صحيفة اللوموند
30 نيسان 2013 بقلم الباحث السياسي والمتخصص بشؤون الإسلام جيل كيبيل Gilles Kepel
أوضحت عملية التفجير في بوسطن مؤخراً وعمليات
الاغتيال التي قام بها محمد المراح في مدينة تولوز الفرنسية ضد جنود فرنسيين
وأطفال يهود في الفترة ما بين 11 و22 آذار 2012، أن الإيدلوجي الإسلامي السوري
مصطفى ست مريم نصّار المُلقّب بأبو مصعب السوري هو الذي وضع الأسس النظرية لمطالب
"المرحلة الثالثة من الجهاد" في كتاب بعنوان: "دعوة إلى المقاومة
الإسلامية العالمية". قام بنشر هذا الكتاب على الأنترنت اعتباراً من عام
2005، عندما أدرك فشل العمليات التي يُسيطر عليها تنظيم القاعدة بشكل مركزي، أي
فشل "المرحلة الثانية" للجهاد بإقامة "الخلافة الإسلامية" في
العراق. يعود تاريخ "المرحلة الأولى" إلى الجهاد ضد الجيش الأحمر في
أفغانستان خلال سنوات الثمانينيات.
وُلد
أبو مصعب السوري في حلب عام 1958، وشارك في جميع معارك الجهاد منذ انضمامه عام
1976 إلى صفوف الطليعة المقاتلة ـ الجناح العسكري للإخوان المسلمين السوريين. لقد
عايش المجزرة التي ارتكبها النظام ضد الإخوان المسلمين أثناء التمرد في حماة عام
1982. لجأ إلى فرنسا، واعتاد على الكتابات المتعلقة بالعالم الثالث. استقر في
اسبانيا عام 1985، وتزوج إمرأة يسارية مُلحدة اعتنقت الإسلام فيما بعد، وسمحت له
بالحصول على جواز السفر الأوروبي الذي سيُسهل له تنقلاته. انضم إلى الجبهة
الأفغانية على خلفية انسحاب الجيش الأحمر والتقارب مع المُنظّر الإيديولوجي لجهاد
"المرحلة الأولى" الفلسطيني عبد الله عزام الذي اغتيل في بيشاور عام
1989. بدأ بكتابة أفكاره في ذروة النزاع المدني الأفغاني، ثم عاد إلى الأندلس عام
1992، ودعم جهاد الجماعة الإسلامية الجزائرية المسلحة، ثم تحوّل إلى نقطة اتصال
لها لدى الجماعات الإسلامية في لندن (Londonistan)، ونشر فيها صحيفة بعنوان:
"الأنصار" التي أشاد فيها بالعمليات الحربية ضد "الكفار".
عاد
أبو مصعب السوري إلى أفغانستان عام 1996، وقام بتنظيم مواعيد بن لادن وإعداد
اللقاءات بين الصحافة العالمية والمُتمسكين بعقيدة "المرحلة الثانية من
الجهاد" مثل الظواهري. كان يشعر بالارتياب من العمليات الكبيرة التي قام
بإعدادها تنظيم القاعدة، وبدأ حينها بكتابة الجزء الأول من كتابه: "دعوة إلى
المقاومة الإسلامية العالمية". لقد تعززت قناعاته بعد وابل النيران الذي
انهال على تنظيم القاعدة بعد 11 أيلول 2001 وغزو أفغانستان وسقوط الطالبان، وأنهى
كتابه مُتشرداً في أفغانستان. تمت كتابة هذا الكتاب على صيغة كتاب إلكتروني (e-book)،
ويستطيع المُعتنقين الحصول على نصائح
"المختصر في الجهاد" عبر الأنترنت.
تم
القبض عليه في مدينة كيتا الباكستانية، وتسليمه إلى الأمريكيين. أشار محاموه إلى
أن الأمريكيين قاموا بتسليمه إلى السوريين عام 2007، عندما كان بشار الأسد يحظى برضى الغرب. أشارت مواقع
إسلامية "موثوقة" إلى أنه تم الإفراج عنه في نهاية عام 2011 مع بداية
الثورة السورية، وجهود النظام لزرع فيروس الجهاد داخل هذه الثورة بهدف إبعاد الغرب
عنها. أشارت بعض الإشاعات التي لا يمكن التأكد من صحتها إلى عودته إلى مدينة حلب،
باعتبارها إحدى معاقل التمرد القوية التي تُسيطر عليها جبهة النصرة، ولكن بدون
معرفة حجم دوره بالضبط.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق