صحيفة
الليبراسيون 8 حزيران 2013 بقلم لوك ماتيو Luc Mathieu
ضاعت
آثارهما في شمال حلب على الطريق الذي يصل حلب بالحدود التركية. إنهما الصحفيان
الفرنسيان ديدييه فرانسوا Didier François من إذاعة أوروبا 1 الفرنسية والمصور الشاب إدوارد إلياس Edouard Elias. قال فرانسوا هولاند يوم الجمعة 7 حزيران: "أطلب
الإفراج فوراً عن هذين الصحفيين. يجب معاملتهما كصحفيين، وليس باعتبارهما عناصر
يمكن تهديدهما من أجل التحرك ضد دولة". يُعزز هذا
التصريح فرضية الاختطاف.
وصل
الصحفيان إلى تركيا مساء يوم الأربعاء 5 حزيران، ثم اختفيا بعد ظهر اليوم التالي
بعد عبورهما للحدود في Kilis وتوجههما إلى حلب. أشار مصدر محلي إلى أن أربعة رجال مُلثمين
ومُسلحين ببنادق كلاشينكوف، أوقفوا السيارة على مسافة 2 كم تقريباً من مدينة
المعرّة الواقعة شمال حلب. تم الإفراج بسرعة عن الوسيط السوري الذي كان يرافقهما،
ويقوم بمهمة المترجم والسائق وتقديم المساعدة لإعداد تحقيقاتهما.
من
يحتجز الصحفيين الفرنسيين؟ ليس هناك أي بيان أو تبني للعملية حتى مساء يوم الجمعة
7 حزيران. إن جميع الاحتمالات ممكنة في سورية التي تعيش حالة حرب منذ سنتين. يمكن
أن تكون عملية الخطف نتيجة عمل عصابة مجرمة أو مجموعة إسلامية، ولا يمكن استبعاد
فرضية قيام إحدى ميليشيات النظام بعملية الخطف. كما يمكن أن يكون الصحفيان ضحية
مواجهة بين المجموعات المتمردة.
إن
العمل كصحفي في سورية محفوف بالمخاطر، ولا تمنح الحكومة السورية تأشيرات الدخول
إلا بشكل استثنائي، ويدخل أغلب الصحفيين بشكل غير شرعي. ثم يجب المخاطرة واتخاذ
القرارات في بيئة مُتغيرة بشكل دائم. إذا كان أحد الطرقات آمناً هذا اليوم، يمكن
ألا يكون آمناً في اليوم التالي. ويمكن أن يبقى أحد الأحياء هادئاً لعدة أسابيع،
ثم يتعرض للقصف بشكل مفاجىء. كما تظهر فجأة حواجز التفتيش التابعة للمتمردين أو
لميليشيات النظام على أحد المنعطفات دون أن يستطيع أحد تفسير ذلك. يمكن اعتبار بعض
جهات الاتصال موثوقة، ثم تقوم بتغيير ولاءها إلى مجموعة أخرى دون سابق إنذار.
تترافق هذه الشكوك مع أخطار التعرض للإصابة بجروح أو للموت في المعارك. أشارت
منظمة صحفيين بلا حدود إلى مقتل 24 صحفياً في سورية منذ بداية التمرد في شهر آذار
2011، واختفى سبعة آخرون على الأقل، وتعرض العديد من بينهم للخطف.
إن
أكثر عمليات الخطف إثارة للقلق وصعوبة في الحل، هي تلك التي ترتكبها ميليشيات
الشبيحة التابعة للنظام. من شبه المؤكد اليوم أن الصحفي الأمريكي جيمس فولي James Foley (39 عاماً) الذي اختفى بتاريخ 22 تشرين الثاني بالقرب من تفتناز،
كان ضحية إحدى هذه المجموعات. صمتت عائلة هذا الصحفي عدة أشهر، وقالت مؤخراً أنها
مُقتنعة بأن مختطفي جيمس فولي قاموا بتسليمه إلى السلطات، وأنه مُعتقل في أحد
مراكز الأجهزة الأمنية بالقرب من دمشق. ولكن الحكومة لم تؤكد ذلك. بالمقابل، أفرجت
الحكومة في النهاية عن الأستاذ البلجيكي بيير بيسينان Pierre
Peccinin الذي كان يحمل تأشيرة دخول، بعد أن اعتقلته على
أحد حواجز الجيش السوري في ربيع عام 2012. كان بيير بيسينان شاهداً على التعذيب،
وتعرض للضرب، وتم الإفراج عنه بعد أن استطاع الاتصال بالسلطات البلجيكية. أصبح
بيير بيسينان من مؤيدي التمرد، وعاد مرة أخرى إلى سورية في بداية شهر نيسان برفقة
الصحفي الإيطالي دومينيكو كيريكو Domenico Quirico. تعرض الإثنان للخطف بعد وصولهما
بعدة أيام في منطقة القصير. لم تستطع عائلتهما الاتصال بهما منذ اختفائهما،
ولكنهما استطاعتا أخيراً التحدث معهما مدة قصيرة يوم الخميس 6 حزيران.
ترتكب المجموعات الجهادية الناشطة في سورية
عمليات خطف أيضاً. اعتقل المقاتلون السوريون والأجانب في منطقة باب الهوى صحفيين
اثنين، بريطاني وهولندي، لمدة أسبوع في شهر تموز الماضي. قام الصحفيان بمحاولة هرب
فاشلة، ثم تم الإفراج عنهما بواسطة مجموعة متمردة من الجيش السوري الحر. تعرض
مؤخراً موظفان غربيان في منظمة أجنبية غير حكومية في قرية عتمة، وأشار أحد الشهود
السوريين الذين شاهدوا عملية الخطف إلى أنه من المحتمل أن المختطفين هم عناصر إحدى
المجموعات الإسلامية. تزايدت الاشتباكات بين "الراديكاليين"
ومقاتلي الجيش السوري الحر في هذه المطقة
خلال الأشهر الأخيرة.
ولكن المجموعات الجهادية لم تُعلن عن
سياسة واضحة لخطف الصحفيين الغربيين. كما ساهمت مؤخراً المجموعة الأكثر نفوذاً
بينها أي جبهة النصرة التي أعلنت ولاءها لتنظيم القاعدة مؤخراً، بالبحث عن المصور
الإسترالي باتريك تومبولا Patrick Tombola الذي اختفى في حلب. في الحقيقة، قامت عصابة مجرمة بخطف هذا الصحفي
بالإضافة إلى أجنبيين اثنين، وتعرضوا للضرب والتهديد وسرقة أجهزتهم وأموالهم، ثم
تم الإفراج عنهما بعد عدة ساعات. لقد تركهم الخاطفون في زاوية أحد الشوارع بأقدام
عارية، وتوجه الصحفيون بعدها إلى أحد معارفهم في حلب من أجل الذهاب إلى إحدى
المجموعات المتمردة التي كانوا يعتبرونها موثوقة. لو أنهم أخطأوا الاتجاه، كان من
الممكن أن يذهبوا إلى أحد أحياء حلب التي يُسيطر عليها النظام. وربما كانوا
سيُعتبرون في عداد المفقودين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق