صحيفة الفيغارو
7 أيار 2013 ـ مقابلة مع الأب باولو دالوغليو ـ أجرى المقابلة بيير برييه Pierre Prier
يتكلم الأب اليسوعي الإيطالي باولو دالوغليو Paolo Dall’Oglio عن السوريين قائلاً: "نحن". لقد أسس قبل ثلاثين عاماً دير
مار موسى للحوار الإسلامي ـ المسيحي في سورية. انخرط مع التمرد، وطرده النظام من
سورية عام 2011. نشر صباح يوم الثلاثاء 7 أيار كتاباً بعنوان: "الغضب والنور:
راهب في الثورة السورية" بالتعاون مع السيدة إغلانتين غابي هيالة Eglantine Gabaix-Hialé عن دار نشر Atelier.
سؤال:
ما هي ردة فعلكم على تصريحات كارلا ديل بونتي حول استخدام المتمردين للأسلحة
الكيميائية؟
باولو دالوغليو:
نعرف أن النظام يُسيطر ويستخدم بعض المجموعات المسلحة. أنا أطلب منذ حوالي العام
من العدالة الدولية التحقيق بجرائم الحرب التي ارتكبها الجانبان في سورية، ولكن
يجب عليها التحقيق داخل الأراضي السورية. إن كارلا ديل بونتي هي جزء من أولئك
الناس الذين تخلّوا عنّا. إن انتقادي الأساسي للدبلوماسية الأوروبية هو تخلّيها عن
قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري عام 2005. تم توجيه إشارة
إلى بشار الأسد بأن احترام القانون الدولي هو بمثابة الثرثرة، وأنه ليس هناك
إلا المافيات والمساومات تحت الطاولة.
سؤال:
ألا يُهدد هذا الإعلان بردع الدول الغربية عن مساعدة التمرد؟
باولو
دالوغليو: يجب إجبارهم على مساعدتنا. قلت إلى رئيس الوزراء المؤقت
للمعارضة غسان هيتو أنه يجب إقامة حكومة مؤقتة على الأراضي السورية في العربات بين
اللاجئين الذين يُخيّمون بالقرب من الحدود التركية. لا تستطيع الولايات المتحدة
وتركيا التساهل تجاه هجوم جوي يشنّه النظام على بعد كيلومتر واحد من الحدود
التركية. سيكونون مجبرين على حمايتنا بصواريخهم المضادة للصواريخ من طراز باتريوت.
سؤال:
عدّتم إلى سورية بشكل سرّي، واجتمعتم مع الناشطين الإسلاميين، ومن ضمنهم المقاتلين
المرتبطين بتنظيم القاعدة. هل تعتقدون بأنهم سيحكمون سورية في حال سقوط النظام؟
باولو
دالوغليو: يبدو أن أوروبا لا تُفرّق بين الإسلاميين الراديكاليين،
وهم أقلية، وبين الإسلاميين الديموقراطيين. الخطر هو ألا يتمكن الإسلاميون
الديموقراطيون من السيطرة على الإسلاميين الراديكاليين المرتبطين بتنظيم القاعدة.
يجب على أولئك الموجودين في السلطة ضمان أمن الجميع: المثقفين والصحفيين
والمسيحيين. ولكن من أجل مساعدتهم، يجب على الأقليات الدينية والثقافية الامتناع
عن إهانة الإسلام. إن المسلمين يتأثرون جداً بالجوانب الثقافية.
سؤال:
كتبتم مؤخراً أن المسيحيين محكومون بأن يُصبحوا "ثانويين" في سورية...
باولو
دالوغليو: في شهر حزيران عام 2011، كتبت إلى الفاتيكان أنه في حال
عدم تغيير النظام تفاوضياً تحت حماية دولية، وحتى بمساعدة من طهران وأصدقاء طهران،
سنخسر الطائفة المسيحية كما حصل في العراق. لأن بعض المسيحيين يعتبرون أن الثورة
لم تكن معركتهم. كتبت مرة أخرى عام 2012 لأقول: "فات الأوان، لم تفعلوا
شيئاً، خسرتم كل شيء".
سؤال:
ولكن التفاوض مع من؟ مع بشار الأسد؟
باولو
دالوغليو: نحن لا نريد التفاوض مع هتلر عام 1944. يجب أن يكون
هناك اتفاق بين جميع السوريين بمساعدة المجتمع الدولي بأسره. نحن نريد
الديموقراطية، ولن نتناقش مع بوتين حول درجة الديموقراطية التي يتمناها. ولكن
روسيا تستطيع أن تقول ما هي مصالحها، ونحن نستطيع تلبيتها. نحن لا نريد انتقال
سورية من سياق إستراتيجي روسي إلى سياق إستراتيجي أمريكي. نحن نريد سورية حيادية
وملتقى للحضارات والثقافات. من أجل ذلك، يجب ابتكار رهان دستوري يسمح لنا بالبقاء
سوياً.
سؤال:
هل الحل ممكن؟
باولو
دالوغليو: سواء سقط النظام أم لم يسقط، من الممكن التوصل إلى
الوحدة السورية عبر المرور بمرحلة مؤقتة هي: إقامة "كانتون" (canton) علوي
على الساحل. في الوقت الحالي، إن علويي عائلة الأسد لم يعد لهم مكان في دمشق. ثم
يمكن مناقشة دستور فيدرالي يحترم مصالح جميع الطوائف. الأكراد هم العنصر الآخر
الذي يُهدد الوحدة الوطنية، وسيكونون أيضاً جزءاً من هذه الفيدرالية. ولكن مصلحتهم
تكمن في حل سياسي وثقافي وليس حدودي. هناك الكثير من الأكراد في دمشق وحلب، ولا
يستطيعون التفكير بالانطواء في أرض كردية.
سؤال:
في خاتمة كتابكم، كتبتم جملة مُدهشة هي: "لدي إيمان كامل بأنه حتى مع إسلاميي
القاعدة الموجودين هنا، سنقوم سوياً بتجربة الاهتداء إلى الله".
باولو
دالوغليو: إن التفكير بنهاية العالم، هو مواجهة جهنم التي نخلقها
بمعاصينا مع إحساس الأمل بأننا نستطيع الوقوف عبر اهتدائنا. نحن دوماً ضمن إمكانية
الأمل الرائعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق