موقع الأنترنت
لصحيفة الفيغارو 29 آذار 2013 بقلم جورج مالبرونو Georges Malbrunot
كانت
هناك شكوك بوجود مشكلة. تراجع فرانسوا هولاند عن موقفه في تسليح المتمردين
السوريين أثناء المقابلة التلفزيونية التي أجراها مع القناة الثانية للتلفزيون
الفرنسي يوم الخميس 28 آذار، وذلك بسبب الصعوبات التي سيواجهها في السيطرة على
توزيع السلاح الذي اقترحت فرنسا تسليمه إلى المتمردين. أكد رئيس الدولة في هذه
المقابلة قائلاً: "لا يمكن أن يكون هناك تسليم أسلحة في نهاية الحظر الأوروبي
بشهر أيار، إذا لم يكن هناك يقين بأن هذه الأسلحة سيتم استخدامها من قبل المعارضين
الشرعيين وغير الخاضعين لأية سلطة إرهابية. في الوقت الحالي، لا نملك هذا اليقين،
لن نقوم بإرسال الأسلحة إذا لم يكن هناك يقين بوجود رقابة كاملة على الوضع من قبل
المعارضة".
إذا
عرفنا أن هذه "الرقابة الكاملة" على التمرد من قبل المعارضة غير
الجهادية أو غير السلفية لا يمكن تنفيذها في المدى القصير، فإن إرسال الأسلحة
الفرنسية إلى المتمردين لن يكون قريباً. وذلك من الناحية الرسمية على الأقل...
يبدو
أن فرانسوا هولاند اكتشف القارة الأمريكية. منذ قيامه بإطلاق هذه الفكرة بتسليح
المتمردين لإعادة التوازن إلى موازين القوى بين المتمردين والقوات النظامية، حذّر
الكثيرون من أخطار مثل هذه الإستراتيجية لأسباب عديدة. ويبدو أن أجهزة الاستخبارات
الفرنسية لم تكن متفقة جميعها على وجهة نظر واحدة. هذا هو السبب في اتخاذ قرار
مقارنة خطط الإدارة العامة للأمن الخارجي DGSE والإدارة العامة للاستخبارات
الداخلية DCRI وإدارة الاستخبارات العسكرية DRM حول مختلف المجموعات المسلحة التي
تكافح من أجل إسقاط نظام بشار الأسد.
على
الرغم من ذلك، يؤكد المدافعون عن تسليح المتمردين بأنهم يملكون "خريطة
جغرافية للمتمردين". وأضافوا بشكل قاطع: "نحن نعرف ماذا يفعل كل طرف على
الأرض". يرد عليهم الآخرين الأكثر تشككاً قائلين: "ربما"، وقال أحد
العسكريين الفرنسيين العارفين بالشرق الأوسط مُحذراً: "ربما نعرف جيداً من هم
قادة الجيش السوري الحر للجنرال إدريس، ولكن المشكلة هي أن هؤلاء القادة لا
يُشكلون إلا جزءاً من التمرد على الأرض، وهناك قنوات اتصال بينهم وبين مجموعات
أخرى لا يمكن التعامل معها، الأمر الذي يجعل من السيطرة على هذه الأسلحة التي سنُسلّمها
لهم أمراً غير مؤكد".
هذه
هي أيضاً نظرية فريق الأخضر الإبراهيمي الموجود في دمشق، والذي يُمضي وقته
بالإلتقاء مع قادة العديد من المجموعات المسلحة الموجودة منذ عام. أكد لنا أحد
أعضاء فريق الإبراهيمي قبل شهر في دمشق: "من المستحيل الحصول على خارطة
جغرافية دقيقة لجميع حركات التمرد". ولكن أحد الدبلوماسيين الفرنسيين أجابنا
الأسبوع الماضي قائلاً: "ولكننا نحن الفرنسيين لدينا اتصالات قبل وقت طويل من
اتصالات خبراء الأمم المتحدة. إننا نعرف ما يحصل هناك بشكل أفضل من الموجودين على
الأرض". كنت أود إجابته قائلاً: "إذاً، لماذا أخطأنا بشكل كبير".
كم هي عدد المرات التي سمعنا فيها العديد من المسؤولين الكبار وهم يؤكدون:
"أن أيام بشار الأسد معدودة". أو أن "التاريخ يتسارع في
سورية".
على
الرغم من ذلك، كانت هناك بعض الأصوات داخل العسكريين ورجال الاستخبارات تؤكد على
مصاعب تسليح المتمردين، بالإضافة إلى التحفظات الكبيرة من قبل بعض الدول
الأوروبية. باختصار، كما كان عليه الحال غالباً في إدارة الأزمة السورية، تنتهي
باريس بالتراجع بحكم الواقع بعد التصريحات الرنانة. ربما أدركنا أيضاً الخطر
الإرهابي لمثل هذا الخيار على المصالح الفرنسية في لبنان والعراق. المشكلة هي أن
هذا الإعلان يُغذي آمال الذين نريد مساعدتهم ثم يُحبطها بعد فترة قصيرة. ليس هناك
وسيلة أفضل لدفع جميع هؤلاء الخائبين إلى أحضان الأكثر راديكالية...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق