صحيفة الليبراسيون
29 آذار 2013 بقلم جان بيير بيران Jean-Pierre Perrin
أعلن
حزب الله سابقاً عن مقتل العديد من عناصره وهم "يقومون بواجب الجهاد"
مثل مهدي عبد الله صالح (بعلبك) وحيدر محمود زين الدين (النبطية). ولكن هذه المرة
أعلن تلفزيون المنار عن اختفائهم. بالمقابل، لم يتم الإعلان أبداً عن مكان وظروف
مقتل "الجهاديين" الشيعة المذكورين أعلاه، وتم منع الصحفيين من إلتقاط
الصور أثناء مراسم التشييع. ولكن لا داع لأن نكون عرّافين لكي نعرف بأن
"الشهداء المقدسين" حسب تعبير حزب الله، قد قُتِلوا في سورية.
أرسل
حزب الله في البداية بعض المقاتلين لحماية القرى الشيعية ولاسيما في منطقة القصير
الحدودية بالقرب من حمص. ثم توسعت مهمتهم شيئاً فشيئاً مع اتساع التمرد، وشملت
حماية الحدود نفسها. إنها منطقة حيوية بالنسبة لحزب الله، فهي الممر الأساسي
لإيصال الأسلحة التي تصله من إيران. ولكن في الوقت الحالي، تُقاتل الميليشيات
الشيعية أيضاً إلى جانب القوات النظامية.
أشار
موقع الأنترنت Middle East Transparent إلى أنه قُتِل في شهر شباط 2012 مقاتل كنيته "الحرب" من
منطقة الشيخ اللبنانية برصاصة في رأسه أثناء المعارك لاستعادة حي باب عمرو. ادعى
حزب الله أن إصابته كانت أثناء تدريب عسكري بالرصاص الحي. ولكن الحزب الشيعي
اللبناني لم يتوقف عند إرسال المقاتلين، وقام بإنشاء فروع لميليشيته في القرى
الشيعية السورية. في الوقت الحالي، يرفرف علم يشبه تقريباً علم حزب الله فوق هذه
القرى. وما زالت ميلشيات حزب الله في منطقة القصير تواجه المتمردين مباشرة. إنهم
يتمتعون بحرية كاملة في المناورة على الحدود، نظراً لأن جزء من الجيش اللبناني
يخضع لسيطرة الضباط الشيعة المقربين من حزب الله.
ذكرت
الواشنطن بوست نقلاً عن بعض المسؤولين الأمريكيين العاملين في الشرق الأوسط أن حزب
الله بدأ مع إيران بإنشاء شبكة من الميلشيات داخل سورية بهدف الدفاع عن مصالحهما
في حال سقوط بشار الأسد أو إجباره على مغادرة دمشق. وأضاف هؤلاء المسؤولين أنه إذا
كانت هذه الميلشيات تقاتل اليوم من أجل بقاء بشار الأسد في السلطة، فإن طهران لا
تستبعد تفتت سورية إلى كيانات طائفية ودينية أو قبلية. ومن هنا تأتي ضرورة أن
يمتلك النظام الإيراني وحدات عملياتية في سورية من أجل الدفاع عن مصالحه. أشارت
الواشنطن بوست نقلاً عن مسؤول أمريكي رفيع المستوى إلى أن طهران ربما تدعم حالياً خمسين
ألف عنصر على الأقل في الميلشيات داخل سورية.
إن
العنصر الأساسي في هذه القوة المدعومة من إيران هو الجيش الشعبي، وهو ميلشيا تقوم
بتجنيد الشيعة والعلويين السوريين. أشارت الواشنطن بوست نقلاً عن مساعد وزير
الخزانة الأمريكي لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية إلى أن الجيش الشعبي
"هو بشكل أساسي صلة الوصل بين حرس الثورة الإيراني وحزب الله. يقوم الأول
بتقديم التمويل والسلاح، ويهتم الثاني بتدريب المقاتلين بمساعدة من قبل بعض الضباط
الإيرانيين. هناك تحويلات مالية روتينية بملايين الدولارات تُرسلها طهران إلى هذه
الميلشيات". تم إنشاء هذه الميليشيات على نمط قوات الجيش الشعبي الإيراني
(الباسيدجي) المرتبطة بحرس الثورة (الباسدران)، وقد برزت قوات الباسيدجي بشكل خاص
أثناء قمع المتظاهرين بعد الانتصار المُزوّر لمحمود أحمدي نجاد في الانتخابات
الرئاسية عام 2009.
إن
الجيش الشعبي هو قوة طائفية بخلاف الشبيحة التي كانت في البداية عصابات قام النظام
بتحويلها إلى ميليشيات. يُذكّر هذا الجيش الشعبي بولادة حزب الله عام 1982 عندما
قام حرس الثورة الإيراني بدعم نظام حافظ الأسد عام 1982، وأسس حينها ميلشيا مُسلّحة
في سهل البقاع اللبناني ذو الأغلبية الشيعية. في ذلك الوقت، استفادت طهران ودمشق
من تفتت لبنان وغياب الدولة بسبب الحرب الأهلية. أصبح حزب الله منذ ذلك الوقت
القوة السياسية والعسكرية الأولى في لبنان، وقام بإنشاء دولة شيعية داخل الدولة
اللبنانية، دون أن يمنعه ذلك من المشاركة في الحكومة الحالية.
حصل
السيناريو نفسه في العراق عندما استفادت طهران من الفوضى الناجمة عن الغزو
الأمريكي وتفتت الدولة، ثم فرضت ميليشياتها وأحزابها الشيعية. في سورية، الوضع
مختلف لأن العلويين والشيعة لا يُمثلون إلا 10 % تقريباً من السكان. ولكن إذا خسر
نظام الأسد دمشق، ولجأ إلى المنطقة العلوية في شمال غرب سورية، وتفتت سورية، وغرقت
في حرب أهلية، فإن الميليشيات المؤيدة لإيران بمساعدة حزب الله ستدعم حينها القوات
النظامية بهدف منع إقامة دولة معادية لهم يُهيمن عليها السنة.
إن
هذا الحل ليس الوضع المثالي بالنسبة لطهران، ولكنه يسمح لها بالاستمرار في متابعة
هدفها الأولي المُتمثل بتسليح حزب الله عبر ميناء أو مطار. تعتمد واشنطن هذه الفرضية
أكثر فأكثر، صرّح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري: "إن أحد السيناريوهات
التي يتحدث عنها الجميع هو انسحاب الناس إلى مناطقهم... وسنواجه عندها عملية تفتيت
للبلد، ولا أحد يعلم إلى أين سيؤدي ذلك".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق