صحيفة الليبراسيون 8 آب 2013 ـ مقابلة مع
الباحث المختص بالشؤون الإستراتيجية والإرهاب فرانسوا هيزبورغ François Heisbourg
ـ أجرى المقابلة مارك
سيمو Marc Semo
سؤال:
كيف تنظرون إلى القرار الأمريكي بإغلاق حوالي عشرين سفارة دبلوماسية؟
فرانسوا
هيزبورغ: إنها مبادرة غير مسبوقة من حيث حجمها. من الصعب أن نعرف
بدقة على ماذا اعتمد هذا القرار لأنه في مثل هذه المواضيع: أولئك الذين يعرفون لا
يتكلمون، وأولئك الذين يتحدثون لا يعرفون شيئاً. ولكن من المفترض أن تكون الأخطار
جدية ومؤكدة نظراً لأن الفرنسيين والبريطانيين والألمان تصرفون بشكل موحد. على
الرغم من ذلك، من الممكن التساؤل فيما إذا كان الرد مناسباً وذكياً. يسعى
الإرهابيون عبر عمليات التفجير إلى إظهار قوتهم قبل أي شيء آخر، ويراهنون أيضاً
على الضجة الإعلامية المرافقة. إن نجاحهم بإجبار الولايات المتحدة على إغلاق 10 %
من سفاراتها الدبلوماسية بشكل مؤقت، يعني أنهم حققوا نتيجة مشابهة بدون زرع أية
قنبلة. تُمثل الشبكة الدبلوماسية رمز وحقيقة سيادة الدولة. إن إجبار أية دولة على
حرمان نفسها من هذه الوسيلة، وحتى لعدة أيام، ولاسيما في جزء كبير من العالم
العربي ـ الإسلامي، يُمثل انتصاراً. هذا هو الأمر الذي يزعجني، وليست مسألة جدية
أو عدم جدية المعلومات الاستخباراتية التي اعتمد عليها قرار إدارة أوباما.
سؤال:
لماذا هذه المبالغة بردة الفعل؟
فرانسوا
هيزبورغ: الفرضية الأكثر احتمالاً هي فرضية الآثار الناجمة عن
الهجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي العام الماضي ومقتل السفير الأمريكي،
الأمر الذي أثار فضيحة كبيرة في الولايات المتحدة، وتسبب بمصاعب جدية لإدارة
أوباما. عندما يواجه المسؤولون الأمريكيون الخيار بين إمكانية بنغازي جديدة من
جهة، وإغلاق 10 % من سفاراتهم الدبلوماسية من جهة أخرى، فإنهم يفضلون عدم المجازفة
إطلاقاً.
سؤال:
ما هو التهديد الذي يُمثله تنظيم القاعدة؟
فرانسوا
هيزبورغ: بالنسبة لـ "تنظيم القاعدة المركزي"
كما تُسميه أجهزة الاستخبارات الغربية، لم يعد موجوداً بشكل فعلي منذ سقوط نظام
الطالبان في أفغانستان عام 2011. لم يعد هناك مقر لهذا التنظيم، ولكن المجموعات
التي تحمل اسمه ازدهرت، ولاسيما مع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية (Aqpa) وتنظيم القاعدة
في المغرب الإسلامي (Aqmi) أو المجموعات المرتبطة به وتعمل في سورية والعراق حالياً. هناك
اختلافات حول تقدير خطورة المكونات المختلفة لتنظيم القاعدة. أشار نائب الرئيس
الأمريكي جو بايدن أثناء مؤتمر الأمن الدولي في ميونيخ في شهر شباط إلى أن هذه
المجموعات في الصحراء الإفريقية (الساحل) واليمن ما زالت تملك القدرة على إلحاق
الضرر، ولكن بشكل أقل بكثير مما كان عليه الحال قبل 12 عاماً. ولكن في ذلك الوقت،
كان تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي يُسيطر على شمال مالي، على الرغم من أن
التدخل الفرنسي غيّر المعطيات في الصحراء الإفريقية (الساحل). لا شك أنه تم إضعاف
تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية كثيراً في اليمن عبر عمليات الهجوم المتكررة
بالطائرات بدون طيار، وعبر تغيّر المعطيات السياسية في صنعاء بعد رحيل الرئيس علي
عبد الله صالح، واستيلاء السلطة على المناطق التي يُسيطر عليها الجهاديون. ولكن مع
المعلومات المتوفرة على الأنترنت، لم يعد هناك حاجة اليوم لوجود تنظيم مركزي والكثير
من الأعضاء من أجل ارتكاب عمليات تفجير كبيرة. تستطيع بعض المجموعات التخطيط
لعمليات جديدة وهي مرتاحة نسبياً عبر الاستفادة من الفوضى السائدة في سورية و
العراق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق