صحيفة الفيغارو 14 آب 2013 بقلم بيير
برييه Pierre Prier
هل
أرادت السعودية شراء روسيا؟ ربما قام رئيس الاستخبارات السعودية الأمير بندر بن
سلطان بعرض اقتراح يتسم بصفات شرقية جداً على فلاديمير بوتين. نفى الكريملين بذكاء
الخبر الذي نشرته وكالة رويترز حول احتمال اقتراح الأمير السعودي على الرئيس
الروسي شراء أسلحة بقيمة 15 مليار دولار مقابل تليين موقف موسكو حول سورية. ربما
جاء هذا الاقتراح قبل عدة أيام من إعلان الحكومة الروسية يوم الثلاثاء 13 آب عن أن
المؤتمر الدولي الذي سيجمع النظام السوري والمعارضة لن ينعقد قبل شهر تشرين الأول.
يبدو أن الخبر الجديد هو تحديد هذا الموعد. بدأت الشكوك تتزايد حول انعقاد مؤتمر
جنيف 2 الذي اقترحته موسكو وواشنطن باعتباره المرحلة الثانية من مؤتمر جنيف عام
2012، ولن يفرض هذا المؤتمر رحيل الرئيس السوري كشرط مسبق.
حصلت
صحيفة الفيغارو على معلومات مفادها أن الروس والأمريكيين ربما توصلوا إلى الاتفاق
على صيغة تمثيل المعارضة السورية. كانت موسكو تريد ثلاثة وفود على الأقل من أجل
السماح لأنصار الموقف الروسي بالمشاركة في هذا المؤتمر، بينما كانت واشنطن تطالب
بوفد واحد. ربما انضم الروس إلى الموقف الأمريكي. من المفترض أن تجتمع مجموعات
المعارضة المختلفة في شهر أيلول لمناقشة تشكيل الوفد ومحاولة التغلب على
انقساماتها.
تريد
السعودية التأثير على جنيف 2، كما تؤثر حالياً على النزاع. قال عضو المنبر الديموقراطي
السوري سمير عيطة: "اتخذت الرياض موقفاً ديناميكياً جداً. في البداية،
كانت توافق على مواقف الآخرين، وسمحت لقطر بقيادة المعسكر المعارض لبشار. ولكنها
تقوم اليوم بتسليح بعض المجموعات المتمردة ومن ضمنها بعض المجموعات الجهادية. إن
أجهزة استخباراتها متواجدة بكثرة على الأرض لاختيار المجموعات التي تحصل على
الأسلحة. تريد السعودية حلاً عسكرياً، ووجدت نفسها في مواجهة مباشرة مع روسيا التي
تعتقد أيضاً بانتصار معسكر بشار بالسلاح".
استمر اللقاء بين بوتين وبندر أربع ساعات في
نهاية شهر تموز، وكان نقاشاً بين الطرفين المتحاربين بالوكالة للبحث عن تسوية.
ولكن من غير المحتمل التوصل إلى تسوية عبر المساومة. أكد سمير عيطة أن تمسك روسيا
بسورية أهم بكثير من عقد لبيع السلاح مهما كان مبلغه، وقال: "بالنسبة
لروسيا، إن فقدان سورية يعني انتصار تركيا في المنطقة، وتعزيز النفوذ التركي في
آسيا الوسطى التي تتنافس فيها روسيا وتركيا بشكل مباشر".
يبدو
أن هامش المناورة السعودية ضيق، فقد تساءل مدير مجلة Russia
in Global Affairs المحلل
الروسي فيودور لوكيانوف على موقع Al-Monitor قائلاً: "إذا لم تُغيّر
روسيا وجهة نظرها عندما كان العالم بأجمعه يعتقد بأن الأسد سيسقط، فلماذا ستُغير
رأيها الآن؟"، واعتبر أن الرياض وجدت نفسها مجبرة على الوقوف في الخط
الأول، نظراً لأن الولايات المتحدة فوضت القوى الإقليمية والأطراف المتحاربة بحل
المشكلة، وأضاف: "لا تعتقد واشنطن بقدرتها على القيام بأي شيء جدي في
الشرق الأوسط". من جهة أخرى، ستشعر الولايات المتحدة بالارتباك في حال
تحقيق المعارضة انتصار عسكري حاسم، لأنها تعتبر أن المجموعات الجهادية تُهيمن على
المعارضة ميدانياً. سيكتفي باراك أوباما بتسهيل الأمور تاركاً الطرفين وعرابيهما
حل المشكلة فيما بينهم. أشار فيودور لوكيانوف إلى أن روسيا تنظر إلى السعودية كـ "إحدى
الدول القليلة التي تستطيع ممارسة ضغط حقيقي على المعارضة السورية"،
ولاسيما على الصعيد العسكري.
على
الصعيد السياسي، نجحت السعودية بفرض انتخاب أحد رجالها على رأس الإئتلاف الوطني
السوري وهو أحمد الجربا، عضو قبائل الشمر الموجودة في سورية والسعودية، وهي
القبيلة التي تنتمي إليها والدة الملك عبد الله. جاء انتخاب الجربا نتيجة وصول 51
عضو جديد إلى الإئتلاف الوطني السوري في شهر أيار، ودعمت الرياض أغلبهم. ولكن
الإئتلاف الوطني السوري لن يكون لوحده في مؤتمر جنيف 2. إذا تم اعتماد خيار الوفد
الموحد، فيجب أن يشمل الجميع، ومن ضمنهم هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير
الديموقراطي القريبة من المواقف الروسية. ولكن يجب التوصل إلى السلام بين
المقاتلين على الأرض، ولا شك أن هذه المسألة كانت محور الاجتماع بين فلاديمير
بوتين والأمير بندر بن سلطان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق