صحيفة اللوموند
7 أيار 2013 بقلم مراسلها في إسرائيل لوران زوكيني Laurent
Zecchini
يأمل
الخبراء العسكريون بأن إسرائيل قامت بخطر مدروس بعناية عندما شنت هجومين جويين
مزدوجين في قلب السلطة السورية ومحيط دمشق يومي الجمعة والأحد 3 و5 أيار. إذا كانت
ظروف هذه العمليات ما زالت غامضة، فإنها تؤكد تصعيداً واضحاً في العلاقات بين
الدولة اليهودية وسورية. لا يمكن استبعاد خطر المواجهة المباشرة بين البلدين
واتساع النزاع السوري ليشمل المنطقة بأسرها. ولكن السلطات الإسرائيلية راهنت بوضوح
على الرهان المعاكس: فقد رفضت تأكيد العملية بشكل رسمي، وأظهرت حرصها على عدم
توفير الذريعة للعمليات الانتقامية من قبل نظام الرئيس بشار الأسد الذي سيكون
مُجبراً على الرد في حال تبني إسرائيل للقصف الجوي بشكل رسمي. تُراهن إسرائيل على
حقيقة أن سورية ـ وإسرائيل أيضاً ـ لا ترغب بفتح جبهة جديدة مع بلد يتمتع بقوة
عسكرية لا مثيل لها في المنطقة، وذلك في الوقت الذي ما زال فيه مصير الحرب الأهلية
السورية غامضاً.
قامت
إسرائيل بتسهيل ضبط النفس السوري من خلال تجنب اختراق المجال الجوي السوري: يبدو
أن الهجمات الجوية يومي الجمعة والأحد 3 و5 أيار، وكذلك الغارة بتاريخ 29 كانون
الثاني، تم القيام بها انطلاقاً من المجال الجوي اللبناني (بفضل صواريخ بعيدة
المدى) الذي تخترقه إسرائيل يومياً منذ حرب لبنان الثانية عام 2006. إذا كانت
الغارات الإسرائيلية يومي الجمعة والأحد 3 و5 أيار تمثل خطراً متزايداً بإشعال
المنطقة، فإن السبب هو مدى اتساع هذه الغارات.
ربما
كان هجوم يوم الجمعة 3 أيار يستهدف مستودعاً في مطار دمشق لصواريخ أرض ـ أرض
الإيرانية من طراز الفاتح 110 (ومن ضمنها النسخة السورية صواريخ M-600). تتمتع هذه
الصواريخ بدقة الإصابة، ويتراوح مداها بين 200 و300 كم، مما يسمح بإصابة الجزء
الأساسي من الأراضي الإسرائيلية. ما زالت الشكوك قائمة حول نوع الصواريخ التي تم
تدميرها، فقد أشارت مصادر أخرى إلى تدمير صواريخ سكود البالستية التي استخدمها
الجيش السوري ضد المتمردين، وربما حصل حزب الله على عدة نماذج منها منذ سنتين.
أشارت النيويورك تايمز إلى أن هجوم يوم الجمعة 3 أيار استهدف مستودعاً تحت حراسة عناصر
حزب الله وقوة القدس التابعة لحرس الثورة الإيراني.
أشارت مصادر لبنانية إلى أن عملية يوم الاحد 5
أيار كانت أكبر حجماً من عملية يوم الجمعة 3 أيار، وسبقتها تحركات مكثفة للطيران
الإسرائيلي فوق لبنان، واستهدفت بشكل خاص مركز البحث العسكري في جمرايا المعروف بتطويره
للأسلحة الكيميائية والبكتريولوجية. كما أشارت مصادر دبلوماسية في بيروت إلى أن
الطائرات الإسرائيلية قصف مستودعاً هاماً للذخيرة والفرقة 14 للدفاع الجوي في
الصبورة. وتحدثت بعض الشهادات عن انفجارات عنيفة لمدة أربع ساعات في دمشق.
على
الرغم من التحذير الذي أطلقته الحكومة السورية بأن "العدوان الإسرائيلي فتح
الباب واسعاً أمام جميع الاحتمالات"، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي اختار
مغادرة إسرائيل للقيام بزيارة رسمية إلى الصين تستغرق خمسة أيام، الأمر الذي يدفع
إلى الاعتقاد بفرضية النتائج المحدودة لهذه الأزمة، أو على الأقل هذه هي الرسالة
التي ترغب إسرائيل بتوجيهها إلى النظام السوري.
إن
النتيجة الأولى التي تفرض نفسها بعد هذه الهجمات هي فشل الجيش الإسرائيلي في ردع
حزب الله. كان المسؤولون الإسرائيليون يأملون بإمكانية ردع حزب الله بعد غارة 29
كانون الثاني، ولكن دون جدوى. ظهر بوضوح أن الحركة الشيعية ونظام دمشق يسعيان إلى
نقل الأسلحة المتطورة إلى الأراضي اللبنانية، وتجنب وقوعها بأيدي الجيش السوري
الحر أو المجموعات الإسلامية الراديكالية. أشارت الدولة اليهودية عدة مرات خلال
الأسابيع الماضية إلى أنها لن تسمح بوصول أسلحة قادرة على "تغيير قواعد
اللعبة" إلى أيدي حزب الله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق