صحيفة الفيغارو
27 أيار 2013 بقلم جورج مالبرونو Georges Malbrunot
يُقاتل
المتمردون في شمال القصير من أجل البقاء على قيد الحياة، توسّلت إحدى اللجان
التنسيقية للمتمردين على الفيسبوك بقولها: "إذا
سقطت القصير، لن ننهض بعدها. ساعدونا! أرسلوا الأموال والطعام والدواء"،
وأطلق أحد الناشطين صرخة يائسة قائلاً: "يا
الله! احترقت القصير وتدمرت. تسقط مئات القذائف والصواريخ على المدينة".
نجح
الجيش ووحدات النخبة في حزب الله باستعادة السيطرة على حوالي ثلاثين قرية في حوض
العاصي حول مدينة القصير التي يبلغ عدد سكانها ثلاثين ألف نسمة، وذلك بعد حوالي
أسبوع من بداية هجومهما الواسع. بقيت قريتان فقط في شمال القصير خارج سيطرة الجيش
هما: عرجون والحميدية بالإضافة إلى الحي الشمالي للمدينة وجزء من مطار الضبعة الذي
بدأ الجيش باقتحامه يوم السبت 25 أيار. ربما استعاد الجيش يوم الأحد 26 أيار
مرآبين في هذا المطار من المتمردين الذين يقاتلون بضراوة في مواجهة القوات الخاصة
المُخيفة للنظام بدعم من حزب الله، وهناك أحاديث عن وجود 1700 مقاتل شيعي. إنها
حرب إبادة بين الطرفين المتحاربين.
بعكس
ما جرى أحياناً في ريف دمشق، لم يعد النظام يريد السماح بهروب المتمردين، ولاسيما
المقاتلين الأجانب. هناك أحاديث عن وجود
400 لبناني سني وألف أو ألفين آخرين من الجهاديين التابعين لجبهة النصرة، وربما
قُتِل أحد قادة جبهة النصرة في المعارك. يسعى الجيش النظامي الذي يقصف المدينة
وعناصر الميليشيات الشيعية المُنخرطة في حرب عصابات داخل المدينة إلى القضاء
نهائياً على أعدائهم في حرب أصبحت طائفية بشكل علني.
يخوض
حزب الله معارك عنيفة جداً داخل كل بناء في الحي الشمالي بالقصير، وما زلنا نجهل
حصيلة عدد القتلى من الجانبين، ولاسيما عدد الضحايا بين اللبنانيين المؤيدين
للمتمردين. قام المتمردون المتمركزون في القصير منذ حوالي العام بزرع القنابل
وتفخيخ العديد من المواقع. تتمتع القصير بأهمية إستراتيجية بالنسبة للمتمردين
لأنها تُمثل مركز عبور الأسلحة والرجال القادمين من لبنان. كما تتمتع المدينة
بالأهمية نفسها بالنسبة لحزب الله لأن القصير تقع مقابل منطقة الهرمل اللبنانية
التي يمتلك فيها حزب الله جزءاً من بنيته التحتية السرية مثل الخنادق المحصنة
والأنفاق، ويتواجد فيها جزء من الأسلحة الأكثر تطوراً في معركته تجاه إسرائيل. قال
أحد مسؤولي المعارضة السورية: "إذا سقطت القصير بأيدي المتمردين
الإسلاميين السنة، فإن القاعدة الخلفية لحزب الله ستصبح مهددة".
يعاني المتمردون من نقص كبير في الأسلحة
والذخيرة. أرسلت بعض دول الخليج بعض الأسلحة للمتمردين، ولكن الجيش السوري نجح في
إيقافها. أكد أحد الصحفيين اللبنانيين أن "الأسلحة
لم تعد تمر. تم إجهاض محاولتين أو ثلاثة،
وقبض الجيش وحزب الله على 27 مقاتلاً وقتل
11 آخرين واعتقل آخرين أثناء قدومهم من لبنان".
أصبحت عرجون والحميدية آخر مخرجين للمتمردين
باتجاه مدينتي تلبيسة والرستن اللتان ما زالتا تحت سيطرة المتمردين. كم من الوقت
سيستطيعون مقاومة إستراتيجية الخنق التي يتبعها نظام دمشق الذي يسعى إلى إحراز بعض
التقدم العسكري قبل المؤتمر الدولي في جنيف في شهر حزيران، وقد قرر يوم الأحد 26
أيار المشاركة فيه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق