صحيفة اللوموند
31 آذار 2013 بقلم مراسلتها الخاصة في تونس إيزابيل ماندرو Isabelle
Mandraud
أكد
حمزة بن رجب (24 عاماً) أنه جمع 500 يورو وذهب بمساعدة "أحد الأصدقاء"
للانضمام إلى جبهة النصرة المجموعة الجهادية الأساسية في سورية، وقال أنها
"استقبلته بشكل جيد"، ولكنه لن يقول أكثر من ذلك. قام برنامج "ما
وراء الحدث" في تلفزيون الوطنية
التونسي يوم الخميس 28 آذار باستضافة هذا الشاب التونسي الذي أنكر تعرضه لـ
"غسيل دماغ". كان حمزة بن رجب جالساً على كرسي للمُقعدين، إنه مُعاق،
وكانت أخته غير المُحجبة تراقبه.
شعرت
عائلته بالفزع بسبب رحيله المُرتجل إلى سورية، وبذلت كل ما بوسعها لإعادته. بكى
شقيقه أمام عدسة الكاميرات، وقال والده غاضباً: "ما هذا الإسلام الذي يُرسل
ابني المُعاق للقتال؟". أمضى حمزة بن رجب أسبوعاً في إدلب التي وصلها عبر
ليبيا ثم تركيا، ولكن جبهة النصرة طردته في النهاية، وقال حمزة بن رجب: "لم
يوافقوا على بقائي".
هناك
عشرات الشباب التوانسة الذين تخلّوا عن كل شيء من أجل القتال ضد نظام بشار الأسد
وإكمال "واجب الجهاد". لقد اتسعت هذه الظاهرة في تونس لدرجة أن المحكمة
أعلنت بتاريخ 25 آذار عن فتح تحقيق حول "الشبكات" التي تُساعد هؤلاء
الشباب على الانضمام إلى المجموعات المسلحة، لأنه لا أحد يعتقد برحيلهم العفوي
والفردي. أكد وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو أمام البرلمان بتاريخ 27 آذار على
إنشاء "خلايا أزمة لمراقبة نشاطات الإرهابيين على الحدود وفي الأدغال لمواجهة
تصاعد التيار السلفي المتطرف". وأضاف أن "هذه الخلايا ستقوم بالتحقيق
أيضاً حول الشبكات التي تقوم بتجنيد الشباب للقتال في سورية". وفي يوم الجمعة
29 آذار، قال وزير الشؤون الدينية التونسي نور الدين الخادمي: "إن الدعم الذي
نُقدّمه للثورة السورية هو دعم إعلامي وسياسي وإنساني. إن أي تدخل خارجي قد
يُلحق الضرر بالثورة التي نرفض
تدويلها".
تزايدت الضغوط على الحكومة التونسية التي يقودها
حزب النهضة الإسلامي الذي يُشتبه بأنه يُشجع الشباب السلفيين على مغادرة تونس
والتخلص منهم. بدأت العائلات بخرق الصمت، وقدّم البعض ملفات إلى الاتحاد التونسي
لحقوق الإنسان بعد مشاهدتهم للمناظر المُرعبة في عشرات أفلام الفيديو على المواقع
الإلكترونية السلفية التي تُمجّد بالشباب التونسيين الذين ماتوا "شهداء"
في سورية. في بعض الأحيان، تعرف هذه العائلات بموت أحد أقربائها عبر مكالمة هاتفية
أو شريط مدمج CD يكشف وجه أطفالها أو إخوتها أو أقربائها بأسمائهم الحربية.
تشمل
هذه الظاهرة جميع الأوساط، وليس فقط سكان المدن والأحياء الفقيرة. عبّر ضابط كبير
في الجيش التونسي إلى صحيفة اللوموند دون أن يذكر اسمه عن حيرته بعد اختفاء ابن
أخيه بين ليلة وضحاها، وهو طالب عمره 23 عاماً، وقال: "يعمل أخي وزوجته في
الجيش. لم ينتبها إلى أي شيء. لقد غادر ابن اختي بشكل مفاجىء في شهر كانون الثاني،
ثم اتصل بوالديه بعد عدة أيام ليخبرهما بأنه في سورية وأنه على ما يرام. منذ ذلك
الوقت، ربما اتصل بهما مرتين أو ثلاث مرات، ولكننا نجهل فيما إذا كان على قيد
الحياة أو جريحاً أو ميتاً. إنه أمر مخيف لأن تصرفاته لا تعط أي إشارة لذلك".
قام (عبد الرحمن)، نقابي وناشط سابق من أجل القضية الفلسطينية، بتدريب الشباب
التونسيين في المخيمات اللبنانية سابقاً. هل خبرته هي التي جعلته يشعر بالخطر على
ابنه؟ قال (عبد الرحمن) بهدوء: "قام بعض السلفيين بزيارته عدة مرات.. وبدأت
أنا وزوجتي بالحديث معه".
عندما لا تتجه الشكوك إلى شبكات التجنيد لحزب
النهضة أو أئمة الجوامع، فإنها تتجه إلى شبكات التجنيد القطرية. أجرى الصحفي
المُستقل نور الدين بن حديد بتاريخ 30 كانون الأول مقابلة مع رئيس المجموعة
السلفية أنصار الشريعة (أبو إياد) الذي تبحث عنه الشرطة منذ الهجوم على السفارة
الأمريكية بتاريخ 14 أيلول 2012. دعا (أبو إياد) في هذه المقابلة التي منعتها
السلطات إلى عرقلة موجة رحيل الشباب التونسيين، لأنه كان يخشى من "مؤامرة
لإفراغ الساحة الجهادية التونسية من نخبها". قام موقع الأندلس الإلكتروني
التابع لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي بنشر هذه الدعوة من أجل "عدم ترك
تونس بأيدي العلمانيين". أكد نور الدين بن حديد أن (أبو إياد) يعرف أمير
تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي عبد المالك درودكال، وقال: "يبدو أنه لم
يتم احترام هذه التعليمات. الأسوأ من ذلك، هو انتشار الإشاعة في تونس حول رحيل
النساء الشابات من أجل الجهاد الجنسي لدعم المقاتلين". ولكن حمزة بن رجب ردّ
غاضباً: "إنها معلومات غير صحيحة، على الأقل بالنسبة لجبهة النصرة!".
ما
زال مجهولاً عدد الشباب التونسيين الذين ذهب معظمهم للانضمام إلى جبهة النصرة. أكد
رئيس الوزراء التونسي علي العريض أنه عاجز عن ذكر رقم محدد، وقال إلى صحيفة
اللوموند: "إنها مشكلة كبيرة. يترك هؤلاء الشباب البلد من أجل الدراسة
والسفر، ولكننا قمنا بمنع أولئك الذين كنا متأكدين من هدفهم"، وأضاف:
"قلّة نادرة منهم عادت إلى تونس، ولكنهم سيعودون شيئاً فشيئاً، ويجب أن نكون
حذرين". هناك خوف في تونس أيضاً من عودة هؤلاء المقاتلين الذين تنتظرهم
عائلاتهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق