صحيفة اللوموند
13 آذار 2013 ـ مقابلة مع الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز ـ أجرى المقابلة كريستوف
عياد Christophe Ayad
وصل
شمعون بيريز (90 عاماً) إلى باريس يوم الجمعة 8 آذار في زيارة عمل طويلة، وغادر
فرنسا يوم الثلاثاء 12 آذار بعد الكلمة التي ألقاها في البرلمان الأوروبي في
ستراسبورغ. يجب أن يطلب الرئيس الإسرائيلي من النواب الأوروبيين دعم الطلب
الإسرائيلي بوضع حزب الله اللبناني على لائحة المنظمات الإرهابية، كما سيؤكد أيضاً
على تعزيز العقوبات على إيران.
سؤال: وقعت
العديد من الحوادث التي أدت إلى انتهاكات لخط وقف إطلاق النار على هضبة الجولان،
وقامت إسرائيل بغارة على موقع كيميائي في سورية. هل النزاع السوري في طور الوصول
إليكم؟
شمعون بيريز:
قدّم بشار الأسد نفسه أنه زعيم شاب يريد تحديث سورية وإعادة السلام إليها، ولكنها
كانت حيلة. في الحقيقة، لقد حاول الحصول على السلاح النووي والكيميائي. لقد تم تدمير البرنامج
النووي لحسن الحظ، وللأسف لم يتم تدمير البرنامج الكيميائي. والآن، من المُعقد
جداً منع وصول هذه الأسلحة إلى أيدي ناس لا يتصفون بالمسؤولية.
كانت إسرائيل
تُفضل البقاء خارج هذا النزاع، ولكننا مُجبرون على الدفاع عن أنفسنا. إن الحل الذي
يسمح بوقف التدمير والمجازر سيكون بأن تستلم الجامعة العربية زمام المبادرة بدعم
وتفويض من الأمم المتحدة، وتشكيل حكومة انتقالية مدعومة بجنود القبعات الزرق من
الدول العربية. ما زال الوقت متاحاً لكي تتحمل الجامعة العربية مسؤولياتها، ويملك
أعضاؤها ما يكفي من المال والسلاح والجنود.
سؤال:
قابلتم فرانسوا هولاند. هل وافق على طلبكم بأن يضع الأوروبيون حزب الله على لائحة
المنظمات الإرهابية؟
شمعون بيريز:
قمت بتهنئة فرانسوا هولاند على عمله في مالي. لقد أصغى لي حول مشكلة حزب الله. حزب
الله منظمة إرهابية، وبرهن تحقيق الشرطة البلغارية على دوره في عملية التفجير في
صوفيا (التي أدت إلى مقتل خمسة سائحين إسرائيليين بتاريخ 18 تموز 2012). في قبرص
أيضاً، كان أحد أعضاء حزب الله يخطط للقيام بأعمال إرهابية. وفي لبنان، يتصرف حزب
الله كما لو أنه دولة داخل دولة، ويزيد الانشقاقات: إنه يحافظ على جيشه الخاص،
ويرسله للقتال في سورية دون الحصول على إذن من الحكومة اللبنانية التي ينتمي
إليها. تقع المسؤولية على عاتق فرنسا التي أنشأت لبنان. آمل أن يتوقف الأوروبيون
عن إعطاء حزب الله شهادة احترام.
سؤال:
من النادر أن تكون العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة متوترة إلى هذه الدرجة.
ماذا تنتظرون من زيارة باراك أوباما إلى إسرائيل بتاريخ 20 آذار، وهي زيارته
الأولى بصفته رئيساً للولايات المتحدة؟
شمعون بيريز:
لا أتفق مع هذه النظرة للأمور، إن علاقاتنا ليست متوترة. يجب الحكم على القائد
بأفعاله وليس عبر الشائعات. إذا نظرنا إلى حصيلة عمل الرئيس أوباما، فإنها إيجابية
بشكل كامل. في المجال الأمني، إنها رائعة. أنا أعرفه، إنه صديق لإسرائيل، وأكنّ له
احتراماً كبيراً. من الضروري أن يأتي لإظهار أن دعم إسرائيل هو قاسم مشترك بين
الحزبين الديموقراطي والجمهوري في الولايات المتحدة. لا جدوى من أية محاولة لاستغلال ذلك من أجل بث الانشقاقات.
فيما يتعلق
بزيارته، هناك موضوعان ساخنان: الأول هو كيف يمكن منع إيران من أن تصبح قوة نووية،
والثاني سيكون تشجيع استئناف مفاوضات السلام مع الفلسطينيين. من المحتمل ألا يتحقق
ذلك خلال هذه الزيارة، ولكنها يمكن أن تبني أسس استئناف المفاوضات.
سؤال:
يبدو أن إسرائيل تعتقد بأن الولايات المتحدة لا تقوم بما فيه الكفاية فيما يتعلق
بإيران...
شمعون بيريز:
نجح باراك أوباما بتشكيل تحالف مع الأوروبيين والاتفاق معهم على سياسة مشتركة:
أولاً، محاولة وقف صنع القنبلة النووية من قبل إيران عن طريق العقوبات الاقتصادية.
ثانياً، قرر باراك أوباما والأوروبيون أنه إذا لم تُحقق العقوبات هدفها، فإن هناك
خيارات أخرى على الطاولة. هذا التحالف هو أفضل ما يمكن حصوله.
سؤال:
هناك تعزيز منتظم للعقوبات، ولكن يبدو أنه لا شيء يمكنه منع إيران من الاستمرار
بتخصيب اليورانيوم. لقد حدد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الخطوط الحمراء في
الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول 2012، هل نقترب من هذه الخطوط الحمراء؟
شمعون بيريز:
نعم، نحن نقترب منها. ولكنني لست متأكداً من وجود تقويم واحد بهذا الخصوص: هل هي
مسألة أشهر أم سنوات أم أكثر؟ يجب تحديد الخط الأحمر بشكل مشترك من قبل التحالف
بأكمله. سيقول هذا التحالف في لحظة ما: حاولنا أن نقوم بأفضل ما بوسعنا، ولكن حان
الوقت للجوء إلى وسائل أخرى.
سؤال:
هل تم تجاوز هذه النقطة بالنسبة لإسرائيل؟
شمعون بيريز:
كانت العقوبات فعالة بما فيه الكفاية، وأكثر مما كنا نعتقد في البداية. ولكنها لم
تكن كافية لتغيير مجرى الأمور. إذا تم تعزيز العقوبات، ربما ستصبح أكثر فعالية
بشكل حقيقي. نحن جميعاً نُفضّل حل المشكلة بالوسائل السياسية والاقتصادية حتى
الوصول إلى نقطة محددة. إن تخصيب اليورانيوم ليس المشكلة الوحيدة، هناك مشكلة
الصواريخ البعيدة المدى التي قامت إيران بتطويرها. قال خامنئي (المرشد الأعلى) أن
صنع أو استخدام القنبلة النووية مُحرّم في الدين. إذا كان ذلك صحيحاً، لماذا يتم
صنع صواريخ بعيدة المدى بهدف تجهيزها برؤوس نووية؟ بإمكان روسيا أن تقوم بدور هام
في هذه النقطة. لقد التقيت مع فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء (ديمتري ميدفيديف)،
وقالا لي أنهما لن يقبلا بإيران كقوة نووية. للحيلولة دون حصول ذلك، يجب مراقبة
البرنامجين: القنبلة ووسيلة إطلاقها.
سؤال:
تحدثتم عن عملية السلام. يبدو أن العملية الوحيدة الجارية الآن هي الاستيطان
المستمر بشكل متزايد في الأراضي المحتلة...
شمعون بيريز:
عملية السلام مع الفلسطينيين لها بداية وخطوط عريضة مقبولة بشكل مشترك. البداية هي
إقامة السلطة الفلسطينية والقرار الإسرائيلي أحادي الجانب بتفكيك 22 مستوطنة في
قطاع غزة. كانت بداية جيدة. ولكن للأسف، اعتباراً من اللحظة التي ترك فيها
الإسرائيليون غزة، قام الفلسطينيون بتحويل قطاع غزة إلى قاعدة إرهابية وأطلقوا
الصواريخ باتجاه إسرائيل بدلاً من تحويل الخطوة الإسرائيلية إلى خطوة أولى نحو
دولتهم المستقبلية. لقد كانت ضربة موجعة لعملية السلام، وبدأ الإسرائيليون يقولون:
إذا قمنا بالشيء نفسه في الضفة الغربية، سوف يؤدي ذلك إلى النتيجة نفسها. يجب
الاستمرار ببناء حل على أساس دولتين، ولكن من خلال استخلاص العبر من الخطوات
السابقة.
سؤال: ولكن
حل الدولتين لن يكون ممكناً قريباً ما دام الاستيطان مستمراً...
شمعون بيريز:
حصل تغيير إيديولوجي كبير في إسرائيل: لقد اتفق اليسار واليمين على أن حل الدولتين
هو الحل الوحيد الممكن. لن يكون هناك حل آخر، ولا حل أفضل. خلال المفاوضات التي
جرت في واشنطن خريف عام 2000، كان الرئيس بيل كلينتون قد اقترح فكرة أعتقد أنها ما
زالت مقبولة من الطرفين إلى حد ما: أي إقامة ثلاثة تجمعات للمستوطنات الإسرائيلية
في الضفة الغربية، وإعطاء الفلسطينيين مقابلها بعض الأراضي في إسرائيل. هذه هي
الطريقة الأفضل للعمل. لا أتفق مع وجهة نظر أولئك الذين يقولون بأننا لا نملك
الإرادة أو أن حل الدولتين مستحيل. إنه أمر عبثي. لقد عرفنا الفشل، ونعرف كيف
نتجاوزه. سيكون ذلك عبر التوافق وليس عبر الإملاءات.
سؤال:
في مصر، يبدو أن سيناء تخرج عن سيطرة الحكومة أكثر فأكثر، والرئيس الجديد محمد
مرسي معادي لإسرائيل. هل تتأسفون "الربيع العربي"؟
شمعون بيريز:
إن حركات التمرد العربية لا علاقة لها بإسرائيل. نشأت بفعل الجيل الشاب الذي لم
يعد يتحمل الفقر والبطالة ونقص الحرية. بدأ ذلك بشاب أحرق نفسه في تونس، ثم انتشر
في المنطقة بأسرها. أدى ذلك إلى نتيجتين: الأولى، تمت محاكة الطغاة وأصبح من الصعب
أن يكون هناك دكتاتور في الشرق الأوسط. الثانية، تم تنظيم انتخابات، وتم انتخاب
محمد مرسي بشكل شرعي. ولكن المصريين اكتشفوا أنه لا يكفي اختيار قائد، وأنه يجب
إيجاد حلول لمشاكلهم. لن تستطيع المساعدة حل كل شيء. يجب خلق فرص العمل، والابتكار
لوحده هو الكفيل بتحقيق ذلك. إسرائيل هي جزيرة في وسط المحيط. يجب علينا أن ندافع
عن جزيرتنا بواسطة جيشنا والمشاركة بتهدئة المحيط بواسطة المشاركة بخبرتنا في مجال
التقنيات المتطورة ورأس المال البشري الذي يمثل مفتاح نجاحنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق