركة القديمة التي تقسم الإسلام بين السنة والشيعة. بدأت المنطقة بـ "إعادة تنظيم نفسها" حول أكبر دولتين دينيتين فيها هما السعودية وإيران، بسبب عدم وجود سلطة قوية في مصر وبغداد أو دمشق. هذا هو السبب في انفجار أعمال العنف الطائفية التي تجتاح العالم العربي وأصبحت سورية ولبنان والعراق مسرحاً لها.
     كيف يمكن "الخروج" من هذا الوضع؟ من أجل كسر دوامة العنف الطائفية، كانت الولايات المتحدة على صواب عندما استأنفت الحوار مع طهران والتوصل إلى هذا الاتفاق الأول حول البرنامج النووي الإيراني. تعتبر السعودية أن مصداقية الولايات المتحدة قد تزعزعت بسبب رفضها لقصف سورية، ولا تنظر بعين الرضى إلى الدعم الأمريكي للحكومة الشيعية في العراق من أجل سحق الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام بمساعدة إيران وروسيا اللتين تمثلان "أعداء" التحالف السني! إن السعودية لا تفهم جيداً أن واشنطن تتحدث عن مشاركة إيران في مؤتمر للسلام حول سورية.
     تتظاهر السعودية بأنها تبحث عن حلفاء آخرين بدلاً من الولايات المتحدة مثل فرنسا. ولكنها نزوات ظاهرية، ولا مستقبل لها. ليس هناك خيار آخر أمام السعودية وإسرائيل. إن الولايات المتحدة هي الضمان لأمن دول الخليج أكثر من أي وقت مضى، وليست هناك أية دولة أخرى لكي تحل مكانها. لقد تميز عام 2013 بتعزيز العلاقات العسكرية الإسرائيلية ـ الأمريكية بشكل لم يسبق له مثيل. إن الولايات المتحدة أكثر قوة عندما تتحدث مع الجميع، ولاسيما مع الدولتين الدينيتين في المنطقة: إيران والسعودية. إذا تطور الحوار بين طهران وواشنطن، فإنه سيكون الضوء الصغير الوحيد في الأفق الشرق الأوسطي مع بداية عام 2014.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق