الصفحات

الخميس، ٢٩ آب ٢٠١٣

(باريس وواشنطن تدرسان أخطار الهجوم على سورية)

صحيفة الفيغارو 29 آب 2013 بقلم إيزابيل لاسير Isabelle Lasserre

     ما هي الأخطار، وما هي الفوائد؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه جميع المسؤولين السياسيين والعسكريين قبل البدء بأي تدخل عسكري. هل العمل العسكري الذي تلوح به واشنطن وباريس ولندن لـ "معاقبة" النظام السوري وردعه عن استخدام السلاح الكيميائي مرة أخرى، محفوف بالمخاطر؟ تدرس هيئات الأركان في باريس ولندن وواشنطن بدقة النتائج المحتملة للعملية التي تستعد للقيام بها.
     الخطر الأول هو الرد المحتمل من النظام السوري والإيرانيين أو حتى حزب الله. هدد رئيس الوزراء السوري متوعداً بأن بلده سيصبح "مقبرة للغزاة". من الممكن أن تحاول إيران استخدام ساحة المعركة السورية لامتحان تصميم الولايات المتحدة التي أكدت بقوة أنها ستعارض بجميع الوسائل البرنامج النووي العسكري الإيراني. يخشى البعض من عمليات انتقامية ضد قوات اليونيفيل في لبنان التي تضم 670 جندي فرنسي. كما يخشون من الهجمات بالقذائف الصاروخية على إسرائيل، أو من عمليات تفجير ضد مصالح الدول الأعضاء في التحالف بالمنطقة. تملك قوات بشار الأسد كميات كبيرة من الأسلحة الكيميائية التي يمكن أن تستخدمها. لكي تحمي إسرائيل نفسها، نشرت أنظمتها الدفاعية المضادة للصواريخ على الحدود السورية.
     ولكن العديد من المحللين يعتبرون أن مثل هذه الاحتمالات ضعيفة، إذا كان التدخل ضد النظام محدوداً زمنياً. بالمقابل، إذا طالت العملية، واستهدفت إسقاط بشار الأسد، فإن أضرار العلاج المستخدم ربما تكون أكثر بكثير من فوائده. حذر الجنرال الفرنسي المتخصص بالشؤون الإستراتيجية فانسان ديسبورت Vincent Desportes قائلاً: "يجب عدم الذهاب بعيداً. إذا اختفى بشار، سيكون هناك خطر حصول مجازر طائفية".
     هناك خطر تكرار السيناريو الليبي، أي البدء بضربات تهدف إلى حماية السكان المدنيين، والانتهاء بسقوط الرئيس الأسد كما حصل مع القذافي عام 2011. اعتاد العسكريون على القول أن البدء بالنزاع أسهل بكثير من إنهائه، وقال فانسان ديسبورت: "عندما نضع يداً في الحرب، سرعان ما نغرق فيها. يجب مقاومة ذلك، ولكنه لا ينجح دوماً كما رأينا في ليببا وأفغانستان". أظهرت التدخلات الأمريكية الأخيرة في بغداد وكابول إلى أية درجة أصبح الانتصار صعباً اليوم في حروب الغزو بالنسبة للجيوش الغربية. قال ضابط فرنسي كبير: "لا يملك الأمريكيون ولا الفرنسيون اليوم الوسائل العسكرية والسياسية لشن مثل هذه الحرب". حذر الضباط الفرنسيون من أنه يجب الحرص على عدم تجاوز نقطة التوازن في دمشق.
     تخشى الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا أيضاً تدهور العلاقات مع روسيا بشكل أكبر. لم تقبل موسكو إطلاقاً تفسير هذه الدول الثلاثة لقرار الأمم المتحدة حول ليبيا عام 2011، وقامت بحماية حليفها السوري، واستخدمت حق النقض عدة مرات في مجلس الأمن. إن القيام بعمل عسكري خارج نطاق الأمم المتحدة يمكن أن يضاعف غضب روسيا التي تحتاجها الدول الغربية في مواضيع أخرى مثل الأزمة النووية الإيرانية أو الدرع الصاروخي. بالتأكيد، اعترف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بأن روسيا "لا تنوي الدخول في حرب مع أي طرف"، ولكنه حذر أيضاً من أن التدخل العسكري ستنجم عنه "عواقب كارثية".
     وإذا كان الخطر الرئيسي لهذا التدخل المبرمج يتمثل بأنه لن يُغيّر شيئاً في الوضع؟ لا يمكن استبعاد أن حصول عمل عسكري سريع ومحدود، لن يؤثر كثيراً على النظام الذي اتخذ إجراءاته بإفراغ مواقعة الهامة.  وربما يؤدي هذا العمل العسكري إلى تشجيع السلطة السورية على الهجوم واستخدام أسلحتها الكيميائية مرة أخرى. إن الأخطار المرتبطة بالعمل العسكري ليست بسيطة بالمقارنة مع أخطار الجمود كما يقول بعض المحللين. تعتبر واشنطن أن الأخطار السياسية المرتبطة بالعمل العسكري ستكون مدمرة. ليس فقط بالنسبة للاتفاقيات الدولية، بل أيضاً بالنسبة لانعدام مصداقية الكلام الأمريكي سواء بالنسبة لإسرائيل التي تتلهف لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، أو بالنسبة لليابان التي يمكن أن تشك بفعالية المظلة النووية الأمريكية.

     لن يتمكن العمل العسكري السريع والمحدود ضد الأهداف الإستراتيجية في سورية من تغيير مجرى الحرب، ولكنه ربما يُجبر بشار الأسد على عدم تجاوز عتبة "الخط الأحمر". يعتبر البعض أن مثل هذا العمل العسكري مبالغ به، ويعتبر البعض الآخر أنه ليس كافياً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق