صحيفة اللوموند
10 آذار 2013 ـ مقابلة مع الباحث اللبناني حوزيف باحوط Joseph
Bahout ـ أجرى
المقابلة كريستوف عياد Christophe Ayad
الباحث اللبناني جوزيف باحوط هو أستاذ في معهد
العلوم السياسية في باريس وباحث في
الأكاديمية الدبلوماسية.
سؤال:
هل تندرج الحرب في سورية في سياق المواجهة بين الشيعة والسنة في الشرق الأوسط؟
جوزيف باحوط:
نعم، هكذا يبدو الأمر حتى ولو أن النزاع في سورية لم يكن طائفياً في البداية ولم
يصبح طائفياً بشكل كامل حتى الآن. يجب الإشادة بالمقاومة المذهلة للمجتمع السوري
لكي لا ينجر نحو الطائفية، ولكن ذلك لا يمكن أن يستمر إلى الأبد. تقع المسؤولية
أولاً على النظام الذي رسم بعناية النبوءة الكارثية التي كان يُعلن عنها منذ بداية
الثورة، عندما كان يقول أن زعزعة استقرار سورية سيؤدي إلى إشعال المنطقة. إن إضفاء
الصبغة الطائفية يُهدد سورية وجميع دول المنطقة.
سؤال:
هل أصبح الوضع ضمن إطار حرب إقليمية؟
جوزيف باحوط:
إنه شبيه بذلك جداً، وهناك أيضاً شكل من الحرب الباردة العالمية. في الحقيقة،
يعتمد كل شيء على ما سيحدث خلال الأشهر الست أو الثماني القادمة. هناك ثلاثة سيناريوهات
محتملة: الأول هو استمرار موازين القوى ـ أو بالأحرى موازين الضعف ـ الحالية بشكل
يؤدي لاحقاً إلى تراجع النظام نحو معقله الساحلي والجبلي. إنها فرضية
"المنطقة العلوية"، التي تُفسّر ضراوة العنف في حمص، مع تقسيم سورية إلى
كانتونات عرقية وطائفية تبحث كل منها عن عرّاب خارجي. سيعتمد كل شيء على ما ستفعله
روسيا وعلى قبول المجتمع الدولي لمثل هذا التقسيم.
السيناريو
الثاني هو سقوط النظام بشكل عنيف في ظل الفوضى. سيكون هناك انتقامات ومعارك بين
الفصائل المتمردة وجيوب المقاومة للضباط العلويين في الجيش. ستُصبح سورية حينذاك
أفغانستان الشرق الأوسط، دولة منهارة وتهدد استقرار جميع جيرانها.
السيناريو
الثالث، وهو السيناريو الإيجابي الوحيد، نجد مفاتيحه في عملية انتقالية مُنظمة
تتجنب انفجار المنطقة بأسرها. يحتاج ذلك إلى إعداد نموذج انتقالي يُغري السوريين
ولاسيما العلويين لكي يتخلوا عن النظام. يمر ذلك عبر تقديم دعم حقيقي للمعارضة
التي يقع على عاتقها من الآن فصاعداً مهمة إدارة المناطق المحررة مثل منطقة الرقة
مؤخراً. يجب أن تكون هذه التجربة نموذجاً ناجحاً وليس مُنفّراً للسوريين. وستكون
الأمور أفضل إذا اتفق الروس والأمريكيون على البدء بالعملية الانتقالية بحدودها
الدنيا، أي برحيل بشار الأسد كما قال الأخضر الإبراهيمي.
سؤال:
يبدو أن العنف وصل إلى العراق، هل هو مُهدد بالتفكك؟
جوزيف باحوط:
تتزايد الضغوط الإيرانية أكثر فأكثر على حكومة المالكي لدعم نظام دمشق. يُمثل
المالكي سلطة شيعية أكثر فأكثر. بالمقابل، أثارت الثورة السورية حماس المعارضة
السنية. هناك خطر بتحول منطقة الأنبار السنية إلى معقل لبعض المجموعات مثل تنظيم
القاعدة وجبهة النصرة. خلال هذا الوقت، يؤكد كردستان العراق استقلاله الذاتي أكثر
فأكثر. إن العراق في طور العودة إلى الحرب الأهلية التي ساهم الأمريكيون والمظلة
الإقليمية في تجميدها سابقاً.
سؤال:
هل يمكن أن يعود لبنان إلى الحرب الأهلية؟ ليس هناك مصلحة لحزب الله ولا لتيار
المستقبل بذلك.
جوزيف باحوط:
هذا هو توازن الرعب السائد حتى الآن. ولكن لا أعرف إلى أي مدى يدرك حزب الله أنه
على وشك كسر هذا التوازن من خلال المشاركة علناً في المعارك إلى جانب النظام. في
المقابل، يشعر الحريري بالارتباك داخل معسكره تجاه الجناح السلفي الذي يتنقل بنشاط
بين سورية ولبنان. لقد وصل الجيش اللبناني إلى حدود قدرته في إدارة المشاكل،
والحكومة ضعيفة هيكلياً، وبدأت إسرائيل بالتحرك. يبدو أن الاصطدام حتمي.
سؤال:
ماذا تريد تركيا وقطر، الدولتان الأساسيتان في المنطقة اللتان تدعمان المعارضة ،
من سورية؟
جوزيف باحوط:
لا تعرف تركيا أيضاً ما الذي تريده فعلاً.
هناك وهم كبير ناجم عن العجز بتغيير مجرى الأمور واكتشاف نقاط ضعفها: عودة
المسألة الكردية بقوة واكتشاف المسألة العلوية من جديد. فيما يتعلق بقطر، إنها
تستفيد من شيخوخة السعودية والحيرة التركية والغياب المصري لكي تُنصب نفسها زعيمة
عربية وإسلامية مُصابة بمرض العظمة إلى حد ما. ولكن انتهازيتها في جميع الاتجاهات
بدأت بإثارة الغضب حتى ضمن الدول الغربية.
سؤال:
هل سيكون سقوط بشار الأسد هزيمة أساسية لإيران؟
جوزيف باحوط:
أدرك الإيرانيون منذ فترة أن سورية لن تكون محكومة من قبل عائلة الأسد بعد الآن.
لقد بدؤوا بتنفيذ خطتهم البديلة التي تتضمن إنشاء ميليشيات علوية تقوم بدور حزب
الله في لبنان، أي دولة داخل دولة ضعيفة. سيفعلون كما حصل في أفغانستان بعد عام
2001 وفي العراق بعد عام 2003: إنهم يراهنون على قدرتهم على إلحاق الضرر، ويراهنون
على المدى الطويل في مواجهة أطراف غير قادرة على التحمل لفترة طويلة. هل سترضى إسرائيل
بمثل هذا الوضع؟ إنه أمر غير مُحتمل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق