مجلة
اللوبوان الأسبوعية 13/12/2012 بقلم برنار هنري ليفي Bernard-Henri
Lévy
هناك
ثلاثة أسئلة: هل ما زال الوقت متاحاً للتدخل؟ الجواب هو: نعم، نعم مع كل الغضب
الموجود في القلب وكل المرارة الناجمة عن سقوط 41000 قتيلاً، ولن يكون موتهم عبثاً
في حال حصول التدخل. لأن هذا العدد سيصبح 50.000 و60.000 وربما أكثر، ولأن دوامة
القتل لن تتوقف إذا كان الجواب بالرفض وتشبثنا بالوقوف مكتوفي الأيدي وبقيت طائرات
الحلف الأطلسي راكدة في المطارات وبقيت القوات الخاصة الفرنسية والأمريكية رابضة
في الأردن بانتظار احتمال تجاوز "الخط الأحمر" المتمثل باستخدام الأسلحة
الكيميائية.
كيف لا نفهم أن السؤال الحقيقي لم يعد، ومنذ
وقت طويل، فيما إذا كان يجب مساعدة الأسد على البقاء أو إجباره على الرحيل، لأنه
في جميع الأحوال سيرحل عاجلاً أم آجلاً. إن السؤال الذي يستحق الطرح هو فيما إذا
كان سيرحل "بفضلنا" أو "ضدنا"، أي بموافقتنا أو ضد رغبتنا. إن
السؤال الوحيد هو معرفة إذا كان الانتصار الحتمي للمتمردين سيكون أو لا يكون
انتصاراً لنا أيضاً؟
السيناريو
الأول هو السيناريو الليبي، وهو السيناريو الوحيد الذي يعطينا الفرصة، فرصة ضئيلة
جداً، للتأثير على المعركة السياسية التي ستعقب سقوط الدكتاتور. السيناريو الثاني
والأسوأ هو أن نترك المتطرفين والديموقراطيين وجهاً لوجه، أي المواجهة بين مجانين
الله والمسلمين المعتدلين، وهذا ما يحصل حالياً على الأرض على حساب السيناريو
الأول.
قلت
عدة مرات ما يمكن القيام به، وقلته في اجتماعات خاصة إلى المسؤولين الفرنسيين
والأمريكيين الذين أرادوا الاستماع لي. المشكلة الأولى هي الطائرات، طبعاً هناك
أمور أخرى غير الطائرات. في دمشق على سبيل المثال، هناك الدبابات التي تقصف داريا
ومعضمية الشام، ولن أتحدث عن ترسانة الأسلحة الخاصة التي تشك الدول الغربية، خطأ
أم صواباً، بأن النظام يريد استخدامها، ولا شك بأن نتائج استخدامها ستكون مُخيفة.
ولكن لنبدأ أولاً بالطائرات، لنبدأ بالعمل على ألا تستطيع هذه الطائرات التحليق
فوق حلب وحمص ومعرة النعمان ورأس العين. هناك طريقتين للقيام بذلك: الأولى هي فرض
منطقة حظر جوي انطلاقاً من القواعد التركية عن طريق استخدام طائرات الحلف الأطلسي،
وسيكون القيام بذلك أسهل بكثير مما حصل في ليبيا. الطريقة الثانية هي تزويد
المتمردين بالأسلحة الضرورية لكي يقوموا بأنفسهم بالسيطرة على 21 مطار عسكري
ومدني، كما فعلوا في البوكمال بتاريخ 11 أيلول وكما فعلوا في دير الزور وكما
يقومون به حالياً في المنغ بشمال سورية، هذه المطارات التي تُقلع منها طائرات
الموت. أعرف أن القادة العسكريين يقومون بدراسة هاتين الطريقتين حالياً، ولكن
ينقصهم الضوء الأخضر من القادة السياسيين. بمعنى آخر، ينقصهم قبطان الطائرة القادر
على اتباع السياسة الصحيحة والناجحة. هل سيكون قبطان الطائرة أمريكياً؟ أم تركياً؟
أم فرنسياً؟ من يعرف؟
السؤال الثالث هو: ما العمل لمواجهة الفيتو
الصيني والروسي؟ الجواب هو القيام بما فعلته الولايات المتحدة في العراق، أي تجاهل
هذه العقبة التي ستصبح مع مرور الوقت خدعة مُحزنة (لم تكن السابقة العراقية
مُشرّفة، ولكن ألا تُمثل على الأقل برهاناً على أن ذلك ممكن وأن ذريعة الفيتو
الروسي والصيني هي حجة زائفة في أفضل الأحوال). أو القيام بمثل ما فعلته الولايات
المتحدة سابقاً مع حلفائها في كوسوفو (هذه الحرب كانت عادلة، وبالتالي ليس هناك أي
سبب يمنع من الاجتهاد بالطريقة نفسها). يمكن أيضاً القيام بما كان نيكولا ساركوزي
مستعداً للقيام به في ليبيا عندما اعترف بالمجلس الانتقالي الليبي كسلطة شرعية
وحيدة في ليبيا الجديدة (قال نيكولا ساركوزي لي ولثلاثة ممثلين مندهشين عن المجلس
الانتقالي الليبي عندما كنّا في مكتبه: "أتمنى الحصول على موافقة الأمم
المتحدة. ولكن إذا لم أحصل إلا على المساعدة الإنسانية بالإضافة إلى شرعيتكم
اعتباراً من الآن، فإن ذلك سيسمح لي بإعطاء الأولوية لتشكيل تحالف دولي للقيام
بالواجب المقدس لإنقاذ شعب، بدلاً من إعطاء الأولوية لاحترام تفاصيل القانون
الدولي الذي أصبح مجنوناً"). نتكلم الآن عن سورية، ووصلنا إلى هذه المرحلة
بالضبط. لم يعد هناك أي شيء تقريباً يمنع التحايل على الفيتو الروسي والصيني بعد
أن اعترفت فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة والجامعة العربية بالمعارضة الموحدة
ممثلاً عن شعب مضطهد. ولا شك أن التاريخ سيحكم بقسوة على هذا الفيتو.
في
هذه الساعة التي أكتب بها، يقوم بعض أصدقاء روسيا بإظهار عبثية هذا التشبث بموقف
سيجعلها معزولة في المنطقة إذا استمرت به، وأن هذا الموقف سيكون انتحارياً من
الناحية الدبلوماسية. لن يموت فلاديمير بوتين من أجل طرطوس، والأسد ليس القذافي.
يبقى أخيراً أن نأمل بأن يقبل هولاند وكاميرون وأوباما ويفهموا ويستخلصوا العبر
وينقذوا الشعب السوريي، ويُنقذوا الشرف أيضاً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق