صحيفة اللوموند
10 آذار 2013 بقلم جيل باريس Gilles Paris
تحولت
سورية إلى مقبرة بعد سنتين من التمرد. أولاً، مقبرة لأوهام نظام كان يعتقد أن
سيطرته أبدية، وأعمته أكاذيبه التي تفتخر بفضائله الوهمية. ثانياً، مقبرة لآمال مُعارضة
مُشتتة وغير قادرة على توفير بديل واضح ومُقنع لأكبر عدد ممكن. ثالثاً، مقبرة
للحسابات الغربية والروسية والإيرانية العاجزة عن التأثير على عربة الآلة
الجهنمية. وأخيراً، مقبرة لشعب مُشبع بالمجازر والرعب الذي يبدو أن وتيرته ما زالت
تتسارع. أدت آلة الحرب الأهلية السورية
إلى مقتل أربعة أضعاف عدد القتلى في حماة عام 1982، ولا نرى كيف يمكن إيقاف هذا
التدمير الذي وصل أيضاً إلى ذاكرة وتاريخ البلد.
بدأ
السوريون بالنزول إلى الشارع عندما كانت الدول الغربية تتدخل لمنع سحق التمرد الليبي
بالدم. لقد تغير الهدف الغربي في ليبيا تدريجياً من حماية المدنيين إلى تغيير
النظام، ولهذا السبب أصبحت الوسائل الدبلوماسية غير مجدية بسبب الفيتو الروسي
والصيني في الأمم المتحدة. أدى هذا المأزق إلى استمرار نزاع غير متوازن استطاع فيه
نظام متفوق عسكرياً أن يحافظ على بقائه دون أن يكون قادراً على توفير أي أفق آخر.
سقطت
الحجج التي يُقدمها معارضو تقديم دعم غربي أكبر إلى المتمردين لمواجهة التدخل
العسكري الروسي والإيراني ولإجبار النظام على صياغة حل سياسي. أخطار الانحرافات
الجهادية الناجمة عن هذا التصعيد العسكري؟ على العكس، إن عدم تقديم المساعدة إلى
المتمردين فسح المجال واسعاً أمام الإسلاميين المسلحين. التهديدات بانتقال العدوى
إلى المنطقة بأسرها؟ إن النزاع يهدر في لبنان والعراق. الأخطار على الموزاييك
الطائفي السوري؟ كما لو أن نظام الأسد لم يستخدم وأساء استخدام هذه الذريعة
مُفضلاً الحرب التي حوّلها إلى حرب طائفية عندما ينسجم ذلك مع مصالحه.
من الوهم الاعتقاد بأن الحرب الأهلية السورية
ستبقى محصورة داخل حدودها. إن وجود مليون لاجىء سوري يُمثل برهاناً على التدويل
الحتمي. لقد تم الانتظار طويلاً لتقديم المساعدة إلى سورية، ولكن لن يكون الوقت
متأخراً أبداً لتجنب تحول قلب الشرق الأوسط إلى مقبرة جماعية ضخمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق