صحيفة اللوموند
28/12/2012 بقلم كريستوف عياد Christophe Ayad
إنه
تطور جديد في النزاع السوري. تزداد جرأة التمرد أسبوعاً بعد أسبوع، وأصبحت تهاجم
"المنطقة" العلوية التي يُعتبر سكانها مؤيدين للرئيس بشار الأسد. إن
الجبل العلوي والشريط الساحلي الممتدان من طرطوس إلى اللاذقية، يُعتبران غالباً
كملجىء أخير محتمل للعائلة الحاكمة التي قامت بتخزين كمية كبيرة من الأسلحة
الثقيلة فيه.
إن
الهجوم على المنطقة العلوية يعني استهداف نواة النظام، نظراً لأنها المصدر الأساسي
للضباط والمجندين الجدد الذين يسقطون يومياً برصاص التمرد. لم يعد المتمردون
يترددون في مهاجمة القرى العلوية في جبل الأكراد وجبل التركمان وبالقرب من حماة.
يتمتع المتمردون بموقع قوي في المرتفعات الشمالية ـ الغربية، ويقتربون شيئاً
فشيئاً من اللاذقية وجسر الشغور، ويهاجمون في طريقهم القرى العلوية التي تخلو من
سكانها مع اقتراب الجيش السوري الحر. كما
يهاجمون القرى المعزولة في وسط سورية. لقد
استعاد الجيش يوم الأربعاء 26 أيلول قرية معان العلوية التي سقطت بأيدي المتمردين
قبل يومين منذ ذلك.
تهدف هذه الإستراتيجية إلى تحقيق ثلاثة
أهداف. إنها تهدف أولاً إلى منع النظام من تشكيل منطقة انسحاب متجانسة. وتهدف
ثانياً إلى الحيلولة دون تشكيل أية استمرارية بين الأراضي التي يسكنها العلويون في
سورية وتركيا. وتهدف ثالثاً إلى حشد القوات في اللحظة التي ستُكثف فيها حركة
التمرد ضغطها على العاصمة، والاستمرار في السيطرة على جزء كبير من حلب.
لا
يمكن أن يترك النظام هذه القرى العلوية دون حماية، لأنها تزوده بالجزء الأساسي من قواته
المسلحة التي تقاتل اليوم على الأرض. سيكون التخلي عنها خيانة لن تنساها طائفة غير
متحمسة تجاه بشار الأسد، ولكنها متضامنة معه حالياً لمواجهة التهديد السني.
لا
يمكن إهمال البعد النفسي لهذه الهجمات. يريد المتمردون أن يدفع جيرانهم ثمن القمع
الذي يتعرضون له منذ أكثر من واحد وعشرين شهراً، والذي أدى إلى مقتل أكثر 45000
شخصاً. هناك خطر بتزايد المجازر الطائفية مثل مجزرة الحولة (108 قتيلاً أغلبهم من
السنة) ومجزرة عقرب (125 إلى 150 قتيلاً يبدو أن أغلبهم من العلويين) بتاريخ 11
كانون الأول في ظروف ما زالت غامضة حتى الآن.
لن
يؤدي النفوذ المتزايد لجبهة النصرة إلى تهدئة الأمور، لقد قامت الولايات المتحدة
مؤخراً بتصنيفها ضمن قائمة المنظمات الإرهابية بسبب تقاربها الإيديولوجي مع تنظيم
القاعدة، وتواجد العديد من الجهاديين الأجانب داخلها. إن تركيز جبهة النصرة على
العداء تجاه العلويين والشيعة، يعادل أو يتجاوز رفضها لنظام دمشق. لقد حذر
المستشار الخاص في الأمم المتحدة لشؤون الوقاية من مجازر الإبادة من مخاطر
الانتقام التي تُلقي بظلها على الأقليات في سورية، فقد أكد أداما دينغ Adama Dieng في بيانه قائلاً: "أشعر بقلق عميق لأنه هناك طوائف بأكملها
مهددة بدفع ثمن الجرائم التي ارتكبتها الحكومة السورية". كما أشار أعضاء لجنة
التحقيق المستقلة حول حقوق الإنسان التي تعمل لحساب الأمم المتحدة إلى أن "النزاع
أصبح طائفياً بشكل واضح".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق