صحيفة الفيغارو
21 أيار 2013 بقلم بيير برييه Pierre Prier
ربما
خسر حزب الله حوالي ثلاثين مقاتلاً في مدينة القصير السورية. تُشارك ميليشيا الحزب
الشيعي منذ يوم الأحد 19 أيار بالهجوم الضاري الذي تشنه القوات الحكومية السورية
ضد هذه المدينة الصغيرة التي يبلغ عدد سكانها ثلاثين ألف نسمة. إذا تأكد هذا
الخبر، فسوف يكون ضربة جدّية يمكن أن ينجم عنها نتائج هامة بالنسبة لحزب الله.
على
أي حال، إن هذه الخسائر التي أعلنت عنها المعارضة السورية تدل على الانخراط
المتزايد لحزب الله إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد. أشار المرصد السوري لحقوق
الإنسان إلى أن المقاتلين اللبنانيين كانوا في الخط الأول، وقال رئيس المرصد رامي
عبد الرحمن: "إن المقاتلين اللبنانيين هم الذين بدؤوا
الهجوم يوم الأحد 19 أيار، ولهذا السبب خسروا 28 رجلاً".
وأكد أحد المعارضين في القصير طارق مرعي قائلاً: "قاموا
بعدة توغلات، ولكنهم عادوا الآن إلى أماكنهم. يُطلق حزب الله القذائف الصاروخية
على القصير انطلاقاً من الأراضي السورية في غرب نهر العاصي، كما تفعل المدفعية
السورية".
لم
تنته المعركة حتى بعد ظهر يوم الاثنين 13 أيار. يروي النظام الأحداث بشكل مختلف
جداً، وتؤكد الحكومة أنها سيطرت على القسم الأكبر من القصير. أشارت وكالة الأنباء
الرسمية سانا إلى أن القوات الحكومية "أعادت
الأمن والاستقرار إلى أغلب الأحياء في القصير، وأنها تتابع ملاحقة الإرهابيين
الذين هربوا إلى الأحياء الشمالية".
إنها
المرة الأولى التي يظهر فيها انخراط حزب الله بشكل واضح إلى هذه الدرجة، وهي المرة
الأولى التي يخسر بها هذا العدد من الرجال. اعتبر المدير المساعد لمبادرة الإصلاح
العربية سلام كواكبي إلى أن قرار حزب الله بإرسال قوة دعم حقيقية للجيش السوري
يُشير إلى انتصار التيار "الإيراني"
داخل الحزب اللبناني، وقال: "تحول الحزب إلى مجرد ذراع مُسلح
لإيران. إن هذا التيار الذي يدعو إلى مساعدة إيران في دعمها للحكومة في دمشق، قد
انتصر على التيار اللبناني".
كان
التيار اللبناني في الحزب يُفضل الابتعاد عن النظام السوري الذي يقتل شعبه، خوفاً
من انعكاسات ذلك على الرأي العام. إن حزب الله هو حزب سياسي أيضاً، ومُنخرط حالياً
في صراع على السلطة مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في شهر حزيران. إن فشل
إستراتيجيته تجاه سورية يمكن أن يُكلفه ثمناً باهظاً. بدأ الغضب بالظهور في
المناطق الشيعية أمام تزايد جنازات المقاتلين.
إن
هزيمة حزب الله في سورية يمكن أن تضرّ أيضاً بقوة الردع التي يتمتع بها الحزب تجاه
خصومه السياسيين اللبنانيين. قال سلام كواكبي: "إن
هجومه في سورية يخدم أيضاً للتذكير بقوته العسكرية التي ربما يستخدمها في لبنان
كما حصل عام 2008". لقد وضع حسن نصر الله كل ثقله في هذا
الرهان. إن انخراط ميليشيته ـ إنها في الحقيقة جيش صغير مُجهز جيداً من قبل إيران
ـ يأتي في الوقت الملائم لتقديم قوات جديدة إلى الجيش السوري المُنهك بعد سنتين من
المعارك. يمكن تفسير الانخراط الشيعي في
معركة القصير بالعامل الجغرافي: يريد النظام استعادة السيطرة على هذه المدينة من
المتمردين لكي يجعل منها الرأس السوري لمحور يمر عبر شمال لبنان إلى المنطقة
الساحلية في سورية، أي "المنطقة العلوية"
المحتملة في حال تقسيم سورية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق