الصفحات

الثلاثاء، ٢٨ كانون الثاني ٢٠١٤

(سورية: النظام يُعرقل المفاوضات)

صحيفة الفيغارو 28 كانون الثاني 2014 بقلم مراسلها الخاص في جنيف جورج مالبرونو Georges Malbrunot

     كما كان متوقعاً، لم تتأخر عرقلة المفاوضات، وظهر ذلك حول المسألة المتفجرة المتعلقة بنقل السلطة. في اليوم الثالث للمفاوضات بين النظام ومعارضيه، قام كل طرف يوم الاثنين 27 كانون الثاني بطرح قراءته لبيان جنيف 1 الذي تم تبنيه في شهر حزيران 2012 حول إقامة جهاز حكومي انتقالي، وهو الموضوع الذي يشكل أساس هذه المفاوضات. ولكن عندما عرف معارضو بشار الأسد بـ "إعلان المبادىء" الذي قدمه النظام، لم تتأخر ردة فعلهم. قال رئيس مفاوضي المعارضة هادي البحرة متأسفاً بعد عدة لحظات من هذا الإعلان: "لا يتطرق الإعلان إلى المسألة المركزية". إذا كان هذا الإعلان قد أفاض في معالجة مكافحة الإرهاب، فإن خارطة الطريق للسلطة السورية تجاهلت أية إشارة إلى العملية الانتقالية للسلطة في دمشق. إذاً، رفض معارضو الأسد هذا النص.
     إنها الأزمة الأولى في هذه المفاوضات، وهي لا تُشكل مفاجأة حقيقية. كان وزير الخارجية وليد المعلم الذي يترأس وفد دمشق قد أكد عشية وصوله إلى سويسرا قبل أسبوع بالضبط أن "بشار الأسد يمثل خطاً أحمراً"، واعتبر أنه لا مجال إطلاقاً للحديث عن تغيير السلطة. يوافق ممثلو السلطة في أفضل الأحوال على الحديث عن تشكيل حكومة وحدة وطنية.
     تمكن الوفدان من مواجهة بعضهما البعض للمرة الأولى يوم السبت 25 كانون الثاني، وذلك بعد الانتقادات اللاذعة في اليوم الأول للمؤتمر. ثم قام الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي بمفاجأة الجميع مساء اليوم نفسه بالإعلان عن تحقيق تقدم إنساني يتعلق بـ 600 إمرأة وطفل محاصرين منذ سنتين في المدينة القديمة لحمص من قبل القوات النظامية.
     أسرّ أحد أعضاء فريق الأخضر الإبراهيمي مساء الأحد 26 كانون الثاني قائلاً: "قالت لنا الحكومة فعلاً أن إخلاء النساء والأطفال يمكن أن يكون فورياً". هناك مئتان منهم مستعدون لمغادرة حمص يوم الاثنين 27 كانون الثاني، في حين طالبت الولايات المتحدة أيضاً بإدخال مساعدة إنسانية إلى المدينة. أضاف الدبلوماسي الأممي قائلاً: "بالمقابل، بالنسبة للرجال، يريد النظام معرفة من هم هؤلاء الرجال. إنه يريد قائمة بأسمائهم، وقال لنا أنه سينظر بوضع كل حالة على حدة. ولكن إذا كان بعض المتمردين ينتمون إلى جبهة النصرة أو بقية المجموعات التابعة لتنظيم القاعدة، فإنه لن يسمح لهم بالخروج بهذه السهولة".
     باختصار، إن حمص تمثل "خطوة صغيرة جداً" يجب تجسيدها على الأرض. هناك الكثير من العقبات مثل الخشية من اعتقال الرجال عند خروجهم من المدينة القديمة بالإضافة إلى النفوذ المحدود للمعارضين في جنيف على المجموعات المسلحة. من أجل التغلب على هذه العقبة، قامت الأمم المتحدة بإرسال بعض المبعوثين إلى بعض الفصائل المعارضة لجنيف 2، وقامت الدول التي ترعى هذه الفصائل (قطر والسعودية) بالشيء نفسه. أعرب الدبلوماسي الأممي عن سروره قائلاً: "نلاحظ بوادر تغيير من قبل بعض المجموعات التي تقول لنا بأنه إذا حقق مؤتمر جنيف تقدمأً، فسيكون ذلك أمراً جيداً".
     استطاع الأخضر الإبراهيمي الإعلان أمام الصحافة يوم الأحد 26 كانون الثاني أنه "مسرور" من الاتفاق حول حمص. في الحقيقة، سعى الدبلوماسي الجزائري الذكي جداً إلى الضغط على محاوريه، باعتبار أن أياً من الطرفين لا يريد المخاطرة بتحميله مسؤولية الفشل. وقال أحد معاونيه: "لقد توقفوا عن توجيه الشتائم لبعضهم البعض، وهذا أفضل مما كنا نخشاه"، ولكنه ما زال حذراً عشية التطرق إلى العملية الانتقالية السياسية. كما أن دراسة المسألة الشائكة المتعلقة بالمعتقلين أدت إلى تعكير الجو. قدمت المعارضة لائحة تتضمن 47.000 معتقلاً. ولكن دمشق أجابت بأن 60 % من هؤلاء الأشخاص لم يسبق اعتقالهم إطلاقاً أو تم الإفراج عنهم.

     على الرغم من المأزق، كرر الوفدان القول: "نحن سنبقى في جنيف". هذه هي النقطة المشتركة الوحيدة بين مؤيدي ومعارضي الأسد. لا يريد أي منهم الظهور بمظهر الذي أغلق باب المفاوضات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق