صحيفة اللوموند
13 حزيران 2013 بقلم مراسلتها في لبنان لور ستيفان Laure Stephan
كان
(عبد الله ـ 26 عاماً) يمشي جيئة وذهاباً أمام مستشفى زحلة. من الصعب التنبؤ بأن
(عبد الله) كان يُشارك قبل عدة أيام في حرب القصير. قام هذا الشاب المتمرد بفتح
الطريق أمام قافلة تضم مئات الجرحى ـ أغلبهم من المقاتلين ـ باتجاه الحدود
اللبنانية عبر جبال لبنان الشرقية. منذ يوم السبت 8 حزيران، لجأ أكثر من 300 شخص إلى
لبنان بعد نجاتهم من القصير. استطاع (عبد الله) وزملاؤه خداع القوات السورية،
وساروا على أقدامهم حتى الرمق الأخير وهم يحملون الجرحى غير القادرين على السير،
مثل المتمرد (ماجد) الذي يبلغ عمره 16 عاماً، وانكسر حوضه بسبب انهيار حائط عليه.
في السرير المجاور، لا يستطيع (محمد ـ 18 عاماً) التحرك أيضاً بعد إصابته بشظايا
إحدى القذائف، لقد حصل على الإسعافات الأولية في سورية، ثم تم إخلاؤه إلى لبنان.
اعتبر (محمد) أن مشاركة حزب الله إلى جانب قوات النظام لم تترك أية فرصة أمام
المتمردين، وقال: "لم نكن نتصور أن حزب الله سيُشارك في القتال.
إن الجيش مُتعب بعد سنتين من القمع والمعارك، وأصابه الضعف. أما رجال حزب الله فما
زالوا بكامل قوتهم، وهم الذين كانوا يقاتلون، ولا ينتظرون من الجيش إلا قوة
نيرانه". كان (محمد) قد خرج مع بعض المتمردين من حي باب
عمرو بعد سقوطه في شهر شباط 2012 للتمركز في القصير. قال (عبد الله)، أحد قادة
المقاومة في القصير الذين خسروا نصف رجالهم البالغ عددهم مئتي رجل في المعارك: "كان
القصف الجوي خلال الأسبوع الأول رهيباً. كانت الطائرات تقصف المكان نفسه عدة مرات
متتالية. عندما تم تضييق الخناق، أدركنا أن المعركة انتهت".
أشارت القوات المؤيدة للنظام إلى أن هجومهم تأخر
بسبب الألغام وشبكة الأنفاق التي سمحت للمتمردين بمهاجمتهم من الخلف. أشار حزب
الله إلى أن رجاله استخدموا هذه الأساليب الحربية لمواجهة الجيش الإسرائيلي عام
2006، وأن مقاتلي حماس قاموا بتعليم المتمردين هذه الأساليب. قال (محمد): "لم
يعد هناك شيء نأكله في الأيام الأربعة الأخيرة. كنّا نسيطر على القصير منذ عدة
أشهر، ولم نكن مستعدين لمثل هذه الهزيمة. هربنا من المدينة سيراً على الأقدام
باتجاه قرية الضبعة مع المدنيين الموجودين". أشار (عبد
الله) إلى نقص التنسيق بين المتمردين، وقال: "كانت
هناك مشكلة في القيادة، وكانت تنقصنا الأسلحة. كانت الوحدات صغيرة الحجم، وعندما
تتعرض إحداها للضرب، كانت تنسحب بدون تنبيه الآخرين. كان عددنا ثلاثة آلاف رجل في
القصير. ربما يبلغ عدد رجال جبهة النصرة حوالي المئة، أنا لا أحبهم، إنهم يمنعون
كل ما يعتبرونه مخالفاً للإسلام مثل التدخين".
لم
يبق في القصير إلا عدة مئات من العائلات في الأبنية التي زالت واقفة بين الأنقاض.
لم يُصدّق المتمردون مظاهر الفرح التي بثتها وسائل الإعلام المؤيدة للنظام بتاريخ
9 حزيران بعد الاستيلاء على المدينة. أكد (محمد) قائلاً: "إن
تاريخ حي باب عمرو يتكرر. إنهم سوريون قادمون من مناطق أخرى، وقام النظام بإحضارهم
إلى الأحياء المدمرة". قال (عبد الله): "سنبقى
في لبنان حتى يتعافى الجرحى، ثم سنعود للانتقام والدفاع عن أرضنا".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق