صحيفة الليبراسيون
28 أيار 2013 بقلم جان بيير بيران Jean-Pierre Perrin
تمر
المعارضة السورية بفترة صعبة جداً في الوقت الذي تتسارع فيه الاستعدادات لمؤتمر
جنيف في شهر حزيران. على الصعيد الميداني، تتقدم القوات الحكومية على الأرض،
ويشارك حزب الله من الآن فصاعداً في المعركة علناً. على الصعيد الدبلوماسي، حتى
ولو أن النظام الروسي ابتعد قليلاً عن بشار الأسد، يبدو أن محور موسكو ـ دمشق ما
زال صلباً، وأعلنت طهران مؤخراً عن فتح خطي اعتماد لصالح النظام السوري بمبلغ
أربعة مليارات دولار، وتُفكر بفتح خط اعتماد ثالث. بالمقابل، يبدو أن الولايات
المتحدة تبحث عن جميع الحجج لعدم مساعدة التمرد. ضمن هذا السياق المأساوي، أظهر
الإئتلاف الوطني للمعارضة انقساماته إلى العلن في استانبول، وفشل البارحة 27 أيار
في التصويت على توسيعه وضم أعضاء جدد.
إنها
ليست مفاجأة، وما زالت الشكوك مستمرة إزاء مشاركة المعارضة في المؤتمر الدولي
للسلام بسبب عدم توصلها إلى اتفاق. بينما أعلنت دمشق أن وفداً رسمياً سيكون حاضراً
في المؤتمر. يأتي هذا الفشل أيضاً في لحظة حاسمة بالنسبة للاتحاد الأوروبي الذي
كان يتناقش في بروكسل حول إمكانية رفع الحظر على إرسال الأسلحة إلى المعارضة، إن
مثل هذا القرار سيكون وسيلة هامة أمام المجتمع الدولي المؤيد للمعارضة من أجل دفع
نظام الأسد إلى اختيار الحل السياسي للنزاع.
قال
سفير الإئتلاف في باريس منذر ماخوس إلى وكالة الأنباء الفرنسية AFP أن الموافقة على
دخول ثمانية أعضاء جدد فقط إلى إئتلاف المعارضة هو "أمر سيء
جداً، إنه كارثة". كانت الانقسامات بين العلمانيين
والإسلاميين سبباً في تسميم النقاشات مرة أخرى. كان جدول الأعمال يتضمن انتخاب
قادة جدد والمصادقة على حكومة في الأراضي الواقعة تحت سيطرة المتمردين ومناقشة
المشاركة في مؤتمر جنيف 2. ولكن المعارضين لم يتوصلوا حتى مساء يوم الأحد 26 أيار
إلى الاتفاق على النقطة الأولى. أكد دبلوماسي رفيع المستوى قائلاً: "إن
المعارضة في وضع صعب. إنها تواجه منافسة المجموعات الراديكالية، وخسرت قدرتها على
جذب الشعب، وتعاني من نتائج عدم وجودها داخل سورية، الأمر الذي أضفى عليها صورة
المنظمة التي تعيش في فنادق استانبول الفخمة. إذاً، إنها معارضة ضعيفة ومنقسمة
وغير فعالة".
يُفضّل
الباحث السياسي خطار أبو دياب توجيه الاتهامات إلى القوى الخارجية، وقال: "إنها
معارضة مسكينة! إنها تواجه جميع الضغوط الممكنة. أولاً، ضغوط الأمريكيين التي
يغتنمون أية فرصة لكي لا ينخرطوا. ثم الضغوط المتعارضة من محور تركيا والمحور
السعودي ـ الإماراتي، وكل محور لديه زبائنه داخل الإئتلاف. هناك أيضاً ضغوط على
الإئتلاف من أجل المشاركة في جنيف 2، عن طريق الاكتفاء بتقديم الوعود. ولكن كيف
يمكن أن يواجه الإئتلاف شعبه، إذا لم يحصل على شيء ولاسيما السلاح؟".
من بين الضغوط على الإئتلاف: وافق الإئتلاف على تغيير رئيس الحكومة المؤقتة
للمعارضة غسان هيتو، ولكن الولايات المتحدة رفضت تغييره لأنه يحمل الجنسية
الأمريكية. إن سبب فشل توسيع الإئتلاف هو قطر التي تمثل أحد الممولين الرئيسيين
للتمرد، وقدمت له مليار دولار على الأقل. ربما يهدد هذا الفشل بتراجع الدعم الذي
تقدمه السعودية إلى التمرد، وإثارة التنافس بين دول الخليج، الأمر الذي سيُضعف
المعارضة بشكل أكبر.
لا
شك أنه سيتم التطرق إلى الوضع الصعب التي تعيشه المعارضة أثناء الاجتماع الثلاثي
مساء يوم الاثنين 27 أيار بين لوران فابيوس وسيرغي لافروف وجون كيري حول التحضيرات
لمؤتمر جنيف 2. سيحاول وزيرا الخارجية الروسي والأمريكي إرضاء فرنسا التي تعتبر
أنه تم إبعادها عن هذه المبادرة. هناك
اختلاف كبير بين أهداف هذه الدول الثلاث: لا تستطيع فرنسا إلا الاستمرار بدعمها
القوي للمعارضة. يخشى باراك أوباما من الرأي العام الأمريكي، ويحاول دوماً حماية
نفسه منه. وماذا عن روسيا؟ قال خطار أبو دياب: "إن أحد
أهداف روسيا هو تحميل المعارضة مسؤولية احتمال فشل المؤتمر الدولي، واتهامها بأنها
لم تنخرط في العملية السياسية بسبب انقساماتها".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق