صحيفة اللوموند 13 آب 2013 بقلم كريستوف
عياد Christophe
Ayad
قام
الجناح العراقي لتنظيم القاعدة الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام مساء يوم
الأحد 11 آب بتبني مسؤولية سلسلة عمليات التفجير التي أدت إلى مقتل أكثر من ثمانين
شخصاً في العراق خلال يومين في عيد الفطر. استهدفت عمليات التفجير الأحياء والمدن
الشيعية في بغداد والجنوب والشمال على حدود إقليم كردستان. يعود العراق شيئاً
فشيئاً إلى الحرب الأهلية التي وصلت إلى ذروتها بين عامي 2005 و2008.
تهدف إستراتيجية الدولة الإسلامية في العراق
وبلاد الشام إلى جر العراق نحو دوامة العنف الطائفي والعرقي التي تُمثل أرضية
دعايتها المضللة ضد الشيعة والمسيحيين والأكراد. إن الخطاب والمنطق الذي يستخدمه
الرئيس الحالي للحركة أبو بكر البغدادي يتطابق مع خطاب ومنطق الزعيم التاريخي
لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين أبو مصعب الزرقاوي. تُهدد هذه الإستراتيجية بنزع
المصداقية عن الحكومة العراقية التي يتهمها السكان الغاضبون بالعجز، ويمكن أن تؤدي
لاحقاً إلى عودة الميليشيات الشيعية، الأمر الذي سيجر معه حرباً بين الجميع ضد الجميع.
نجحت
هذه المنظمة الإرهابية في تهريب مئات المساجين خلال الأسبوعين الأخيرين، وتستفيد
من عيوب النظام السياسي العراقي: أولاً، يساهم استبداد وطائفية رئيس الحكومة نوري
المالكي في راديكالية جزء من الشباب السني الذي يشعر بالخيبة من ممثليه السياسيين
العاجزين عن الحصول على توازن السلطات. ثانياً، إن النزاع السياسي بين السلطة
المركزية في بغداد وإقليم كردستان المستقل ذاتياً يُهدد في كل لحظة بالتحول إلى
أعمال عنف بين العرب والأكراد. ليس من قبيل الصدفة إذا كانت الدولة الإسلامية في
العراق وبلاد الشام تتمسك بضراوة بمدينة طوز خورماتو (Tuz
Kharmatu) المُتنازع
عليها.
أصبحت سورية الأرض الجديدة لتحرك الجناح العراقي
لتنظيم القاعدة، والإستراتيجية هي نفسها عندما تسمح الظروف. جاء الجهاديون
العراقيون إلى سورية للقتال مع التمرد باسم التضامن السني ضد النظام السوري الذي تُهيمن
عليه الطائفة العلوية، وحمل معهم الجهاديون من جبهة النصرة تطرفاً طائفياً لم يكن
معروفاً في سورية حتى الآن. تُقاتل الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام مع
بقية التمرد عندما يكون المتمردون في موقف ضعيف، كما يحصل هذه الأيام في دير
الزور.
ولكن
الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام حالما تفرض أساليبها حالما تسنح الفرصة
أمامها مثل: قطع رؤوس العلويين وأعمال العنف ضد المسيحيين وحتى مهاجمة المتمردين
السنة الذين تعتبرهم غير مبالين. هذا ما حصل في الرقة عندما قامت الدولة الإسلامية
في العراق وبلاد الشام بطرد بقية القوات المتمردة عن طريق الخطف والاغتيالات،
باستثناء كتيبة أحرار الشام في هذه المدينة المحررة. لقد وصل الأمر إلى درجة أن
إحدى الوحدات المحلية مثل أحفاد الرسول المقربة من الجيش السوري الحر حملت السلاح
ضد الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام منذ يوم السبت 10 آب.
بدأت
الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام بشن هجوم ضد القوات الكردية في سورية منذ
منتصف تموز على الرغم من أنها معارضة أيضاً لبشار الأسد. إن هذه الحرب داخل الحرب
الأهلية تُمثل تهديداً حقيقياً بتدويل هذا التهديد، فقد هدد الزعيم الكردي العراقي
مسعود بارزاني يوم السبت 10 آب بالتدخل للدفاع عن "إخوته الأكراد".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق