الصفحات

الأربعاء، ١٢ كانون الأول ٢٠١٢

(معضلة الأسلحة الكيميائية للأسد)


صحيفة الفيغارو بتاريخ 12/12/2012 بقلم إيزابيل لاسير Isabelle Lasserre

     سواء كانت المعلومات الأمريكية حول عسكرة الترسانة الكيميائية السورية مناورة دبلوماسية أم لا، فإنها أدت في جميع الأحوال إلى التقدم مرحلة جديدة في فكرة التدخل العسكري ضمن قائمة السيناريوهات المتوقعة لدى العواصم الغربية. فيما يتعلق بالضغوط الدولية، فإن التهديد الكيميائي يمثل خطراً أكبر بكثير من الـ 40.000 مدنياً الذين قُتلوا منذ بداية التمرد.
     كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها قد أكدوا سابقاً بأنهم سيعتبرون استخدام الأسلحة الكيميائية "خطاً أحمراً" يبرر رداً مباشراً. ولكن لم يُحدد أحد بالضبط ما هو الشيء الذي سيؤدي إلى البدء بهذا الرد. يمكن أن يأتي الخطر من نظام متهالك لم يعد لديه ما يخسره، أو من مجموعات متطرفة على وشك الاستيلاء على السلطة. إن هذا الاحتمال الثاني هو مصدر القلق الأكبر في الدول الغربية، ولاسيما بعد استيلاء الإسلاميين على قاعدة عسكرية في شمال سورية.
     هل كان المسؤولون الأمريكيون يريدون جر حلفاءهم إلى عمل وقائي، عندما أكدوا أن الجيش السوري بدأ بتعبئة القنابل بغاز الساران؟ يعتقد بعض الخبراء أنها كانت محاولة لتكرار التدخل العسكري في ليبيا عام 2011، ولكن هذه المرة في سورية. لن يتم إرسال جيوش إلى الأرض، ولكنها ستكون عملية مشتركة بين الوحدات الخاصة والطائرات المروحية والطائرات من أجل القيام بضرب أهداف محددة. تهدف هذه العملية إلى السيطرة على مخزون الأسلحة الكيميائية وإبطال مفعولها.
      ما زال الخبراء العسكريون الفرنسيون متشككون بإمكانية مثل هذا التدخل، قال مسؤول عسكري فرنسي رفيع المستوى ويتابع الملف عن كثب: "لسنا متأكدين من معرفة جميع المواقع". من جهة أخرى، تم دفن جزء من المخزون الكيميائي، وربما تم نقل الجزء الآخر وفقاً لتقدم المتمردين. وقال ضابط فرنسي آخر: "بافتراض أننا نجحنا بتحديد مواقع هذا المخزون بفضل الاستخبارات البشرية ولاسيما الإسرائيلية، فإن تأمين المواقع السورية يتطلب القيام بعملية كبيرة جداً. سيكون ذلك شبيهاً بعملية حربية تقريباً. هناك الكثير من الأسلحة والصواريخ لدرجة لا تسمح بتجنب الخسائر في الجو".
     يبدو أن واشنطن تحاول الآن التقليل من الخطر، فقد أكد وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا قائلاً: "إن المعلومات في الوقت الحالي مُطمئنة. لم نلاحظ شيئاً جديداً يدل على أي إجراء عدواني". وأكد وزير الدفاع الفرنسي أن فرنسا "لا تنوي التدخل"، وأن الدول الغربية تعرف مواقع الأسلحة الكيميائية، وأنها "محمية من قبل قوات بشار الأسد".
     لا أحد يشكك بوجود أسلحة غير تقليدية في سورية، ولا حتى الروس الذين يعرفون عما يتحدثون لأنهم يزودون النظام السوري بالسلاح منذ فترة طويلة. إن احتمالات سقوط نظام يملك أسلحة تدمير شامل، يُشكل تحدياً غير مسبوق للدول الغربية وحليفها الإسرائيلي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق