صحيفة الليبراسيون
17 نيسان 2013 بقلم برنارد غيتا Bernard Guetta
رفضت
إيران مرة أخرى قبل عشرة أيام أية تسوية مع القوى العظمى حول برنامجها النووي. على
الرغم من ذلك، لم يلفت انتباه الجميع أن الدول الأعضاء الدائمة في مجلس الأمن
وألمانيا والجمهورية الإسلامية لم يقوموا بإيقاف مفاوضاتهم. إن استمرار هذه الأزمة
يجعلنا نميل الآن إلى التقليل من حجمها، ولكننا مخطئون. ما زالت هذه الأزمة خطيرة،
بل أكثر خطورة وإثارة للقلق، لأن إيران تنوي امتلاك القنبلة أو على الأقل القدرة
على إنتاجها، في حين أن الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل مُصممون على منعها، وأن
الصين وروسيا لا ترغبان برؤية ازدياد عدد القوى النووية. إنه نزاع جديد كامن في
الشرق الأوسط، وهو نزاع عسكري هام جداً، ونقترب منه بخطوات كبيرة لأن باراك أوباما
أكد منذ عدة أشهر أن الولايات المتحدة لن تسمح بنجاح البرنامج الإيراني. يعني ذلك
بوضوح أنه لن يتردد في قصف المواقع النووية الإيرانية في حال عدم نجاح الوسائل
الدبلوماسية بتوفير أي حل خلال الأشهر الإثني عشر القادمة، وهذه ليست مجرد كلمات.
بل على العكس، إنها تعني تحذير لا يجب تجاهله، نظراً لأن الولايات المتحدة لا
يمكنها الاستسلام والسماح للجمهورية الإسلامية بتغيير المعطيات الدولية، لأن ذلك
يتعلق بمصداقية الولايات المتحدة ورئيسها.
هناك أربعة أسباب تمنع الولايات المتحدة من
السماح لإيران بامتلاك القنبلة: الأول هو أن السعودية وتركيا والأردن ومصر ـ إذا
لم تصل إلى حالة الإفلاس حتى ذلك الوقت ـ ستعتبر فوراً أن أمنهم القومي يُجبرهم
على القيام بالشيء نفسه، وعندها، سيضم المستنقع الشرق أوسطي أربع أو خمس قوى نووية
بالإضافة إلى إسرائيل. السبب الثاني هو أن ذلك سيقضي على كل ما تبقى من جهود عدم
انتشار أسلحة الدمار الشامل. السبب الثالث هو أن السلاح النووي سينتشر عبر العالم
لدرجة أنه حتى المنظمات الإرهابية ربما تكون قادرة على امتلاكه. السبب الرابع هو
أنه إذا لم تتدخل الولايات المتحدة، فإن إسرائيل ستفعل ذلك، وسيكون ذلك وضعاً لا
يمكن السيطرة عليه أيضاً.
لا
يمكن للولايات المتحدة أن تبقى سلبية، لأن جميع حلفائها وفي مقدمتهم السنّة والدول
الآسيوية سيفقدون ثقتهم بالحماية الأمريكية، وسيتعرض باراك أوباما إلى انتقادات
شديدة حتى داخل الحزب الديموقراطي. إذا لم يقرر النظام الإيراني بعد الانتخابات
الرئاسية في شهر حزيران تقديم الضمانات بأن برنامج النووي سيبقى مدنياً فقط، ستكون
هناك حرب وشيكة مع عدة أسابيع من القصف، ولكن ما هي النتائج المحتملة لهذه الحرب؟
هناك
فرضيتان حول هذا الموضوع. الفرضية الأولى المُرعبة هي نزاع إقليمي سيُجبر الولايات
المتحدة على القيام بتدخل أرضي واسع. سيقوم حزب الله، الذي تقوم إيران بتسليحه
وتمويله ويُشكل دولة في ظل غياب الدولة اللبنانية، بإطلاق وابل من الصواريخ على
شمال إسرائيل التي سترد فوراً عبر التدخل في جنوب لبنان. من الممكن أن تقوم إيران
أيضاً بإغلاق مضيق هرمز الذي يمر فيه الجزء الأساسي من التجارة النفطية، بالإضافة
إلى قيامها بإطلاق موجة من عمليات التفجير في السعودية بفضل شبكاتها النائمة داخل
الأقلية الشيعية، وربما تُهاجم مباشرة بعض دول الخليج الصغيرة مثل قطر والبحرين
ذات الأغلبية الشيعية التي قمعها الحكم الملكي السني بقسوة منذ سنتين. سترتفع
أسعار النفط بشكل كبير، وستزداد حدة الأزمة الاقتصادية الغربية خطورة، وستُصبح هذه
الأزمة الإقليمية أزمة عالمية، ولهذا السبب، لا يعتقد القادة الإيرانيون بإمكانية
القصف الأمريكي، ولا يظهرون استعدادهم للتوصل إلى تسوية.
إن
الفرضية الثانية ليست أقل احتمالاً وربما تكون أكثر معقولية، ولكنها يجب أن تدفع
القادة الإيرانيين على التفكير بها ملياًّ. إذا كان يجب الوصول إلى القصف، فإنه لا شيء يمنع من القيام
بإجراءات وقائية. من الممكن أن يقوم الأسطول الأمريكي بالتمركز في مضيق هرمز، وأن
تنشر إسرائيل قواتها على الحدود اللبنانية. من الممكن أن يُفضل حزب الله حينها
المحافظة على نفوذه في لبنان بدلاً من الموت في سبيل إيران التي ستكون قدراتها على
الرد محدودة في نهاية المطاف. من المفترض أن يتعرض هذا النظام المعزول والمُهان
إلى الهزيمة، وأن يواجه بعدها الانقسامات الداخلية وغضب شعب يرفضه منذ وقت طويل،
وربما يستعيد هذا الشعب إيمانه مرة أخرى بقدرته على هزيمة النظام الإيراني. يمكن
الدفاع عن هذه الفرضية أو تلك. ولكن الخطأ سيكون بالاعتقاد أن الولايات المتحدة
ستبقى مكتوفة اليدين إذا استمرت المفاوضات بدون نتيجة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق