صحيفة
الفيغارو 4 أيار 2013 بقلم المحامي الدولي أردافان أمير أسلاني Ardavan Amir-Aslani
للوهلة الأولى، لا شيء يفترض حصول تقارب بين
إيران وإسرائيل. إن المسألة النووية الإيرانية هي محور الرهانات العالمية منذ
عشرات السنوات، وما زالت تُثير المشاعر. الأمر المثير للاستغراب هو أن فشل اللقاء
الأخير بين إيران ومجموعة الستة في بداية شهر نيسان، لم يؤد إلى عودة التهديد
بتوجيه ضربة عسكرية ضد المنشآت الإيرانية. كما أعلن جون كيري أن الطريق الدبلوماسي
ما زال الطريق المُفضّل. في الحقيقة، تنتظر الأطراف المتخاصمة نتائج الانتخابات
الرئاسية الإيرانية في شهر حزيران القادم، ووصول رئيس جديد أكثر قبولاً لدى
المجتمع الدولي. لقد وصلت عزلة إيران وووضعها الاقتصادي السيء بسبب العقوبات إلى
مستوى جعل النخبة الإيرانية بأكملها تريد الخروج من هذا الوضع. يعرف الجميع أن
الطريق إلى واشنطن يمر عبر إسرائيل والاتفاق حول الملف النووي.
ولكن
هذه الدول الثلاثة: إسرائيل والولايات المتحدة وإيران تفاجأت ببروز الخريف
الإسلامي العربي. إن نظرة إيران إلى جيرانها تشبه النظرة الإسرائيلية والأمريكية
القلقة من التغيّرات في العالم العربي ـ الإسلامي. يتركّز حقد الأصوليين السلفيين والإخوان
المسلمين على هذه الدول الثلاث. يكفي أن
ينظر الإسرائيليون إلى ما وراء حدودهم ليشاهدوا سورية التي تتحول تدريجياً إلى
مختبر لتنظيم القاعدة، وتُسيطر عليها بعض الحركات مثل جبهة النصرة التي وصفها
الأمريكيون بأنها منظمة إرهابية. كما سيُشاهد الإسرائيليون الصعود التدريجي
للإخوان المسلمين في الأردن. من جهة أخرى، قام المتمردون الإسلاميون في الجولان
بهجوم استهدف حرس الحدود الإسرائيليين. كما حصل الأمريكيون على جواب كلمة أوباما
في القاهرة من خلال الرصاص الذي استهدف السفير الأمريكي في ليبيا.
ينظر
الإيرانيون بقلق مُشابه إلى جيرانهم. بالتأكيد، إن سبب دعمهم إلى دمشق هو إرادتهم
في المحافظة على سلطة أحد حلفائهم النادرين في العالم العربي، ولكن هناك أمور أخرى
أيضاً. من الواضح أن النزاع السوري أصبح ذو طابع ديني أكثر فأكثر. وأكدت الأوامر
الموجّهة إلى بغداد أنه إذا سقط الدكتاتور الأسد، فإنه يجب على الشيعة أن يُقاتلوا
للمحافظة على بقائهم أمام الحواجز المحيطة بالمدن الشيعية المقدسة في النجف
وكربلاء. لم يخف على الإيرانيين والإسرائيليين هذا الدعم الكامل الذي تُقدّمه
الممالك النفطية في الخليج الفارسي إلى المتمردين الإسلاميين في سورية. ما زال
الإسرائيليون يتذكرون بشكل خاص الدعم المالي (400 مليون دولار) الذي قدمه أمير قطر
إلى حماس خلال زيارته إلى غزة قبل عدة أشهر. لقد احتفت حماس بهذه الزيارة عبر
إطلاق 89 صاروخ كاتيوشا على الأراضي الإسرائيلية. كما أعادت انتخاب زعيمها التاريخي
خالد مشعل رئيساً لحماس. يُقيم خالد مشعل
في الدوحة، كما هو الحال بالنسبة للطالبان، وليس في دمشق.
ينقص
إسرائيل أيضاً الحلفاء في المنطقة. من الصعب اعتبار مصر بعد وصول الإخوان المسلمين
إلى السلطة كاستمرار للدعم المطلق الذي كان يُقدّمه حسني مبارك. فيما يتعلق
بتركيا، فإنها تواصل السياسة العثمانية الجديدة لوزير خارجيتها أحمد داود أوغلو،
على الرغم من أنها لم تؤد إلى "تصفير المشاكل مع جيرانها" بل إلى
"تصفير الجيران بدون مشاكل". لقد ألحّ الرئيس الأمريكي باراك أوباما على
أن يقوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتقديم الاعتذار إلى أردوغان
بسبب قضية الأسطول البحري إلى غزة. كان استقبال أردوغان لهذه المبادرة فاتراً
لدرجة أجبرت جون كيري على الذهاب إلى أنقرة للقيام بوساطة جديدة.
تستعد إيران لبدء عودتها الكبرى إلى مقدمة
الساحة الدولية، بشكل يتزامن مع البروز المفاجىء للإسلام الجهادي السني. إن هذا
الإسلام الراديكالي يستهدف بدون تمييز إسرائيل وإيران الشيعية، وهذه هي نقطة
التوافق الأولى التي ستكون بالتأكيد تعبيراً عن تقارب بين إيران وإسرائيل...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق