الصفحات

الاثنين، ١٦ كانون الأول ٢٠١٣

(سورية: "لم يكن يجب علينا تصديق هذه الثورة")

صحيفة الليبراسيون 14 كانون الأول 2013 بقلم لوك ماتيو Luc Mathieu

     محمد شادي Mohammad Chadi (25 عاماً) هو أحد الثوار السوريين الذين لجؤوا إلى فرنسا منذ شهر أيار، لم يعد يحلم إلا بحلم واحد هو العودة إلى سورية وأن يشرب الشاي مع عمه على الشرفة التي تطل على حقول الزيتون. ولكن ،في الواقع،  اختفى عم شادي منذ الصيف الماضي عندما جاء بعض الجهاديين إلى منزله في أطمة بالقرب من الحدود التركية، وأخذوه للتحقيق معه. لم يره أي شخص منذ ذلك الوقت.
     يتعرض محمد شادي للملاحقة من قبل القوات النظامية بسبب مشاركته في المظاهرات في حلب ضد نظام بشار الأسد، كما أصبح مستهدفاً من قبل الجهاديين منذ قيامه بتأسيس معسكر للاجئين في أطمة. يعرف محمد شادي أن التمرد الذي يدعمه دون أن يحمل السلاح، لن يستطع حمايته، ولم يبق أمامه إلا الهجرة.
     يتحدث محمد شادي عن وصوله إلى فرنسا كـ "معجزة". لقد غادر أطمة في شهر أيار حاملاً ًمعه حاسوبه وبعض الألبسة في كيس صغير. حصل على تأشيرة مرور من القنصلية الفرنسية في أنقرة، ولكنه كان مقتنعاً بأن هذه الورقة لن تكف لعبور الجمارك في استانبول. سمحت له الشرطة التركية بالمرور دون طرح أي سؤال، ووصل إلى مدينة ليون الفرنسية بعد أربع ساعات. منذ وصوله إلى فرنسا، يعيش محمد شادي مع قريبه عبد الله الذي يقوم بالتحضير لرسالة الدكتوراه في الهندسة المعمارية، بالإضافة إلى زوجة قريبه وطفلهما في إحدى ضواحي ليون بمدينة Saint-Genis-Laval. يأسف محمد شادي لأنه لم يجلب معه علم الثورة السورية لتعليقه على حائط غرفته في المنزل.
     اعترف محمد شادي في لقاء مع صحيفة الليبراسيون في خريف عام 2012 أن ثورة المظاهرات السلمية والشعارات ضد النظام الدكتاتوري تحولت ببطىء إلى حرب أهلية، وكان يؤكد بأن الأسوأ هو نزاع طائفي ومصادرة الحركة المتمردة من قبل الجهاديين المتعصبين، وكان يعتقد أنه من الممكن تجنب ذلك. ولكن لم يعد لديه أي أمل حالياً، وقال: "لم يكن يجب علينا تصديق هذه الثورة. كنا نعرف أن بشار مجرم وأنه سيفعل كل شيء للبقاء في السلطة. ولكننا قللنا من عنف قمعه. لم نكن نتصور أنه سيهاجم شعبه بهذه الدرجة. صحيح أننا استطعنا الحصول على بعض الأراضي، ولكنها وقعت اليوم تحت سيطرة تنظيم القاعدة. لم ينجح أي شيء".
     لم يكن محمد شادي يريد هذه الثورة، ولكنها فرضت نفسها عليه في أحد أيام الجمعة في شهر نيسان 2011 عندما شارك في مظاهرة خرجت من جامع سيف الدولة دعماً لمدينة درعا. كان محمد يعيش حياة طالب من الطبقة الوسطى في حلب عبر متابعة دراسة الهندسة الكهربائية والعمل في شركة العائلة لاستيراد الساعات. إنه شاب سني من عائلة تعرض العديد من أفرادها للاعتقال خلال سنوات الثمانينيات، ولم يكن يفكر إطلاقاُ بالتظاهر ضد النظام. استمرت هذه المظاهرة دقيقتين، وعاد محمد بعدها إلى منزله راكضاً من الخوف. لم يقل لأي شخص أنه تجرأ وتحدى السلطة. أشار شادي إلى أن الشبيحة دخلوا إلى جامع سيف الدولة للمرة الأولى في شهر تموز 2011، وقال: "رأيتهم يطعنون ويقتلون متظاهرين اثنين دخلا إلى الجامع"، ثم قامت السلطات بإغلاق الجامع بعد يومين. ولكن التمرد وصل إلى الجامعة، وبدأ الطلاب ينظمون المظاهرات في ساعة الغذاء. كانت المظاهرات تستمر عشر أو خمس عشرة دقيقة حتى وصول الشبيحة بالعصي والهراوات، أما الشرطة فكانت تستخدم القنابل المسيلة للدموع.
     تعرض محمد شادي للاعتقال في شهر تشرين الأول 2011، واكتشف رجال الشرطة في حاسوبه وجود أفلام فيديو حول المظاهرات في حلب، واقتادوه إلى أجهزة المخابرات العسكرية. تعرض محمد للضرب أثناء استجوابه، واضطر للتوقيع على اعترافات لم يقرأها. ثم تم تقديمه إلى القاضي، فأنكر أمامه أي دعم للثورة، ثم تم الإفراج عنه. تعرض للاعتقال مرة أخرى أثناء إحدى المظاهرات في بداية عام 2012، وكرر أمام الجنود الذين يضربونه أنه لا علاقة له بهذه المظاهرة، وأنه كان ماراً لشراء الخبز. حذره القاضي قائلاً: "إذا تعرضت للاعتقال مرة ثالثة، سأقتلك بيدي"، ثم خرج من السجن ليعيش بشكل نصف سري. ترك عائلته، وأصبح ينام لدى الأصدقاء.
     شاهد محمد شادي مجزرة جديدة بتاريخ 14 نيسان عندما قام رجال الشرطة بقتل 15 متظاهراً أمام جامع الرشيد. وبعد شهر، قام بمهمة الناطق الرسمي باسم الطلاب أمام فريق المراقبين من الأمم المتحدة في حلب. أظهر لهم أشرطة الفيديو، وحدثهم عن القمع والاعتقال والتعذيب. ثم غادر مراقبو الأمم المتحدة بعد ساعتين، وأدرك محمد أنهم لن يفعلوا شيئاً. غادر بعدها إلى قريته أطمة التي لم يحصل فيها أية معارك حتى ذلك الوقت. كان يبدو على محمد الملل من هذا التمرد الذي لا ينتهي في شهر تموز 2012 أثناء لقاء مع صحيفة الليبراسيون، ولكنه كان يرفض التراجع، وقال: "جئت إلى أطمة لمساعدة التمرد، ولكن لم أحمل السلاح، لأنني ببساطة لا أريد أن أقتل". تحولت أطمة في ذلك الوقت إلى قاعدة خلفية للمتمردين، وأصبحت القرية نقطة المرور السرية للأسلحة بين تركيا وسورية. في ذلك الوقت، كان المناخ مشوباً بالأمل أن بشار الأسد سيسقط، وأن القضية مجرد وقت.
     كرّس محمد شادي جهوده في العمل الإنساني لاستقبال اللاجئين القادمين إلى أطمة هرباً من طائرات الميغ والطائرات المروحية التابعة للجيش السوري.، وقال: "أصبح الوضع خطيراً. لم يكن هناك شيئاً في الحقول، لا خيام ولا ماء ولا تمديدات صحية ولا كهرباء. لم أكن أعرف كيف سيمضي اللاجئون فصل الشتاء، وحينها قررت بناء مخيم حقيقي منظم ومجهز". استطاع محمد العثور على أرض في القرية المجاورة، ثم ساعده رجل الأعمال الليبي عبد السلام عاشور الذي يريد مساعدة ثورة لا تدعمها أية حكومة غربية، وقدم له مبلغ 23.000 دولار لبناء المخيم. كان محمد يدير كل شيء لوحده، ويقوم بالمفاوضات مع المنظمات الأجنبية غير الحكومية التي تريد تقديم المساعدة ولكن بشرط الإشراف على إدارة المخيم.
     إلتقى محمد شادي أيضاً بالمقاتلين الجدد في شوارع أطمة، إنهم ليسوا سوريين بل مصريين وتونسيين ومغاربة وسعوديين وأتراك وشيشان و وداغستانيين وبريطانيين وفرنسيين وألمان وصوماليين. بدأ الجهاد العالمي بالتوجه نحو سورية منذ ربيع 2012، وأصبحت أطمة نقطة العبور الرئيسية. كان المقاتلون الأجانب يتجنبون الاختلاط بالسكان في البداية، ويقولون أنهم جاؤوا للموت، ومن الأفضل عدم التعلق بهم. لقد ساعدهم أدبهم في الحصول على رضا سكان القرى الذي كانوا يقدمون لهم الفواكة بعض الأحيان. ولكن بعد مرور عدة أشهر، اكتسب المقاتلون الثقة بالنفس، وتعززت صفوفهم، وأدركوا أن المتمردين الأوائل في الثورة ليسوا قادرين على طردهم. وهكذا حاولوا فرض نظامهم ورؤيتهم للشريعة على السوريين الذين لم يطلبوا منهم شيئاً، ووقعت بعض الحوادث بين المقاتلين الأجانب والسوريين.
     سيطر المقاتلون الأجانب مع مرور الوقت على شمال سورية، وهم ينقسمون إلى مجموعتين رئيسيتين هما: جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة والدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام التابعة لتنظيم القاعدة في العراق. إن هدفهما ليس إسقاط بشار الأسد بل إقامة خلافة إسلامية في المنطقة. تتسم أساليبهما بالبربرية والاعتقالات التعسفية والإعدامات في الساحات العامة، ويعتبرون جميع الزوار الأجانب وحتى العاملين منهم في المجال الإنساني كجواسيس يجب اعتقالهم.
     لا يحب محمد شادي الآن الحديث عن هذه المعضلة التي كانت ثورة وتحولت إلى نزاع إقليمي يطغى عليه الجهاديون. إنه يحاول عدم التفكير بذلك وبناء حياة جديدة، وبدأ بتعلم اللغة الفرنسية، ويريد الحصول على اللجوء السياسي، ويبحث عن عمل. إنه يحاول تحليل الأمور التي لم تنجح، وما كان يجب القيام به بشكل مختلف. إنه يتهم "الخونة" الذين كذبوا أو استفادوا من التمرد الأعزل، ويذكر بعض الضباط الكبار في الجيش السوري الذين وعدوا بالانشقاق ولكنهم لم يتركوا مناصبهم في النهاية، كما يتهم الدول الغربية التي لم تقدم المساعدة على الرغم من تصريحاتها، كما يتهم المجموعات الجهادية التي تسيطر على المناطق المحررة من قبل المتمردين السوريين.


الجمعة، ١٣ كانون الأول ٢٠١٣

(سورية: التمرد في خطر)

صحيفة الفيغارو 13 كانون الأول 2013 بقلم جورج مالبرونو Georges Malbruont

     قام السلفيون في سورية بخطوة حاسمة عندما سيطروا على الأسلحة التي أرسلتها الدول الغربية إلى خصومهم المتمردين المعتدلين. رداً على ذلك، قررت الولايات المتحدة وبريطانيا تعليق مساعداتهما غير الفتاكة إلى المعارضة السورية التي تجد صعوبة في إسقاط بشار الأسد. إنه انقلاب عسكري صغير ضد هيئة أركان الجيش السوري الحر التي تعرضت لهجوم الميليشيات السلفية يوم السبت 7 كانون الأول، واستولوا على مستودع الأسلحة في أطمة والمعدات الموجودة فيه بالقرب من الحدود التركية. أشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أنه ربما تمت سرقة حوالي 12 صاروخاً مضاداً للدبابات والطائرات. نقلت صحيفة الشرق الأوسط عن أحد ضباط الجيش السوري الحر قوله متأسفاً: "جميع مستودعاتنا فارغة الآن، ومن ضمنها مكتب الجنرال إدريس" المدعوم من الدول الغربية. حقق الراديكاليون السلفيون تقدماً آخراً يوم الثلاثاء 10 كانون الأول باستيلائهم على المركز الحدودي في باب الهوى الذي كانت تسيطر عليه بعض المجموعات التابعة للجيش السوري الحر.
     في الوقت الذي قررت فيه فرنسا الاستمرار في تسليم الأسلحة غير الفتاكة إلى الجيش السوري الحر، يسعى الأمريكيون والبريطانيون إلى "توضيح الوضع". هل قرارهم نهائي أم أنه مجرد ضغط على الإسلاميين الذين يرفضون المشاركة في المؤتمر الدولي بتاريخ 22 كانون الثاني في مدينة مونترو السويسرية بهدف التوصل إلى عملية انتقالية تفاوضية للسلطة في دمشق؟ هل تُظهر هذه التطورات الجديدة مرة أخرى تصاعد قوة المكونات السلفية والجهادية داخل التمرد، والتحديات التي تطرحها على الدول الغربية في إدارة الأزمة.
ـ قال أحد الدبلوماسيين الأمميين في الشرق الأوسط: "لقد سقطت أسطورة. على الأقل، نعرف الآن أن الجيش السوري الحر ليس إلا اسماً ظاهرياً، وأنه لم يعد موجوداً". ولكن المشكلة هي أنه يمثل وسيلة نفوذ الدول الغربية على الأرض. أدرك الأوروبيون والأمريكيون وجود هذه الثغرات، وبدؤوا بالاتصال مع حوالي ست مجموعات سلفية انضمت إلى الجبهة الإسلامية في نهاية شهر تشرين الثاني بعد قطيعتهم مع الجيش السوري الحر. ولكن التوترات تزايدت منذ ذلك الوقت بين قطبي التمرد بشكل يحقق مصلحة النظام الذي يتقدم على الأرض، ومصلحة المجموعات الإسلامية ولاسيما الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام التي تحتجز العديد من الرهائن.
     إن هذه "الضربة" الموجهة إلى الجيش السوري الحر تُعزز أيضاً أولئك الذين يعارضون إرسال الأسلحة إلى المتمردين السوريين سواء في الولايات المتحدة أو في أوروبا، فلم يتوقفوا عن التحذير من أخطار وصول هذه الأسلحة في النهاية إلى أيدي الجهاديين الذين يقاتلون من أجل إقامة الخلافة في سورية بعد الأسد. إن التهديد السلفي قوي لدرجة أن بعض الأصوات تتعالى أكثر فأكثر في الولايات المتحدة وأوروبا داعية إلى استنئناف التعاون الأمني مع نظام الأسد، باعتباره حلقة ضرورية لإيقاف تدفق حوالي ألفي شاب أوروبي وأمريكي جذبهم الجهاد في سورية. اعترف أحد الدبلوماسيين الفرنسيين مؤخراً بقوله: "انضم بعض المتمردين العلمانيين إلى صفوف الجيش".
     أظهرت الأحداث الأخيرة في أطمة الرهان المزدوج لبعض ممالك الخليج. إنها بالتأكيد حليفة للدول الغربية ضد الأسد، ولكنها تدعم المجموعات السلفية على الأرض مثل جيش الإسلام وأحرار الشام الذين انضموا إلى الجبهة الإسلامية الجديدة. نقلت الصحيفة السعودية عن أحد ضباط الجيش السوري الحر قوله غاضباً: "إن زهران علوش (زعيم جيش الإسلام) وأبو طلحة (من أحرار الشام) يشغلون الآن منصب الجنرال إدريس". وهذا هو السبب في الشائعات حول هروب الجنرال إدريس إلى الخليج، ولكن الجيش السوري الحر نفى ذلك."

     ذهب عنصران من أجهزة الاستخبارات الفرنسية إلى دمشق، وذلك بعد أن سبقهم زملاؤهم الألمان والإسبان والإيطاليين، لكي يناقشوا مع زملائهم السوريين المشكلة التي يطرحها وجود أكثر من 400 جهادي فرنسي. كانت باريس تعارض حتى الآن أي استئناف للتعاون الأمني  مع دمشق، ولكن الإدارة العامة للأمن الخارجي DGSE والإدارة المركزية للاستخبارات الداخلية DCRI تشعران بالقلق من العدد المتزايد للفرنسيين المنخرطين في الجهاد السوري. أجابهم محاورهم السوري قائلاً: "موافقون، ولكن بشرط إعادة فتح سفارتكم" المغلقة منذ شهر شباط 2012. ولكن فرنسا اعتبرت هذا الشرط غير مقبول. كان بشار الأسد قد أكد إلى صحيفة الفيغارو في شهر أيلول قائلاً: "لا تعاون أمني بدون تعاون سياسي".

(عزلة متزايدة للجيش السوري الحر)

صحيفة الليبراسيون 13 كانون الأول 2013 بقلم جان بيير بيران Jean-Pierre Perrin

     إنه فشل جديد وخطير للجيش السوري الحر: أعلنت واشنطن ولندن عن تعليق مساعداتهما غبر الفتاكة للمتمردين، وذلك بعد أن كانتا تترددان أصلاً في إعطائه الأسلحة التي يطالب بها. يأتي هذه القرار بعد هزيمة ميدانية هي فقدان مركز باب الهوي الحدودي على الحدود التركية. وفقدان القيادة العامة للجيش السوري الحر ومستودعات الأسلحة القريبة منها لصالح الجبهة الإسلامية المنافسة التي تتألف من سبعة مجموعات كان بعضها جزءاً من الجيش السوري الحر.
     النتيجة الأخرى لفقدان هذا المركز الحدودي هو أن الجنرال إدريس ربما لن يتمكن بعد الآن من الذهاب إلى المناطق الواقعة تحت سيطرة المتمردين. انتشرت معلومات متناقضة مساء البارحة 12 كانون الأول حول احتمال هروبه إلى قطر التي تزوده بالمعدات العسكرية. ولكنه ربما عاد إلى تركيا منذ ذلك الوقت.
     لم يكن وجود الجيش السوري الحر في هذه المنطقة يمثل إلا وجوداً ظاهرياً، وكانت القيادة العامة للجنرال إدريس محاطة بمواقع المجموعات الإسلامية بشكل أدى إلى تقليل هامش مناورته. لقد وجهت الجبهة الإسلامية ضربة قاضية له قبل فترة قصيرة من انعقاد المؤتمر الدولي جنيف 2 في منتصف شهر كانون الثاني بمدينة مونترو على ضفاف بحيرة ليمان السويسرية. تجري الاستعدادات على قدم وساق لجمع النظام والمعارضة من أجل التوصل إلى مخرج بعد أكثر من سنتين ونصف من النزاع.
     كانت هذه الضربة قاسية على الجيش السوري الحر لأنها أدت فوراً إلى تعليق المساعدة غير الفتاكة من قبل واشنطن ولندن اللتان تخشيان من سقوط المساعدة بأيدي المجموعات الراديكالية. تقتصر هذه المساعدة على الستر الواقية ضد الرصاص والألبسة والخيام والمناظير وأجهزة الإشارة والمعدات الطبية. ليست هناك أية معدات قادرة على تغيير الوضع العسكري، ولكن هذا القرار سيضعف الجيش السوري الحر والائتلاف الوطني المعارض الذي يشرف عليه دبلوماسياً وسياسياً ومعنوياً

     في الوقت الحالي، تسيطر الجبهة الإسلامية ومنظمتان أكثر تطرفاً منها هما جبهة النصرة الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام على شمال سورية بشكل كامل باستثناء بعض "الجيوب" التابعة للقوات النظامية.  تأسست الجبهة الإسلامية بتاريخ 3 كانون الأول، وأعلنت انفصالها عن  هيئة الأركان التابعة للجيش السوري الحر مؤكدة أنها لم تعد تمثلها، الأمر الذي أدى إلى تفاقم تفتت التمرد. إن تأسيس الجبهة الإسلامية على أساس إيديولوجي صارم جداً لإقامة نظام إسلامي قائم على الشريعة الإسلامية، أدى إلى حرمان الجيش السوري الحر من الدعم الذي كان يحصل عليه من الدول العربية في الخليج. إن تهميشه يهدد بالتأثير على مؤتمر جنيف 2.

(إيران، أكثر من اتفاق، هل هو منعطف؟)

 صحيفة الليبراسيون 12 كانون الأول 2013 بقلم الباحث بليغ نبلي Béligh Nabli الباحث في معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية (IRIS) والباحث ويليام لودي William Ledayمسؤول القسم الدولي في مركز الأبحاث الفرنسي Terra Nova

     يحمل الاتفاق حول الملف النووي بين إيران ومجموعة الست في طياته بذور "قطيعة إستراتيجية". اتضح أن هذا الاتفاق كان تاريخياً لأنه يفتح مجالاً جديداً للاحتمالات: إنه يفسح المجال أمام احتمال إعادة بناء العلاقات بين إيران والغرب، وبالتالي إعادة بناء الجغرافية السياسية للخليج والشرق الأوسط. إن المسألة النووي الإيرانية ـ المدنية والعسكرية ـ  بدأت منذ عصر الشاه، ولكنها أخذت بعداً مختلفاً كلياً مع الثورة الإسلامية ووصول رجال الدين إلى السلطة. لم تظهر مسألة السلاح النووي إلا مع حرب الخليج الأولى (1980 ـ 1988) التي واجهت فيها إيران استخدام الأسلحة الكيميائية من قبل نظام صدام حسين المدعوم آنذاك من الدول الغربية وممالك الخليج. بعد حرب الخليج الثانية عام 1991، قامت الولايات المتحدة بدعم من الممالك النفطية السنية ولاسيما السعودية بإعداد إستراتيجية لحصار وعزل التهديد الإيراني، تجسدت هذه الإستراتيجية بإقامة القواعد العسكرية في السعودية وأفغانستان وقطر والإمارات العربية المتحدة. لقد استبعدت هذه الإستراتيجية أي فكرة حول تحول إيران إلى قوة نووية.
     سمح التدخل العسكري الأمريكي في العراق عام 2003 بوصول أغلبية شيعية إلى الحكم وتعزيز المحور الشيعي والدور المحوري لإيران في الرهان الإقليمي. في الواقع، إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي طرف محوري في جميع الأزمات بالمنطقة، والدول الغربية منخرطة في هذه الأزمات سواء في العراق أو أفغانستان أو سورية أو لبنان، وجميعها دول مهددة بالانفجار. من مصلحة الدول الغربية البدء بعملية تسوية تضم القوى الإقليمية، وعلى رأسها إيران التي تتمتع بنفوذ حاسم في المنطقة. إن مشاركة إيران في مؤتمر السلام حول سورية سيُسهل الوصول إلى حل سياسي. وإذا نظرنا إلى أبعد من ذلك، من الممكن التفكير بالدعوة إلى مؤتمر دولي حول الشرق الأوسط تحت رعاية الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية في حال نجاح العملية الانتقالية والتوصل إلى اتفاق نهائي في سورية.
     إذا نجح هذا التقارب، فإنه سيهدد الشراكة التاريخية التي بدأت عام 1945 بين الرياض وواشنطن. إن هذا الاحتمال يجب أن يشجع باريس على توضيح إستراتيجيتها الخاصة في المنطقة لأنها غير مسموعة وغير مرئية أو حتى أنها في أسوأ الأحوال تتصف ببعض الغموض الذي سمح بالاعتقاد أن فرنسا جعلت نفسها محامية عن المواقف الإسرائيلية و/ أو مواقف ممالك الخليج، وذلك في الوقت الذي يبدو فيه أن واشنطن بدأت تعمل من أجل التقارب مع طهران.
     بالإضافة إلى التساؤلات حول التنفيذ الفعلي للاتفاق المؤقت في جنيف حول الملف النووي الإيراني، إن تصلب الموقف الإسرائيلي ما زال سبباً في استمرار التوتر، وبالتالي عدم الاستقرار في المنطقة. في هذا الخصوص، إن ابتعاد الموقف الأمريكي عن الموقف الإسرائيلي واضح للعيان. لقد لوحظ هذا الاختلاف أيضاً في ملف المفاوضات مع الفلسطينيين، هذا الملف التي يُظهر فيه الإسرائيليون تصلباً عقائدياً. يبدو أن إسرائيل راضية بعزلتها بشكل يدفع للاعتقاد بأن القوة تُصيب بالعمى.


الخميس، ١٢ كانون الأول ٢٠١٣

(سورية: المعارضة الديموقراطية في خطر ـ اختطاف المعارضة رزان زيتونة يندرج ضمن منطق الجهاديين)

صحيفة الفيغارو 12 كانون الأول 2013 بقلم مراسلتها في القاهرة دولفين مينوي Delphine Minoui

     كانت رزان زيتونة إحدى آخر الأصوات الحرة في الداخل، وأيقونة المعارضة السورية الليبرالية، وأصبحت مهددة بخطر الموت. قام مجهولون بخطف الناشطة الشابة رزان زيتونة (36 عاماً) صباح يوم الثلاثاء 10 كانون الأول في ضاحية دوما الواقعة شرق دمشق. الأمر المثير للسخرية هو أن هذه الناشطة المعارضة ضد بشار الأسد منذ الساعات الأولى لم تُختطف من قبل قوات النظام، ولكن من قبل بعض المعارضين المسلحين التابعين للحركة الإسلامية. إنه مؤشر على توجه راديكالي مقلق لدى المعارضة السورية.
     قال عضو اللجان التنسيقية المحلية زياد إبراهيم الذي تم الاتصال به هاتفياً في مكان تواجده بالقرب من الحدود التركية ـ السورية: "كانت رزان ومجموعتها آخر الناشطين الذين يقومون بعمل مدني حقيقي على الأرض لصالح الشعب السوري. إنها ضربة قوية ضد حرية التعبير"، وأضاف أنه تم أيضاً اختطاف ثلاثة أشخاص معها هم: زوجها الناشط وائل حمادة والناشطة سميرة خليل والناشط ناظم الحمادي، وجميعهم معروفون بعملهم الدقيق في جمع الوثائق حول انتهاكات حقوق الإنسان في سورية منذ بداية التمرد في شهر آذار 2011، كما أكد أن تفتيش البناء الذي كان يسكنه الناشطون الأربعة في دوما جرى الساعة الواحدة صباحاً ضمن قطاع الغوطة الشرقية الذي يسيطر عليه المتمردون المحاصرون من قبل القوات الحكومية. إن هذه العملية تحمل علامة الناشطين الجهاديين الذين ينتشرون في هذه المنطقة على الرغم من عدم تبني مسؤوليتها. لم يتضرر إلا باب المنزل الخارجي، وبعكس الميلشيات المؤيدة للأسد، اكتفى الخاطفون بسرقة الحواسب الإلكترونية تاركين وراءهم المال والمجوهرات.
     درست رزان زيتونه المحاماة، وهي أحد مؤسسي الجمعية السورية لحقوق الإنسان عام 2001. لقد فضلت العمل السري في الداخل على الهجرة منذ الأشهر الأولى للتمرد ضد السلطة في دمشق. إنها من أشد المعارضين ضد بشار، كما لم تتوان عن  توجيه الانتقادات الحادة ضد الأسلمة المتزايدة للمعارضة السورية. لقد انتقدت علناً الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام أثناء المقابلة التي أجراها معها مؤخراً الموقع الإلكتروني اللبناني NOW، وحمّلتها مسؤولية الجزء الأساسي من عمليات خطف الناشطين والصحفيين السوريين. ترتبط هذه المجموعة المتطرفة بتنظيم القاعدة، وهي التي تقف وراء خطف العديد من الصحفيين الأوروبيين ومنهم أربعة فرنسيين واثنين من اسبانيا.

     ظهر مؤشر إضافي على الحيرة الغربية تجاه الراديكالية المتزايدة للتمرد، وذلك عندما أعلنت واشنطن ولندن يوم الأربعاء 11 كانون الأول عن تعليق مساعداتهما غير الفتاكة التي ترسلها إلى شمال سورية بعد أن سيطر مقاتلو الجبهة الإسلامية ـ وهي مجموعة جهادية أخرى ـ على المواقع التي كان يسيطر عليها مقاتلو الجيش السوري الحر المعارضين للأسد.

(1700 جهادي أوروبي في سورية)

صحيفة الفيغارو 12 كانون الأول 2013 بقلم مراسلها في لندن فلورانتان كولومب Florentin Collomp

     كان محمد حميدور رحمان Mohammad Hamidur Rahman (25 عاماً) مراقباً في محل بيع الألبسة Primark في مدينة بورتسموث البريطانية. قام بوداع عائلته قائلاً لهم أنه ذاهب مع قافلة مساعدة إلى سورية. كتب على حسابه في تويتر تحت اسمه المستعار أبو حمزة بتاريخ 30 تشرين الثاني بعد وصوله إلى سورية: "أشعر هنا بأنني أكثر قرباً من الجنة"، ونشر صوره له وهو ملثم. لقد انضم إلى مجموعة تضم عدة رجال في ميناء بجنوب إنكترا خلال الأشهر الماضية. وصل افتكار جامان Ifthekar Jaman (23 عاماً) إلى سورية في شهر أيار، وأصبح قائداً لهذه المجموعة. كان افتكار جامان يعمل في شركة SKY للمحطات التلفزيونية الفضائية، ونشر على حسابه في تويتر عدة أفلام فيديو للمعارك، كما ظهر مؤخراً على BBC في اتصال عبر السكايب. كان طويل الشعر واللحية، وتحدث عن "واجبه" بالقدوم لمساعدة "المسلمين الذين يتعرضون للقتل".
     استقبل سكان مدينة بورتسموث البريطانية بذهول ظاهرة الجهاديين البريطانيين المنتشرة بشكل أكبر في الأحياء الواقعة شرق لندن في لوتون Luton أو برمنغهام Birmingham. أحصت وزارة الخارجية البريطانية 200 مواطن بريطاني ذهبوا للقتال في سورية، وقالت الناطقة الرسمية باسم الوزارة: "ولكن العدد الدقيق هو أكبر من ذلك بالتأكيد. تعمل الشرطة وأجهزة الاستخبارات على تحديد هوياتهم". ربما يقترب عددهم من 350. إن هؤلاء الشباب الإنكليز ذي الأصول الباكستانية أو البنغالية يشكلون جزءاً من مجموعة المقاتلين الأوروبيين الذين يقدر عددهم بـ 1700 شخص، منهم حوالي 200 إلى 400 فرنسي.
     أعربت الاستخبارات البريطانية M15 عن قلقها من "استيراد" الخطر الإرهابي إلى الأراضي البريطانية أثناء عودة هؤلاء الناشطين المتطرفين. قال ريتشارد والتون Richard Walton رئيس مكافحة الإرهاب في الاستخبارات البريطانيةScotland Yard محذراً: "لا يدرك الناس خطورة المشكلة. إن سورية تغيّر قواعد اللعبة. هناك بعض الشباب بين 16 و17 عاماً يرحلون يومياً للقتال"، وأشار إلى أنهم يتدربون على تكتيك حرب العصابات، وسيتشجع بعضهم على القيام بالجهاد في شوارع المدن الأوروبية بعد عودتهم.
     رد افتكار جامان مدعياً الشجاعة بالقول: "ليطمئنوا، أنا لا أنوي العودة". قال الباحث في المركز الدولي لدراسة الراديكالية (International Center for the Study of Radicalisation) شيراز ماهر Shiraz Maher: "يقول الكثيرون أنهم يريدون البقاء في سورية من أجل إقامة دولة إسلامية أو الموت شهداء". تمت معرفة أسماء ستة بريطانيين ماتوا في المعارك في سورية خلال الأشهر الأخيرة، وذلك من أصل العدد الإجمالي للضحايا الذي يتراوح بين عشرة وعشرين. تسكن عائلة محمد العراج Mohammed el-Araj (23 عاماً) الذي قتله جيش الأسد في الصيف الماضي في نوتينغ هيل في لندن، ولكنها لم تكن تعرف بأمر تواجده في سورية حتى إعلامها بنبأ موته. يستخدم المتمردون التابعون لتنظيم القاعدة في جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام هؤلاء المقاتلين الأجانب كقوات للمساعدة.
     يعود بعض هؤلاء المقاتلين إلى بريطانيا. اعتبر غفار حسين Gaffar Hussain من مؤسسة Quilliam المعادية للتطرف أنه " تم اعتقال ما بين عشرين وثلاثين مقاتلاً منهم عند عودتهم، ولكن تم الإفراج عنهم بدون ملاحقتهم لأنه من الصعب البرهان على أنهم خالفوا القوانين". يستطيع وزير الداخلية حرمان المشتبه بهم في ارتكاب أعمال إرهابية من جوازات سفرهم البريطانية، وبالتالي سيجدون أنفسهم بدون جنسية، مما سيمنعهم من العودة إلى بلدهم. أكد غفار حسين قائلاً: "أججت سورية مشاعر جيل بأكمله، وعدد المقاتلين الذين ذهبوا إليها أكبر بكثير من الذين ذهبوا إلى ليبيا والشيشان وأفغانستان". لقد شجع جمود المجتمع الدولي على طموحات الذهاب إلى الجبهة. تقوم المنظمات الإسلامية في الأحياء ذات الأغلبية المهاجرة بالتخفيف من عدد المرشحين للذهاب إلى سورية.

     تعرف وسائل الإعلام جيداً الإمام عنجم شوداري Anjem Choudary الذي قام بتأسيس جمعية (المهاجرون) الممنوعة منذ حوادث التفجير في لندن عام 2005. أشار تقرير لجمعية Hope Not Hate إلى أن هذا الإمام ساهم برحيل ما بين خمسين وثمانين بريطاني إلى سورية، ومابين 200 و300 أوروبي من جميع الدول الأوروبية. قال كاتب هذا التقرير جو مولهول Joe Mulhall: "كانوا يدعو دوماً في خطبه الدينية إلى أنه من واجب المسلمين الذهاب للقتال في هذه الحروب. يملك عنجم شوداري شبكة دولية من المنظمات التابعة أو المقربة  تحت إشراف منظمة شريعة 4 (Sharia 4) الموجودة في بلجيكا وإيطاليا وفرنسا". عندما يصبحون راديكاليين، يذهب هؤلاء المتطلعون للجهاد إلى لبنان أو تركيا إما عبر قافلة منظمة أو بشكل فردي عبر رحلات الطيران النظامية. عندما يصلون إلى هذه الدول، تقوم منظمات أخرى مقربة باستقبالهم وإدخالهم عبر الحدود.

(اسبانيا، أرض للتجنيد)

صحيفة الفيغارو 12 كانون الأول 2013 بقلم مراسلها في مدريد ماتيو دوتاياك Mathieu De Taillac

     يلبس صدرية عسكرية وعمامة سوداء، ويمسك بندقية الكلاشينكوف، وينظر إلى الكاميرا بثبات. تفلت منه ضحكة بين كل بيانين باللغة العربية. ثم تُظهر الصور شاحنة تسير بين خيم أحد المعسكرات العسكرية في سورية، ثم يقع انفجار هائل. في ذلك اليوم 1 حزيران 2012، مات 130 شخصاً في هذا التفجير الذي استهدف قوات بشار الأسد. كشفت وزارة الداخلية الاسبانية عن هذا الفيديو بعد عام من وقوع التفجير. في شهر حزيران 2013. اعتقلت الشرطة الاسبانية ثمانية أشخاص في مدينة سبتة (Ceuta) الاسبانية الواقعة في المغرب، وأعلنت عن تفكيك شبكة لإغراء وتأهيل الجهاديين. أشارت السلطات الإسبانية إلى أن هذه المنظمة أرسلت إلى سورية حوالي خمسين مرشحاً للانتحار، منهم رشيد وهبي Rachid Wahbi الذي ارتكب عملية التفجير بالشاحنة. إن الشخص الذي يضحك أمام الكاميرا كان سائق سيارة أجرة في اسبانيا قبل عدة أشهر، وهو مغربي عمره 33 عاماً، ومتزوج ولديه طفلين. تُشير المعلومات الصادرة عن المحاكم، التي قام بتحليلها الباحثان فرناندو ريناريس Fernando Reinares   وكارولا غارسيا ـ كالفو Carola Garcia-Calvo من معهد Real Instituto Elcano، إلى أن رشيد وهبي يتصف بصفات الجهاديين المعروفة في إسبانيا، وأن 80 % من الإرهابيين المدانين في إسبانيا هم من الأجانب: أي الجزائريين والمغاربة والباكستانيين بمعظمهم، وتبلغ أعمارهم ما بين25 و39 عاماً.
     لم تكن عملية القبض في مدينة سبتة حالة معزولة. تزايد اعتقال الإسلاميين خلال السنوات الأخيرة، وأغلبهم في منطقة مدريد وكاتالونيا ـ التي افتتحت وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA مكتباً لها فيها ـ  ومنذ فترة قصيرة في مدينة سبتة التي تصفها التقارير بأنها "مخزن للبارود". أشار معهد Elcano إلى أن التجنيد يتم في أغلب الأحيان داخل المنازل الخاصة بالقرب من أماكن الصلاة. تشير أجهزة الاستخبارات الإسبانية إلى أن 20 % من المسلمين الإسبان متأثرون بمقولات الإسلام الراديكالي.
     تقوم بعض الشبكات بتنظيم عمليات الأدلجة وإرسال المقاتلين إلى الدول الإسلامية في حالة نزاع ولاسيما سورية. قال الباحث غايل بيلورجيه Gaël Pilorget من المركز الفرنسي للأبحاث حول الاستخبارات: "عند وصولهم إلى المكان، يجري استقبال الإسلاميين في مخيم، وإعطاءهم تعليمات مختصرة جداً مثل: تركيب بندقية كلاشينكوف والتسديد والتصويب ومعرفة قراءة خريطة واستخدام جهاز إشارة. وهكذا أصبحوا الجنود الذين يُضحى بهم لمواجهة نيران الجيش التقليدي". أضاف الباحث فرناندو ريناريس قائلاً: "إن الرحيل إلى الخارج هو مرحلة في عملية التأهيل. إن الإقامة في أفغانستان والعراق ومالي وسورية  هو أمر متعارف عليه عندهم".
     تمثل إسبانيا فائدة مزدوجة بالنسبة للإرهابيين: إنها أرض للتجنيد ودولة مستهدفة أيضاً تحت غطاء غزو الأندلس. لقد ارتكب تنظيم القاعدة عملية التفجير الأكثر دموية في التاريخ الأوروبي بتاريخ 11 آذار 2004 في اسبانيا، أدت القنابل ضد القطارات في مدريد إلى مقتل 191 شخصاً.