صحيفة
اللوموند 4/12/2012 بقلم مراسلها في لبنان خالد سيد مهند Khaled Sid Mohand
أشارت
منظمات حقوق الإنسان إلى سقوط أكثر من 130 ضحية جراء القصف الذي تعرضت له القرى
الواقعة على طرفي طريق مطار دمشق الدولي يومي 1 و2 كانون الثاني. كما وقعت مواجهات
حول القاعدة الجوية العسكرية في جنوب دمشق، مما أدى إلى تعزيز الحصار الذي يفرضه
المتمردون على العاصمة.
تتركز أغلب المعارك في الضواحي الشرقية
للعاصمة، ويبدو أن مدينة جرمانا ما زالت بمنأى عن المعارك. ولكن هذه المدينة تعرضت
لشكل آخر من أشكال العنف، فقد انفجرت سيارة مفخخة فيها يوم الأربعاء 28 تشرين
الثاني، مما أدى إلى مقتل أكثر من ستين
شخصاً. لا تتعاطف جرمانا مع النظام ولا مع المتمردين، وهي محاطة بعدة مناطق تسودها
المعارك، وتسكنها جميع الطوائف الموجودة في سورية، ولكن مع أغلبية درزية ومسيحية.
كانت جرمانا أيضاً ملجأ لعشرات آلاف العراقيين الذين هربوا من الحرب الأهلية في
بلدهم، لدرجة أصبح اسمها "الفلوجة". أحس هؤلاء العراقيين بأنهم شاهدوا
ذلك سابقاً، وعادوا إلى بلدهم تاركين المدينة إلى المُهجّرين السوريين القادمين من
حمص وإدلب وحلب.
إذا
كانت جرمانا لم تشهد مظاهرات كبيرة شبيهة بما حصل في الضواحي الأخرى بدمشق، فإنها
كانت لفترة طويلة قاعدة يتراجع إليها المعارضون. وكانت منازلها، التي يسكنها
غالباً الطلاب والفنانين والموظفين الشباب، المكان الذي تُكتب فيه شعارات الثورة.
أشار
(صلاح)، أحد الناشطين القادمين من مخيم اليرموك للفلسطينيين، إلى أن هذه الشبكات
هي التي نظمت نفسها لتقديم المساعدة إلى السكان المُهجرين، وقد تعرضت هذه الشبكات
إلى مضايقات من الميليشيات المحلية المؤيدة للنظام بسبب الاشتباه بتعاطفها مع
المتمردين.
ساهم
الموقف الحيادي المُعلن لزعماء الأقليات الدينية في جرمانا في ضمان أمن نسبي، وسمح
للناشطين بتخزين الطعام والأدوية من أجل توزيعها على السكان المحتاجين دون علم
السلطات. كان (صلاح) أحد المسؤولين عن توزيع الطعام والأدوية، لقد وصل مؤخراً إلى
بيروت وقال: "إذا كانت مختلف أجهزة الأمن تراقب بدقة جميع مداخل جرمانا، فقد
كان من السهل إخراج أي شيء منها".
إن
صرامة الرقابة الأمنية على مدخل جرمانا، أصابت بعض سكانها بالحيرة حول هوية
المسؤولين عن عملية التفجير يوم 28 تشرين الثاني، وتساءل أحد سكانها قائلاً:
"كيف استطاعت سيارتان مليئتان بالمتفجرات عبور الحواجز دون التعرض
للمساءلة". إن طريقة تنفيذ هذه العملية تُذكّر بالتفجيرات في العراق. يمكن
عبور الحدود السورية ـ العراقية بسهولة، كما أن وجود المجموعات المرتبطة بتنظيم القاعدة يُعزز نظرية
السلطة. ولكن (صلاح) أكد أن النظام يمتلك أيضاً هذه "الخبرة" وقال:
"أعلن الرئيس ثلاث مرات عن الإفراج عن المعتقلين السياسيين، ولكنه كان يُفرج
عن المجرمين الذين انضموا إلى صفوف الميليشيات التابعة للنظام وللإسلاميين
المقربين من تنظيم القاعدة. إما أن النظام يتلاعب بالميليشيات الإسلامية، أو أنه
أفرج عنهم لزيادة الفوضى".
حصل
الانفجار الدامي في جرمانا بعد صدور بيان بتاريخ 3 تشرين الثاني من قبل
"اللجنة الروحية للطائفة الدرزية" في جرمانا. حذّر هذا البيان الذي حصلت
صحيفة اللوموند على نسخة منه قائلاً: "إن جميع عناصر الميليشيات والجنود
الدروز الذين يُقتلون خارج جرمانا بجانب قوات أمن النظام، لن يتم دفنهم في مقبرة
المدينة... وإذا حصل الدفن، فلن يصلي الشيخ على جثمانه". يؤكد هذا البيان أن
جرمانا متضامنة مع محيطها وحريصة على "التعايش السلمي مع بقية الطوائف
الدينية". يُشكل هذا البيان تشكيكاً حقيقياً بسلطة النظام الذي يدّعي بأنه
"حامي" الأقليات في سورية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق