صحيفة الفيغارو
31/12/2012 بقلم رونو جيرار Renaud Girard
قال
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعد لقائه مع المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي
في موسكو يوم السبت 29 كانون الأول: "إن فرص التوصل إلى حل سياسي ما زالت
موجودة" من أجل إنهاء الحرب الأهلية. كما أعلن المبعوث الخاص للأمين العام
للأمم المتحدة في القاهرة يوم الأحد 30 كانون الأول أن لديه خطة للخروج من الأزمة
"مقبولة من المجتمع الدولي". لا يمكن توجيه اللوم إلى لافروف
والإبراهيمي لقيامهما بعملهما الدبلوماسي بشكل صحيح، ولكنهما يعرفان أكثر من أي شخص آخر بأن الحلول السياسية في
الغرف المغلقة لا تصمد طويلاً أمام الوقائع على الأرض، وغالباً ما تكون هذه
الوقائع أقل عقلانية.
يعرف
الجميع ما هو السيناريو المثالي: إنه وقف إطلاق النار، ثم انتشار القبعات الزرق
لمراقبة تنفيذه، ثم تشكيل حكومة انتقالية تضم جميع الطوائف والأحزاب السياسية، ثم
انتخابات سياسية تحت إشراف دولي، ... الخ. ولكن المشكلة في جميع هذه السيناريوهات
الجميلة أنها تصل متأخرة جداً، وأنها تصطدم دوماً بمصالح الدول الكبيرة وليس بأولئك
الذين يدعون إلى العدالة والسلام.
إن
ظهور حكومة انتقالية على الساحة السورية يفترض رحيل بشار الأسد وعائلته عن السلطة.
لقد اعترف لافروف بنفسه أنه "من المستحيل" موافقة الرئيس السوري الحالي
على مغادرة دمشق برضاه. هناك سببان يحملان بشار الأسد ـ الذي لم يُظهر في شبابه أي
تعلّق بالسلطة ـ على رفضه اليوم للتخلي عن السلطة: الأول هو سبب نفسي، ربما يكون
لديه احساس بأنه يخون والده، وأنه لم يكن على مستوى المسؤولية التي قرر والده أن
يعهدها إليه عام 1994 بعد موت شقيقه الأكبر. السبب الثاني ذو طابع سياسي: إن بشار
لوحده يُجسد النظام، و صوره مُعلقة في جميع المحلات التجارية، وستؤدي إزالة صورته
إلى انهيار الدولة فوراً. هذا ما يخشاه على الأقل جزء من السوريين الذين ما زالوا
يدعمون النظام، أو يعتبرون أن بقاءه هو أقل الحلول سوءاً في الوقت الحالي. من هم
هؤلاء السوريين الذين لا نسمع صوتهم كثيراً في وسائل الإعلام الغربية أو القطرية
بالمقارنة مع صوت إخوانهم المتمردين؟ إنهم يمثلون الأقليات (العلوية والمسيحية
والكردية والدرزية ... الخ) بالإضافة إلى البورجوازية السنية في المدن التي تحرص
على بقاء العلمانية السورية. هل هؤلاء السوريين أقلية، هل هم أغلبية، هل هم النصف؟
لا أحد يعرف شيئاً.
عبّر
لافروف عن أسفه بأن الإئتلاف الوطني السوري الذي حاز على مباركة ثم على اعتراف
الدول الغربية، لا يقبل بالحوار مع الروس، وأنه يُطالب بـ
"اعتذارات" مسبقة. يشعر هذا الإئتلاف
الذي يسيطر عليه الإخوان المسلمين أن انتصاره قريب، ويعتبر نفسه قوياً لدرجة أنه
لا مصلحة له بالتفاوض على العملية الانتقالية مع بشار. يحظى الإئتلاف بدعم مالي
غير محدود من قطر والسعودية، وتم الاعتراف به ممثلاً شرعياً ووحيداً للشعب السوري
من قبل الدول الغربية ومصر. على الرغم من ذلك، يعرف الإئتلاف جيداً بأنه لن يكون
قادراً على فرض احترام وقف اطلاق النار على الكتائب الإسلامية التي تُشكل اليوم
محور جميع العمليات الهجومية الجادة للمتمردين، وذلك حتى ولو وافق الإتئلاف على
وقف لإطلاق النار وعلى شكل من العملية الانتقالية.
بدأ
الروس يدركون اليوم بأنهم أصبحوا جزءاً من الأطراف العاجزة في العالم العربي ـ
الإسلامي الذي تُهيمن عليه الإيديولوجيا الوهابية وأموال النفط المجنونة. من
المفترض أن يقول لهم البريطانيون والفرنسيون والأمريكيون: "أهلاً وسهلاً في
نادي العاجزين!".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق