افتتاحية
صحيفة الليبراسيون 7/1/2013 بقلم
فرانسوا جيريه François Giret
إن
الرجل الذي عبّر عن موقفه على مسرح بيت الثقافة في دمشق، لم يكن يتصف بالهذيان
العدواني مثل صدام الذي كان ينتظر الموت، ولا بالحماس الجنوني للقذافي الهارب، ولا
بالنفس المقطوع لمبارك الذي تجاوزه التاريخ. أظهر بشار الأسد نفسه مثل مُستبد رابط
الجأش بسهولة تبعث على الذهول، وذلك على الرغم من أنه يواجه من 21 شهراً تمرداً
يتقدم على الأرض يوماً بعد يوم. لم يكن هناك أدنى قدر من الانفتاح السياسي، بل
كلمة مملة خيالية وصارمة. لقد كان يؤكد عبر تصميمه المجنون، ما كان يتوقعه الجميع،
أي أن عذاب الشعب السوري سيستمر لأشهر طويلة.
إذا
كان الأسد، حتى عندما يكون مُرهقاً، يستطيع الاستمرار بوقوفه مُتباهياً على هذا
الشكل، فإن الفضل في ذلك يعود إلى حليفيه القويين. لن نُعبّر أبداً بما فيه
الكفاية عن مدى مساهمة الدور الصيني والروسي في تفاقم النزاع الذي أدى إلى مقتل
أكثر من ستين ألف شخص. إن الدعم الكامل الذي تقدمه موسكو وبكين إلى الدكتاتور
السفاح، لم يفسح المجال فقط أمام الجهاز القمعي السوري للعمل بحرية، بل وفّر أيضاً
بشكل غير مباشر ساحة المعركة لآلاف الجهاديين الذين تُشجعهم وتُمولهم الشبكات
السلفية في قطر والسعودية.
إن
هذه السياسة المُتعالية والعمياء الممارسة في بلد تتقاطع فيه جميع خطوط الانقسام
في الشرق الأوسط، لا ترسم إلا ملامح نهايات أكثر مأساوية. لقد أصبح الحصار الدامي
لدمشق والحرب الأهلية على وشك التحوّل إلى حرب طائفية مُدمّرة، وتقسيم البلد بين
كيانات متنافسة، وانفجار اقليمي لا يمكن السيطرة عليه ... سيكون فلاديمير بوتين
مرة أخرى مسؤولاً عن مثل هذه السيناريوهات السوداء، ضمن سلسلة جرائمه ضد الشعوب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق