صحيفة اللوموند
30/1/2013 بقلم بنجامان بارت Benjamin Barthe
يُراوح الإئتلاف الوطني السوري في مكانه بعد
شهرين ونصف من تأسيسه في الدوحة، وبدأ تراجع الديناميكية التي أدت إلى اعتراف
حوالي مئة دولة به في اجتماع مراكش في منتصف شهر كانون الأول 2012. لم يحصل
الإئتلاف الوطني السوري إلا على جزء من المبالغ الموعودة من هذه الدول (145 مليون
دولار)، كما أنه لم يحصل على الضمانات السياسية والعسكرية التي يعتبرها ضرورية من
أجل القيام بمهمته الأساسية المتمثلة بتشكيل حكومة مؤقتة. قالت بسمة قضماني،
المُقربّة من أوساط المعارضة ومديرة مركز أبحاث مبادرة الإصلاح العربية Arab Reform Initiative: "هناك حالة جمود منذ مؤتمر مراكش. فرنسا هي الأكثر تصميماً
في دعمها، ولكنها لا تريد تحمّل مسؤولية الخطر السوري لوحدها".
قال
لوران فابيوس يوم الاثنين 28 كانون الثاني في مؤتمر باريس أمام ممثلي الإئتلاف
الوطني السوري ومندوبين عن حوالي خمسين دولة: "هناك خطر بأن تُسيطر المجموعات
الإسلامية على الأرض بعد انهيار الدولة والمجتمع. لا يجب علينا أن نتخلى عن تمرد
بدأ كاحتجاج سلمي وديموقراطي، وأن يتحول إلى مواجهات بين الميليشيات"، وذلك
في إشارة إلى تكاثر عدد المجموعات المسلحة على الأرض، والتنافس بين الميليشيات
المرتبطة بالتيارات الجهادية وتلك المرتبطة بالجيش السوري الحر المُقرب من
الإئتلاف الوطني السوري من الناحية النظرية. وكان لوران فابيوس قد اعتبر بتاريخ 24
كانون الثاني بأن سقوط النظام السوري ليس قريباً، الأمر الذي يتعارض مع تفاؤله
المُعلن حول هذا الموضع الهام، وقال حينها: "الأمور لا تتحرك. ليس هناك
إشارات إيجابية حديثة باتجاه الحل الذي نأمله".
لكن
مؤتمر باريس حمل معه بعض الإشارات المختلفة عن هذه اللوحة القاتمة، فقد أكدت مصادر
دبلوماسية فرنسية أن الإئتلاف الوطني السوري أصبح من الآن فصاعداً "متأكداً
من قدرته على العمل لعدة أشهر قادمة". على سبيل المثال، سيكون تمويل مكاتبه
في الخارج مؤكداً. ومن المفترض أن يكون مسؤوليه قادرين على إيصال المساعدات
العاجلة إلى المناطق الشمالية الواقعة تحت سيطرة الجيش السوري الحر، بعد أن عبّر
هؤلاء المسؤولين عن سخطهم من الأمم المتحدة التي تقوم بتنسيق مساعداتها الإنسانية
مع دمشق. كما ستكون الولايات المتحدة وبريطانيا مستعدتين لدعم بعض المشاريع
الصغيرة في المدن المحررة بمنطقة حلب وإدلب، وهذا ما تفعله فرنسا منذ عدة أشهر.
أشار مستشارو لوران فابيوس إلى أن الهدف هو جعل الإئتلاف الوطني السوري
"بديلاً عن النظام والراديكالية"، واعتبروا أن الجهاديين يُمثلون أقل من
10 % من المقاتلين ضد الأسد على الرغم من تصاعد قوة الجهاديين.
فيما
يتعلق بمسألة الحكومة الانتقالية، لم يتم الإعلان عن تحقيق أي تقدم خلال مؤتمر
باريس. لا يريد قادة الإئتلاف الوطني السوري حكومة في الخارج، ويطمحون إلى الإقامة
في شمال سورية. ولكن قبل تجاوز هذه الخطوة، يريدون التأكد من أنهم سيكونون محميين
من الغارات الجوية التي يقوم بها النظام، وأن يتم الاعتراف بهم كحكومة تنفيذية
سورية جديدة. إنهما مطلبان مُبكران جداً وحتى غير واقعيين، لأنهما يفترضان إقامة
منطقة حظر جوي وقطع العلاقات الدبلوماسية مع دمشق، وهذا ما ترفضه الحكومات الغربية
حتى الآن. ويجب ملاحظة أن أعضاء الإئتلاف الوطني السوري لم يتفقوا على اسم رئيس
الحكومة المحتمل، وما زال هذا الائتلاف ضحية العداءات الشخصية كما كان الحال
سابقاً مع المجلس الوطني السوري.
قالت
بسمة قضماني: "صحيح أن هناك مشاكل في العمل. ولكن ما هو الهدف؟ ليست هناك
إمكانية للمفاوضات ولا للتدخل العسكري أو حتى تسليح المتمردين. لو كان المجتمع
الدولي يملك مشروعاً محدداً، فإن تنظيم أنفسنا سيكون سهلاً جداً".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق