صحيفة اللوموند 3/12/2012 بقلم
مراسلتها في لبنان سيسيل هينيون Cécile Hennion
يقال في لبنان أن وليد جنبلاط في
خطر، وأنه لا يغادر قصره في المختارة. كما أن قصره محاط بنظام متطور للحماية. يأتي
هذا التهديد من الرئيس السوري الذي يمكن أن يُصدر حكمه في أية لحظة على أعدائه
السياسيين في لبنان. أعرب أحد أصدقاء وليد جنبلاط
عن قلقه قائلاً: "وصل بشار الأسد إلى طريق مسدود، إنه لا يكافح للحفاظ
على النظام، بل للحفاظ على حياته. إن خشيتنا شبيهة بما حصل في قصة شمشون بالكتاب
المقدس، عندما قام بهدم المعبد على رأسه لكي يقتل الفيليستيين. إن الرئيس السوري
يجر معه في سقوطه أكبر عدد ممكن من خصومه".
إن الانتقادات الجارحة التي وجهها
وليد جنبلاط إلى الرئيس الأسد ليست جديدة ولاسيما في عام 2007. كما دعا إلى إسقاط
"الطاغية" بعد بدء الثورة السورية. أما اليوم، فقد غيّر جنبلاط رأيه مرة
أخرى وأعلن أن موقفه هو في "وسط" الساحة السياسية اللبنانية، أي أنه ليس
مع معسكر 14 آذار ولا مع معسكر 8 آذار، بل إلى جانب الدولة التي تدعو إلى
"حيادية لبنان" في النزاع السوري. لقد استطاع إخراج طائفته من هذه
المواجهة الثنائية الخطيرة بين المؤيدين والمعارضين للنظام السوري، وتفاقم هذه
المواجهة وتحولها إلى مواجهات طائفية. حذر وليد جنبلاط قائلاً: "أدعو الآن
القادة السنة في معسكر 14 آذار والقادة الشيعة في حزب الله أن يحاولوا النظر إلى
البعيد، وأن يتوقفوا عن تسليح هذا الطرف أو ذاك في سورية. إذا رفضوا ذلك، لن يكون
ممكناً تجنب الأسوأ. إن عجز الدول الكبرى عن الاتفاق فيما بينها حول مستقبل سورية،
تسبب بتدمير هذا البلد بشكل ممنهج. لقد مضى على ذلك عشرون شهراً! إن نتيجة ذلك هي
أن بشار الأسد يمارس سياسة الأرض المحروقة. لا شك أن حيادية لبنان أمر طوباوي،
ولكن ما العمل؟ لن أتخلى عن هذه الطوباوية! عندما يقوم هذا السيد السوري بتهديد
تركيا عن طريق حزب العمال الكردستاني، ويهدد الأردن بالسلفيين ... لم يقم أحد
بإيقاف هذا السيد! إنه يستطيع أن يفعل ما يحلو له! إذاً، لنحمي أنفسنا قدر
المستطاع من خلال البقاء بمنأى عن الشؤون السورية".
إن الدروز السوريين قضية تخص وليد
جنبلاط الذي قال بأنه: "قام بإعداد إجراءات سياسية بسيطة على الأرض، وليس أكثر
من ذلك. لن أفعل مثل الآخرين الذين يوزعون السلاح والمال أو يحاربون".
حضّ وليد جنبلاط الطائفة الدرزية في سورية على الانضمام إلى
التمرد الذي "أراق دمه في معارك بطولية ضد القمع. لقد فعلت قدر استطاعتي. انشق حوالي عشرون ضابط درزي للانضمام
إلى الجيش السوري الحر، ولكن ما زال هناك من يشارك في القمع، وسيدفعون الثمن
غالياً عندما يسقط النظام".
نفى الجيش السوري الحر مسؤوليته عن
الانفجار في جرمانا يوم الأربعاء 28 تشرين الثاني، واتهم نظام دمشق بأنه يريد
إثارة نزاع طائفي لكي يكسب دعم الأقليات. أشار بعض الناشطين أن التفجير في جرمانا
وقع بعد تجمع نظّمه بعض الشيوخ الدروز الذين جاؤوا لتعبئة طائفتهم وإقناعها بعدم
القتال إلى جانب قوات الأسد.
قال وليد جنبلاط غاضباً:
"سيتم تقسيم سورية. إن وحدتها موضع رهان. لقد حذرت البريطانيين والفرنسيين
والأمريكيين قبل عام، وقلت للأتراك أنه يجب تسريع عملية سقوط النظام من خلال دعم
المعارضة. لقد أدى ترددهم إلى ما حاولت التحذير منه، أي إلى الحرب الأهلية والفوضى
الشاملة. يجب أن تتحمل الدول الكبرى مسؤولياتها الآن. سيقول التاريخ فيما إذا كنت
مخطئاً أم مصيباً. ضمن الظروف الحالية، ستجرف الحرب الأهلية كل شيء. إلا إذا كان
العالم بأجمعه قد اتفق على تدمير سورية وتحويلها إلى بلد مجهول، ولا أعرف ماذا
يمكن أن ينجم عن ذلك! أو بالأحرى، أنا أعرف: سينجم عنه إزعاجات رهيبة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق